كتاب الرأي

لقاء الرياض ….هل هو إعادة ترتيب العالم من جديد .؟؟


مؤتمر يالطا انعقد بعد 80 عاما ، فبراير 1945م ادى الى انقسام العالم الى معسكرات ايديولوجية وسياسية ، فإن لقاء الرياض سيؤدي الى ارجاع العالم إلى أصوله الجغرافية والاجتماعية والثقافية ، فبراير 2025 م في ظل التحولات الجيوسياسية في العالم …؟؟؟



بقلم الدكتور مصطفى بلعوني، باحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية..

يعتبر لقاء الرياض لقاءا يشبه مؤتمرا مصغرا تحت اشراف المملكة العربية السعودية .وقد جمعت بشكل مباشر الولايات المتحدة الأمريكية  .والاتحاد الروسي .بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية. وهناك هيئات ملاحظة مثل هيئة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية  تم المجموعات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي إلى آخره . 
 
ان هذا اللقاء يدخل في إطار توقيف الحرب الساخنة التي عمرت اليوم أربعة سنوات دون نتيجة تذكر أنها سوف تؤثر على السلم العالمي من جديد ..فيما يخص النقطة المحورية في هذا اللقاء هو  الحرب الروسية-  الأوكرانية  .هذه الحرب المباشرة تم هنالك الدعم الغير المعلن لكلا الأطراف المتحاربة .
 
أوكرانيا مدعمة من طرف حلف الناتو دون المشاركة فيها مباشرة 
تم روسيا مدعمة من طرف دول جنوب شرق آسيا دون الإعلان عن ذلك .إذا أردنا أن نحلل الوضع العالمي سياسيا واقتصاديا ، هل هو مازال يعاني من الحرب الباردة خاصة بالمقارنة مع المرحلة الزمنية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية .والتي كانت فيها الدول المتحالفة لا يجمعها أي رابط سياسي أو أيديولوجي أو عقدي أو فكري .  العامل المشترك  هو القضاء على عدو مشترك وهو النازية والقضاء على طموحات الألمان وهتلر الذي طالب بالمجال الحيوي لألمانيا واعتبر الجنس الآري أرقى الأجناس ولهذا جر عليه كل  المتحالفين برزت فيهم كذلك  التناقضات المذهبية والإيديولوجية والسياسة بعض القضاء عليه  .ففي هذه الفترة أن المتحالفين بالأمس أصبحوا أعداء اليوم. 
 
غير أن  مؤتمر يالطا الذي جمع المنتصرين في الحرب العالمية الثانية .في أوكرانيا على ساحل البحر الأسود ما بين 4  و11 فبراير  سنة 1945. وهو أطول ندوة على شكل مؤتمر  حضرها الزعماء هم  ستالين زعيم الاتحاد السوفييتي .وروزفلت زعيم الولايات المتحدة الأمريكية و ويسطون  تشرشل رئيس وزراء المملكة المتحدة .حيث ظهرت تناقضات كبرى بين المجتمعين .أن حلفاء الأمس اختلفوا اليوم حول القضايا الكبرى خاصة إعادة ترتيب الدول عالميا من جديد في إطار تقسيم دولي للعمل وتأسيس هيئة أممية وإلغاء عصبة الأمم التي فشلت في تأدية مهامها . .تم اختلفوا حول العقوبات الاقتصادية والسياسية لألمانيا. تم قضية تعمير أوروبا المدمرة من طرف الحرب ، والنتيجة ،  خرج العالم مقسم إلى قسمين أو إلى معسكرين .معسكر شرقي ومعسكر غربي.
 
المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي والذي سوف يؤسس لحلف عسكري هو حلف وارسو .سنة 1955 .الذي سمي بهذا الاسم عقب مؤتمر فارسوفيا ببولندا والذي جمع الدول بأوروبا الشرقية  بالإضافة إلى الاتحاد السوفيتي ،بولندا ورومانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا .والمجر أو وهنغاريا والبانيا وألمانيا الشرقية بعد تقسيم ألمانيا .إلى دولتين.
 
أما المعسكر الغربي فيضم فرنسا وإنجلترا وبلجيكا وهولندا وألمانيا الغربية وكندا والبرتغال و اسلاندا  والدنمارك  بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية .وأسس حلف الناتو سنة  1949 يسمى حلف شمال الأطلسي  ليواجه الخطر الشيوعي كما سماه آنذاك ، واتخذ العاصمة البلجيكية مقرا دائما له.
 
وفي السياق ذاته تم تأسيس هيئة الأمم المتحدة  للحفاظ على السلم والأمن العالميين وتم هيكلتها وإعطاء صلاحيات تنفيذية وتقريرية لمجلس سمي بمجلس الأمن الدولي من خمسة عشر دولة عضوا ،  يوجد به خمس.دول.دائمة العضوية .هي  الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وإنجلترا والصين وقد منحوالأنفسهم حق الاعتراض على القرارات ،أما العضوية الخامس عشر تكون دورية حسب المجموعات القاربة.
 
أما قضية إعادة تعمير أوروبا المدمرة من الحرب فقد اقترحت الولايات المتحدة مشروعا تمويليا سمي بمشروع مارشال لمنح  قروضا طويلة الأمد لأوروبا مجتمعة .فقد قبلته أوروبا الغربية ورفضت أوروبا الشرقية. وهنا يسدل الستار نهائيا على التعاون الدولي الذي جمع المتحالفان في الحرب العالمية الثانية.
 
هكذا سقطت أوروبا الغربية في أحضان الإمبريالية الرأسمالية للولايات المتحدة الأمريكية وأصبحت التبعية اقتصاديا وماليا تم سياسيا ..
 
كما ذهبت أوروبا الشرقية في مذهب المنهج الاشتراكي الشيوعي. 
واستطاعت أن تنقذ  أوروبا الشرقية بواسطة التخصص في العمل وفي المشاريع  الاقتصادية .
 
أما الدول الأخرى فقد أعلنت متلا  سويسرا الحياد .ودول أخرى أعلنت عدم الانحياز والذين اجتمعوا في مؤتمر باندونغ بإندونيسيا  سنة 1955 الذي حضره ثلاثة زعماء ينتمون إلى العالم الثالث هم جواهر لا نهرو رئيس دولة  الهند و المارشال تيتو رئيس الاتحاد اليوغسلافي وجمال عبد الناصر رئيس .جمهورية مصر العربية  خرجت منظمة عدم الانحياز وضمت الدول الحديثة في الاستقلال. أن لقاء الرياض يختلف من حيث مخرجات هذا اللقاء بأن روسيا الاتحادية المشاركة في اللقاء لم تكن حليفة للولايات المتحدة بل  تعاكسها .وتتنافس معها حول مناطق النفوذ .لكي تتنازل أوكرانيا على مطالبتها بالانضمام إلى الناتو ..تم تجريدها من السلاح .وتصبح دولة لا تهدد الاتحاد الروسي .وأن تتخلى الولايات المتحدة على دعمها.
 
أن الصراع الروسي الأوكراني اليوم   صراعا ليس تقني  بل صراعا  أيديولوجيا يتخذ من اللغة والتاريخ لإعادة مرفولوجية المجتمع.حول الهوية والانسية .والرموز الدينية والإرث التاريخي معطى أساسي لهذه الحرب التي يجهل مغزاها الكثير من المهتمين أو الساسة .
 
أن لقاء الرياض يختلف عن لقاء ياطا .في كثير من الأمور منها أن الولايات المتحدة كانت متحالفة مع الاتحاد السوفييتي في الحرب  العالمية الثانية .والآن تختلف معها في إطار حرب أوكرانيا . غياب كل الدول المتحالفة في الحرب ضد روسيا .لا تشارك في لقاء الرياض .
 
لقاء الرياض يريد تحييد أوكرانيا ويجعلها دولة منزوعة السلاح ومحايدة أي لاعلاقة لها بحلف الناتو لأن روسيا تعتبرها العمق الاستراتيجي لها في اوروربا للحفاظ على مجالها الحيوي وخاصة انها تراقب المياه الدافئة في البحر الأسود  الصالحة  طول السنة للملاحة البحرية .
 
ومن جهة أخرى تعتبر أوكرانيا خزانات استراتيجية من الحبوب أي السلاح الأخضر. تم احتوائها على أكثر من 22 معدنا حيويا نادرا تحتاجه التكنولوجيا الدقيقة او المجالية أو الخضراء اليوم ولهذا لا يمكن ان تفرط روسيا في هذا العمق الاستراتيجي  بالاضافة الى الولايات المتحدة التي تريد أن  تحتفظ بعلاقات مميزة مع الروس والاوكران على حد سواء  وبالتالي تهميش الاتحاد الأوروبي وبالأخص فرنسا وألمانيا لكنها تحتفظ بعلاقات تحالفية مع المملكة المتحدة أي بريطانيا . .
 
أما الرياض فإذا نجحت في تدبير ملف هذا اللقاء فسوف ترتفع اسهمها على المستوى الدولي وبالتالي سوف تستغل هذه المعطيات من أجل تسوية قضية الشرق الأوسط وخاصة الصراع العربي الإسرائيلي أو ايجاد حلول للقضية الفلسطينية في إطار الشرعية الدولية والقرارات الأممية وقرارات مجلس الأمن الدولي لقيام الدولة الفلسطينية في حدود 1967 م .
 
وحل مشكل التعمير وإعادة التعمير لقطاع غزة بتمويلات عربية - عربية .والدفع بالتخلي عن نظرية الأبعاد التي تحاول الولايات المتحدة التشبث بها لسكان قطاع غزة .أن مخرجات لقاء الرياض  سوف يؤدي إلى  توقف الحرب وتبقي أوكرانيا دولة محايدة في حدودها الترابية قبل الحرب ..
 
وسوف يؤثر اللقاء الرياض على الوضع السياسي في الشرق الأوسط تم  يؤدي إلى أقلمة إسرائيل..وتبق غزة في مجالها الترابي .
 
إذا كان لقاء يالطا انعقد بعد ثمانين سنة .وأثر  على الترتيب العالمي للدول ، ايديولوجيا وسياسيا وعسكريا ،.واقسم العالم إلى معسكرات …فإن لقاء الرياض سوف يؤدي الى ارجاع العالم إلى أصوله الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية..في السلم ووحدة الشعوب وهذا. ماوصلنا له في هذا التحليل ، ثم نبذ النعرات الطائفية واحترام حقوق الأقليات .تم انه سيؤدي الى التحالف الولايات المتحدة مع الاتحاد الروسي مستقبلا وأن روسيا سوف تتنصل من دعمها لدول جنوب شرق آسيا مثل كوريا الشمالية والصين ..والولايات المتحدة الأميركية سوف تتنصل تدريجيا من الدول الأوروبية. وتتوسع أمريكا شمال الأطلسي وروسيا جنوب البلطيق ..وبالتالي يقودون العالم مشتركين .هذا هو التوجه الآن وهذه هي الإرهاصات الأولى التي ظهرت من خلال المواقف الأمريكية  له خاصة الموقف من أوكرانيا  تم الموقف من مؤتمر أوروبا  لدعم أوكرانيا حاليا .
 
سوف يكون مخالفا لتوجهات لقاء يالطا الذي كانت تؤثر عليه الحرب الباردة  أما الآن المؤثر هو العولمة وتداعياتها  في إطار حقبة جديدة من التحولات الجيوسياسية في العالم ../. انتهى 
 
 
 
 
 
  

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 17 مارس 2025

              















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic