اقتصاديات

صندوق النقد يشيد بإصلاحات المغرب الاقتصادية ويحدد التحديات المقبلة


أصدر صندوق النقد الدولي تقريره حول الوضع الاقتصادي في المغرب لعام 2025، مشيدًا بتسجيل انتعاش اقتصادي ملحوظ، لكنه في الوقت ذاته حذر من تحديات لا تزال قائمة. وأثنى التقرير على جهود المغرب في ضبط الميزانية، التحكم في التضخم، وتعزيز الإصلاحات الجبائية، مع التشديد على ضرورة البقاء متأهبًا لمخاطر جيوسياسية ومناخية قد تؤثر على المسار الاقتصادي



نمو متسارع واستقرار مالي تحت السيطرة

يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في المغرب إلى 3.9% في 2025، مقارنة بـ 3.2% في 2024. ويعود هذا التحسن إلى انتعاش القطاع الفلاحي، وزيادة الاستثمارات، وتحسن الطلب الداخلي. أما التضخم، فيتوقع أن يستقر في حدود 2%، مما يعزز ثقة الأسواق ويضمن استقرار الإطار الماكرو اقتصادي.

لكن التحديات الخارجية لا تزال قائمة، حيث يبقى تأثير الأوضاع الجيوسياسية وتقلبات المناخ عاملاً رئيسيًا يؤثر على أداء القطاع الزراعي وجاذبية الاستثمارات الأجنبية.
تحسن في المالية العامة مع مواصلة ضبط العجز

ويُشيد التقرير بخفض العجز العمومي، الذي تراجع من 4.9% من الناتج الداخلي الخام في 2023 إلى 4.1% في 2024، مع توقع انخفاضه إلى 3.8% في 2025. ويعود هذا التحسن إلى ارتفاع العائدات الضريبية بفضل الإصلاحات الحكومية وترشيد النفقات العامة.

لكن صندوق النقد يحذر من أن تحقيق التوازن المالي يتطلب استدامة النمو الاقتصادي، مشددًا على أهمية الحفاظ على مسار تدريجي لتخفيض الدين العمومي دون الإضرار بالدينامية الاقتصادية.

سياسة نقدية متزنة وديناميكية استثمارية

أشاد التقرير بسياسة بنك المغرب الحذرة، حيث يستعد البنك للانتقال إلى نظام استهداف التضخم، ما سيمكنه من إدارة السياسة النقدية بمرونة وفق المعطيات الاقتصادية والاستثمارية. كما أن تعديل سعر الفائدة الرئيسي يتم بناءً على مؤشرات اقتصادية دقيقة، مما يساهم في توفير بيئة استثمارية مستقرة وداعمة للقطاع الخاص.

إصلاحات جبائية لدعم جاذبية الاستثمار

أبرز التقرير أن الإصلاحات الجبائية تسير في الاتجاه الصحيح، عبر توسيع الوعاء الضريبي، تبسيط الأنظمة الجبائية، ومواءمتها مع المعايير الدولية، مما يعزز جاذبية المغرب للمستثمرين ويشجع على الاستثمار الإنتاجي.

إلا أن الصندوق يرى أن المغرب مطالب بتسريع وتيرة خلق فرص العمل، عبر تسهيل ولوج المقاولات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل، باعتبارها محركًا أساسيًا لسوق الشغل. كما دعا إلى تعديل مدونة الشغل لمنح المزيد من المرونة للمقاولات، فضلًا عن تطوير برامج تكوينية لضمان توافق أفضل بين العرض والطلب في سوق العمل.

يبقى تحدي إدماج العمال الذين تأثروا بتراجع النشاط الزراعي أحد أكبر الرهانات المطروحة، إذ يتطلب إجراءات خاصة لتفادي تزايد الهشاشة الاجتماعية.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص: رافعة أساسية للاستثمار

يرى صندوق النقد الدولي أن تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص (PPP) يمكن أن يشكل محركًا أساسيًا لتسريع الاستثمار في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة، النقل، والتكنولوجيا الرقمية. لكنه شدد على ضرورة اعتماد مقاربة شفافة ومنظمة لضمان فعالية هذه المشاريع دون تعريض المالية العمومية لمخاطر مفرطة.

دور محوري لصندوق محمد السادس للاستثمار

أبرز التقرير الدور المتزايد لـ صندوق محمد السادس للاستثمار في دعم الإصلاحات الاقتصادية، من خلال توفير التمويل للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، توجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية، وتشجيع الابتكار لتعزيز الإنتاجية.

آفاق مشجعة و تحديات قائمة

يؤكد صندوق النقد الدولي أن المغرب يسير على مسار اقتصادي إيجابي في 2025، مع نمو متزايد واستقرار مالي محسّن. لكن الصندوق يشدد على ضرورة:

    تسريع خفض الدين العمومي لضمان استدامة الميزانية.
    تبسيط المساطر الجبائية والإدارية لتسهيل مناخ الأعمال.
    تعزيز الحوكمة المالية لضمان فعالية الإصلاحات الاقتصادية.

إذا كانت الإصلاحات التي تم إطلاقها بدأت تؤتي ثمارها، فإن متابعة دقيقة لتنفيذها تبقى ضرورية لضمان نمو مستدام وشامل. المغرب اليوم أمام مرحلة استراتيجية، حيث ينبغي ترسيخ المكتسبات الماكرو اقتصادية عبر إصلاحات هيكلية عميقة، مع التركيز على تقليل المخاطر الخارجية، تحديث النظام الضريبي، ودعم النسيج المقاولاتي لضمان اقتصاد قوي، مرن، ومبتكر.

الاقتصاد المغربي، صندوق النقد الدولي، النمو الاقتصادي، الاستقرار المالي، التضخم


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 28 فبراير 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic