حرر من طرف عدنان بنشقرون
منذ أغسطس الماضي، تمكّن زوار الكنيسة من التفاعل مع صورة افتراضية للمسيح تعمل بالذكاء الاصطناعي، قادرًا على التحدث بمئة لغة. وُضع هذا "المسيح الرقمي" داخل كرسي الاعتراف للإجابة في الوقت الفعلي على أسئلة الزوار. شارك نحو 1000 شخص من ديانات مختلفة في هذه التجربة الفريدة. وأوضح ماركو شميت، اللاهوتي القائم على المشروع، أن الهدف كان دراسة كيفية تفاعل الناس مع هذه التكنولوجيا: ما المواضيع التي يطرحونها على المسيح الرقمي؟ وكيف يمكن أن تؤثر هذه التجربة على إيمانهم؟
رغم أن ثلثي المشاركين وصفوا التجربة بأنها غنية روحيًا، فإن هناك انتقادات برزت، حيث رأى البعض أن المحادثات كانت تفتقر إلى العمق، مما يبرز قيود الذكاء الاصطناعي التقنية. تعكس هذه الآراء المتباينة الصدام بين الحساسيات المختلفة بشأن إدماج التكنولوجيا في المجالات الروحية.
تأتي هذه التجربة ضمن سلسلة من المبادرات التي تنفذها الكنيسة بالتعاون مع مختبر جامعي لاستكشاف تقنيات غامرة مثل الحقيقة المعززة والافتراضية. إلا أن تقديم صورة دينية افتراضية يعد خطوة غير مسبوقة، أثارت فضولًا وارتباكًا. وقد تم تدريب الذكاء الاصطناعي على نصوص لاهوتية لضمان توافق الإجابات مع العقيدة المسيحية، لكن تبقى هناك مخاوف من الأخطاء المحتملة أو الرسائل غير المناسبة.
ورغم الاختبارات المسبقة، أثارت المبادرة تساؤلات أخلاقية: هل يمكن تفويض الروحانية إلى آلة؟ هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يجسد الحكمة الإلهية فعلاً أم أنه مجرد انعكاس بارد وغير حيوي للأسئلة البشرية؟
يرى البعض في هذه التكنولوجيا تحديثًا ضروريًا يمكن أن يجذب الأجيال الشابة إلى المؤسسات الدينية. بينما يدين آخرون هذا الابتكار باعتباره تبسيطًا للأمور المقدسة، وربما تجديفًا تكنولوجيًا. إن رسم حدود بين احترام التقاليد والتكيف مع الواقع المعاصر يظل تحديًا دقيقًا.
سيعتمد مستقبل هذه المبادرات على قدرة المؤسسات الدينية على تنظيم هذه الأدوات التكنولوجية وتجنب الانحرافات المحتملة. لكن الأمر المؤكد هو أن البحث عن الروحانية، سواء بالطرق التقليدية أو الرقمية، يظل احتياجًا إنسانيًا عالميًا.
أما إذا أُجريت تجربة مشابهة في مسجد، فمن المحتمل أن تثير جدلاً كبيرًا بين المسلمين. إن إدخال ذكاء اصطناعي يمثل شخصية دينية مثل النبي محمد (ﷺ) أمر غير مقبول في الإسلام، حيث تحرم النصوص الدينية تصوير الأنبياء للحفاظ على قدسيتهم وتجنب أي شكل من أشكال الوثنية.
يولي المسلمون أهمية كبيرة لاحترام التقاليد وحفظ التعاليم الروحية بصورتها الأصلية. لذلك، قد يُنظر إلى مبادرة كهذه على أنها انتهاك جسيم للقيم الإسلامية. ومن المرجح أن يرفضها العلماء والمؤسسات الإسلامية ومعظم المسلمين باعتبارها إساءة إلى المقدسات.
مع ذلك، قد يرى بعض التوجهات التقدمية في هذه التكنولوجيا أداة تعليمية لنقل مبادئ الإسلام إلى الأجيال الشابة المتصلة بالإنترنت. وربما يفتح ذكاء اصطناعي مدرب على النصوص القرآنية والحديث الشريف نقاشًا حول دوره التعليمي. لكن الأغلبية ستفضل الأساليب التعليمية التقليدية لتجنب أي تحريف أو تقليل من قدسية الدين.