وفي كلمة ألقاها بمسجد الإصلاح، انتقد الشيخ بنحمزة استيراد الفتاوى من سياقات مختلفة دون مراعاة الخصوصيات المحلية، معتبرًا أن لكل مجتمع ظروفه التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند إصدار الأحكام الشرعية.
واستشهد بالتاريخ الإسلامي الذي شهد اتخاذ قرارات تنظيمية تتعلق بالشعائر الدينية استجابة للظروف الراهنة، مثل تعليق الحج مؤقتًا في فترات انتشار الأوبئة، مؤكدًا أن السياسة الشرعية تتيح تكييف الأحكام الشرعية وفقًا للمصلحة العامة.
كما أوضح أن شعيرة الأضحية سنة مؤكدة وليست من أركان الإسلام، مما يعني أن تنظيمها أو تكييفها وفقًا للظروف الاقتصادية لا يمس جوهر الدين. وشدد على أهمية التمييز بين الفقه العام، الذي يقر بأهمية الأضحية، وبين السياسة الشرعية التي تراعي احتياجات المجتمع وإمكاناته الاقتصادية، لتجنب إثارة الجدل غير المنضبط الذي قد يؤدي إلى فهم مغلوط للأحكام الدينية.
وفي سياق متصل، حذر الشيخ بنحمزة من انتشار الفتاوى العشوائية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مشددًا على أن الإفتاء مسؤولية المجالس العلمية والمؤسسات الدينية الرسمية، وليس الأفراد غير المؤهلين. وأكد أن إصدار الفتاوى يتطلب وعيًا عميقًا بالسياق الاجتماعي والاقتصادي، وليس مجرد نقل للأحكام دون إدراك تداعياتها على المجتمع.
وأشار إلى أن القرارات المتعلقة بتنظيم الأضحية، في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، ليست بدعة مستحدثة، بل اجتهاد مشروع يندرج ضمن السياسة الشرعية التي تهدف إلى تحقيق مقاصد الشريعة، وليس فقط تطبيق النصوص بحرفية دون مراعاة الواقع. كما أوضح أن هناك فرقًا جوهريًا بين الفتوى، التي تُبنى على الاجتهاد الفقهي، والقرار السياسي الذي يستند إلى المصلحة العامة وفقًا لاعتبارات الدولة والمجتمع.
واختتم الشيخ بنحمزة حديثه بدعوة المسلمين إلى التعمق في دراسة الفقه الإسلامي وأصول السياسة الشرعية، لتجنب الوقوع في التفسيرات المتسرعة أو الانجرار وراء المزايدات الإعلامية. كما شدد على ضرورة أن تُبنى القرارات الشرعية على أسس علمية رصينة، تراعي المصالح العامة، وتحفظ الاستقرار، حتى لا تتحول الفتاوى إلى وسيلة لإثارة الجدل بدل تحقيق التوازن المطلوب في المجتمع