استمع لهذه القصيدة الموسيقية / عدنان بن شقرون
أولئك الذين ما زالوا يحبون القراءة
يَا شَهْرَ نُورٍ تَجَلَّى فِي الدُّجَى أَمَلًا
فِي كُلِّ لَيْلٍ لَكَ الأَسْرَارُ وَالْعَمَلُ
هَاهُوَ دَمْعُ الْفِرَاقِ الْحُرُّ يَنْهَمِرُ
وَالْقَلْبُ يُقْسِمُ: "هَذَا الْوُدُّ لَا يَذْبُلُ!"
مَا بَيْنَ أَنْفَاسِنَا أَلْفُ انْكِسَارِ نَوًى
وَفِي الرُّكُوعِ دُعَاءٌ سَاهِرٌ خَجِلُ
رَمَضَانُ يَا ضَيْفَنَا الْمَعْصُومُ مُنْسَحِبًا
رِفْقًا! فَإِنَّ فُؤَادَ الْعَاشِقِ يُبْتَهَلُ
جِئْتَ عَلَى شَوْقِ أَيَّامٍ مُبَرْعِمَةٍ
وَالْآنَ تَمْضِي وَفِي الأَجْفَانِ مُقْتَتَلُ
هَذِي لَيَالِيكَ لَمْ تَزْدَدْ سِوَى نَفَسٍ
فَكَيْفَ فَارَقْتَنَا؟ وَاللَّهُ يَسْتَبْدِلُ
كُنْتَ الضِّيَاءَ لَنَا، وَالْعِطْرَ فِي قُبَلٍ
وَالطَّهْرُ يُورِقُ فِي الْأَرْوَاحِ وَيَكْتَمِلُ
مَا بَيْنَ آيَاتِكَ الْغُرِّ الْتِي انْبَثَقَتْ
تَهْطِلْ عَلَى نَفْسِنَا الأَذْكَارُ تَبْتَهِلُ
إِنْ كَانَ عُذْرِيَ كَسَلِي وَتَقَصِّرِي
فَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا نَخْفَى وَمَا نَسْأَلُ
فَاقْبَلْ صِيَامًا وَقِرْآنًا وَمُغْفِرَةً
وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ لِذِكْرِ اللهِ يَشْتَغِلُ
رَمَضَانُ! لَا تَغْضَبَنْ، إِنَّا عَلَى خَجَلٍ
وَفِي النُّفُوسِ أَمَانِيٌّ سَتَتَّصِلُ
أَنْزِلْ عَلَى قَلْبِنَا رِضْوَانَ رَاحَتِهِ
وَاكْتُبْ لَنَا عِتْقَنَا، فَالْخَوْفُ مُشْتَعِلُ
نَسْأَلْكَ الرِّفْقَ إِذَا مَا أَنْتَ مُنْصَرِفٌ
وَالدَّمْعُ بَيْنَ دُعَاءِ الْقَوْمِ يَنْسَكِبُ
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ وَاهْدِ الْقَلْبَ إِنْ نَدِمَا
وَصَلِّ رَبِّي عَلَى الْمُخْتَارِ مَنْ أُرْسِلُوا
هذا القصيد هو مناجاة روحية لرمضان، ذلك الزائر السماوي الذي يُقبِل بالأنوار وينصرف بسرعة، تاركًا في القلب حسرة الفراق ودموع الوداع.
يخاطب الشاعر الشهر المبارك بنداء رقيق، راجيًا منه الترفق قبل الرحيل، فقلوب العاشقين ما زالت عطشى للصفاء والمغفرة. يصف كيف مرّت أيامه كالحلم، محمّلةً بالأذكار والصلاة والسكينة، لكنه أيضًا يعترف بالتقصير والكسل، مستشفعًا برحمة الله وعفوه. تتكرر في الأبيات دعوات للقبول والعتق من النار، وتمنٍّ أن يكون رمضان شاهداً لنا لا علينا. يحمل النص مشاعر مختلطة من الحب، والندم، والرجاء، مؤكدًا على أن رمضان ليس مجرد أيام معدودات بل فرصة للتطهر والعودة إلى الله. وفي ختامه، يُرفع الدعاء إلى الله أن يتقبل الأعمال، ويُصلي على النبي الكريم، وكأن القصيدة سجدة أخيرة تُختتم بها رحلة روحانية فريدة.