كتاب الرأي

عطاءات علال الفاسي المستمرة لا تتوقف سواء أثناء وجوده أو أثناء غيابه خدمة للوطن وللحزب …؟؟

يقول علال الفاسي "لايمكنني أن أموت قبل أن أموت "


تشير كثير من الدراسات والأبحاث والخلاصات لمؤرخين وباحثين مختصين في العلوم الاجتماعية والسياسية وفي التاريخ الراهن والمعاصر على أن الأزمة التي تعرض لها حزب الاستقلال كانت أكبر حدث أسود في تاريخ المغرب في مرحلة الاستقلال وهي انشقاق الحزب سنة 1959.بموجب حركة 25 يناير 1959 تيار مناوئ للحزب الذي قادها المنشقين وخاصة القادة البارزين في حزب الاستقلال آنذاك وأعضاء مجلس رئاسته و مجلسه السياسي الأعلى. وكذا الانشقاق ان يعصف بالحزب ويجر الحصير من تحت أقدام القادة التاريخيين الذين سمتهم هذه الحركة التقليديين والمحافظين أو الرجعيين والذي لا يستطيعون مسايرة طموحات الحزب وقواه الحية المتحمسة وخاصة التيار النقابي وتيار جيش التحرير والتي خرجت كلها من مرحلة معركة التحرر الوطني والاستقلال حبلى بأفكار النصر والتمكين للمنشقين حسب معتقداتهم و رأيهم لبناء مغرب مغاير واتهمت القيادة التاريخية بالعجز عن مسايرة التطور وإدماج هذه التيارات والاقتراحات والمبادرات التي حملتها كفلسفة التحرر الوطني إلى الحزب والقيام بالمؤتمر الخامس لاحتضانها عام 1959م .ولهذا أسس المنشقون المجموعات المتحدة لحزب الاستقلال .بعدما أرسلوا دورية إلى الأقاليم يحرضون فيها على القيام بانتفاضة داخل الحزب وكادوا أن ينتصروا على الحزب وأن يستحوذ على الحزب وعلى كل مفاصله وأجهزته وقواه ومكوناته وهياكله ومقراته واستقبلوا تيارات شبابية وفكرية ونقابية كثيرة .



بقلم الدكتور: مصطفى بلعوني، باحث متخصص في التاريخ الراهن والمعاصر

لكن ذلك  لم يتحقق لهم بسبب  شخصية علال الفاسي الفذة و القوية والممتدة .ولها إشعاع كبير في كل الأوساط .ولها تأثير كاريزمي كبير جعلت القوى المناوئة أو المنشقة تفشل في استقطاب الاطر و الجماهير الملتفة حول علال الفاسي والتي جعلت علال الفاسي  يضع سؤالا على الاستقلاليين وهو  هل تريدون حزب الاستقلال بزعامة علال الفاسي ؟ام تلتحقون  بالمنشقين .؟ وهكذا بدأت برقيات الدعم والمساندة تصل تباعا إلى المركز العام لحزب الاستقلال بباب الحد بالرباط والتشبث بالحزب وعلال الفاسي وتقاطرت الوفود التي جاءت معبرة عن جميع نواحي المغرب ممثلة  لجميع الفروع الحزبية موالية   للحزب من جميع أنحاء الوطن .مما جعل علال الفاسي يؤسس لجنة العمل واليقظة التي ضمت جميع ممثلي الفروع الحزبية ومفتشي الحزب الذي انحاز اثنان من  المنشقين من أصل عشر مفتشين . وترأس علال الفاسي المجلس الأعلى للحزب الذي يضم المفتش العام للحزب أبو بكر القادري والمدير العام .وأعضاء من اللجنة السياسية هم قاسم الزهيري ومحمد بوستة ومحمد الدويري وعبد الكريم غلاب .حيث كلف المفتش العام الذي كان يمثل  جهازا قويا وهو أداة مفكرة وتنظيمية  قوية هاضمة للتنظيم الحزبي وعارفة بكل مخرجاته مما سهل على المفتش العام يقوم  بعملية التواصل مع الفروع ومع المفتشيات وتكوين لجان إقليمية ومحلية من العمل واليقظة كما وزع علال الفاسي المهام على الأطر التي تساعد المفتش العام حيث  تم تكليف محمد بوستة بكل ماهو حقوقي وقانوني وسياسي .وكلف محمد الدويري بكل ما هو نقابي مهني ووظيفي  وكلف عبد الكريم غلاب كل ما هو ثقافي فكري وأدبي .و قاسم الزهيري كل ما يتعلق بالعمل الحزبي والسياسي للإدارة المركز العام للحزب وأعطى علال الفاسي التعليمات والتوجيهات لمراسلي العلم والرأي أن يفضحوا المتآمرين وأعمالهم في الأقاليم.   

وهكذا تجند هؤلاء للقيام بهذا العمل من أجل الحفاظ على قوة الحزب والقيام بثورة واستقطاب  مضاد  .وكان ذلك تحت تدبير المفتش العام للحزب وأشرف على ذلك علال الفاسي .ولم تستطع حركة 25 يناير أن تنال من الحزب شيئا حتى  جميع الممتلكات والمقرات الحزبية والمطابع وجريدة العلم والرأي والأيام والصحراء .كلها كانت تحت مقاليد الحزب .وفشلت حركة 25 يناير مما أدى بهم الأمر إلى تأسيس حزب آخر. .

أن لجنة العمل واليقظة أعطت أكلها ونتائج إيجابية لم تنل الدسائس والمؤامرات أن تنال من الحزب لأن علال الفاسي شكل حاجزا وقائيا للحزب بعمله وتدبيره لهذه المعركة التي وظف لها من خيرة الأطر الحزبية وكانت تسير من طرف المفتش العام للحزب أبو بكر القادري. واستطاع الحزب إرجاع عافيته وبدأ الانسحاب من نقابة الاتحاد المغربي للشغل التي كانت الذراع القوي للمنشقين  فقد انسحب ما يسمى الموالين لعلال الفاسي بالمئات .الذين انسلخوا وبدؤوا يتكتلون لتأسيس نقابة بديلة تابعة لحزب الاستقلال برئاسة علال الفاسي وشنت  جريدة العلم والرأي هجوما كبيرا على رئيس الحكومة عبد الله إبراهيم ومن هنا أصبح الطلاق الذي لارجعة فيه .بين الإخوة في الحزب  بالأمس والأعداء اليوم خارج الحزب .أن شخصية علال الفاسي جعلت الحزب يبقى واقفا بكل اجهزته  بالإضافة إلى أن علال الفاسي قام بإعادة التأسيس والترميم للحزب كما وضع أيديولوجية الحزب الواضحة المعالم  من مرجعية ذات أصول اجتماعية وثقافية أصيلة ذات خصوصيات مجتمعية  ومتجددة وهي منهج الاستقلالية الذي اعتمد فيه على التعادلية الاقتصادية والاجتماعية .وعلى قيم الوطنية وثوابتها منها الانتماء إلى الوطن الواحد والدفاع عن الوحدة الترابية .والوسطية  في الإسلام  كل ذلك في دائرة النظام الملكي الدستوري  . 

أن علال الفاسي متشبث بالوحدة الوطنية والترابية ويعشقها عشقا صوفيا بالإضافة إلى الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية. هذا ما جعل علال الفاسي طوال حياته يعمل باستمرار بدون ملل أو كلل .وهو صاحب مقولة" لا يمكنني أن أموت قبل أن أموت "

بيد أن علال الفاسي أعطى الشيء الكثير للحزب ولم يستفد منه واستمرت عطاءاته سواء اثناء وجوده أو أثناء  غيابه عندما ترك وصية هبة أن جميع الممتلكات باسمه يجب أن تنتقل  إلى الحزب وهي الآن يستفيد منها ،كان الرجل  متعففا أعطى الكثير للحزب وواجه صعوبات في الليالي الحالكات دفاعا عن الحزب ولم يتنازل على مبادئه قيد انملة لأنه متشبع بالحزب لان هذا العمل في منظور علال الفاسي فيه كل الخير ولهذا قام بتقويته تنظيميا وماليا وماديا جعل له ممتلكات وعقارات يستفيد منها الحزب .وكلها تمت  نقلها كأرث باسم  الحزب وهو يستفيد منها الآن ..في شكل مداخيل واكرية ،ولهذا يمكن القول أن الحزب استفاد من علال الفاسي وهو على قيد الحياة كما يستفيد  منه الآن وهو في دار البقاء وهذه خصلة نادرة في الرجال الا الرجال العظماء الكبار الذين حباهم الله  التعفف والكبرياء والنخوة والشهامة والشجاعة التي تعني العطاء والسخاء ، على كافة الأصعدة والمستويات لم يطمع في  أي شيء في مغرب الفراغ آنذاك  او استغل الحزب لإثراء   ،عندما خرجت إدارة الحماية الفرنسية ،لكن علال الفاسي  كان الوطن هواجسه والمصلحة العليا  فوق كل اعتبار. وهؤلاء هم العظماء والأفراد الذي يخلدون اسماءهم ويذكرهم التاريخ ويعترف بهم الفضلاء .والمخلصين من أبناء هذا الوطن .سيبقى الاستقلاليون والخيرين  من هذا الوطن يرددون" زعيمنا السياسي هو علال الفاسي " بكل المعاني والدلالات والخصال الحميدة التي تميز بها الرجل ، استقلاليون مدينون لعلال الفاسي .
إذا كان الحزب اليوم شامخا وكبيرا بفضل العطاء المستمر لعلال الفاسي فكريا وأدبيا وماديا كمؤسس لهذا الحزب الذي هو عمره الآن ثمانين عاما  يجب أخلاقيا وأدبيا  الحفاظ عليه وعلى كيانه وعلى ثراته  .وهذا لا يتأتى إلا بالاعتراف  بالمخلصين من  رجالاته  وعلى رأسهم الزعيم علال الفاسي ،الذي ما زال عطاؤه مستمرا إلى اليوم يحلحل الأزمات ويقوي الحزب ونربح به بواسطة ارته الرهان .

أن رسالة علال الفاسي أثناء تدبيره للحزب في وقتها أثناء  حضوره أو أثناء  غيابه مازالت رهنا في عنق المحدثين من أبنائه للحفاظ عليه والزيادة في رأسماله الرمزي والمعنوي فإن قضاياه التي ناضل من أجلها وماخلف لها   من ممتلكات  ستظل خالدة إلى اليوم .بالرغم من المحن التي تعرض لها هذا الرجل القوي وهو يدافع على الوطن فإن  سلامة فكره وسلامة جسده وحيوية ضميره الحي وثقافته الواسعة ،جعلته متعففا وانسان متواضع جعل من شعار الكل للواحد والواحد للجميع ..؟؟ مبدأ ثابتا في نهجه ومنهجه وفي سيرورته التي لاتنتهي بالعطاء فكرا ومادة وهذا مانراه اليوم ../.

وأختم هذا المقال  بما أنشده علال الفاسي :  هكذا همة الرجال تكون ….؟! 

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 12 مارس 2025

              















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic