أمام محطة الوقود بالرباط ، يجلس قيس طفل ذو 12 عاما، من الساعة 7 صباحا حتى ساعات متأخرة من الليل لبيع السجائر وعلب العلكة وحيدا أمام مهمته الشاقة التي كلف نفسه بها مقابل دراهم معدودة، طفل بريء يواري وراء حزن عينيه الدامعتين حقده وحزنه على الظروف التي منعته من الدراسة وفرضت عليه أن يتسكع بالشوارع ويتذرع الألم بأشعة الشمس الحارقة بقدميه المتسختين وملابسه المتمزقة، في الوقت الذي يحلم أن يكون مثل أقرانه في صفوف الدراسة بعد أن تركها من أجل جلب المال بهذه الطريقة القاهرة وبالتسول في الشوارع.
يفترش قيس كارطونة في مقبرة الشهداء بالرباط، بعد أن هاجر أحد "دور الرعاية" بالمملكة، إلى جانب عدد كبير من الأطفال المتسولين وآخرون يعملون بأجور زهيدة جداّ، فتلازمت حياتهم البائسة مع الموتى في المقابر بسبب معظم الأسر التي تدفع أولادها للعمل ( غسل السيارات، مسج زجاج السيارات بالمعابر الطرقية، التسول، بيع السجائر، بيع الورود......).
يفترش قيس كارطونة في مقبرة الشهداء بالرباط، بعد أن هاجر أحد "دور الرعاية" بالمملكة، إلى جانب عدد كبير من الأطفال المتسولين وآخرون يعملون بأجور زهيدة جداّ، فتلازمت حياتهم البائسة مع الموتى في المقابر بسبب معظم الأسر التي تدفع أولادها للعمل ( غسل السيارات، مسج زجاج السيارات بالمعابر الطرقية، التسول، بيع السجائر، بيع الورود......).
الأمهات يقفن وراء تشجيع الأطفال على ممارسة التسول
بمحطة "الطرامواي" بالمدينة العتيقة الرباط، امرأة بطفلين يتجولن على طول سكة الطرامواي يحاولون بيع المناديل اليدوية والورود، تقول الأم "فاطمة الزهراء" في تصريح ل " العلم" أنها فرضت على أبناءها التوقف عن الدراسة بسبب ظروفهم الحرجة، حيث أنها لم تستطع أن توفر لأبنائها لقمة العيش واضطررت أن تخرج وأطفالها إلى التسول والبيع، وعبرت بنبرة حزينة "لم تخيرني الظروف بل اختارت عني العيش بهذه الطريقة".
أوضحت البائعة، أنها تكتري غرفة مع أبناءها وسط منزل كبير داخل أسوار المدينة العتيقة، ورغم مشقة عملهم إلا أنهم لم يستطيعوا أن ينفعوا أنفسهم ليعيشوا العيش الكريم أو حتى يوفروا لأنفسهم الأكل الكافي والملبس اللائق.
متابعات قضائية وغرامات ب 500 درهم أوضحت البائعة، أنها تكتري غرفة مع أبناءها وسط منزل كبير داخل أسوار المدينة العتيقة، ورغم مشقة عملهم إلا أنهم لم يستطيعوا أن ينفعوا أنفسهم ليعيشوا العيش الكريم أو حتى يوفروا لأنفسهم الأكل الكافي والملبس اللائق.
وفي هذا الصدد، أكدت مصلحة اجتماعية بإحدى المؤسسات القانونية بالمملكة، أن القانون يشتغل بالمشاركة مع المبادرة الوطنية والتنمية البشرية و قطاع التعاون الوطني في التعاون مع هذه الفئة المتضررة، عن طريق القيام بحملات جمع الأطفال المتسولين والقاصرين المساحين والبائعين في الطرقات، ليتم إرسالهم لمركز "لآلة مريم نقطة حليب" لتربيتهم والعناية بهم، أما الأمهات فيتم تقديمهن للقضاء ليتابعن في حالة سراح مع الحكم عليهن بتسديد غرامة مالية قدرها 500 درهم، التي حددها الفصل 326 من القانون الجنائي، ثم يرسلن بعد ذلك إلى مركز التعاون الوطني ليخضعن للتكوين المهني النسوي ويشتغلن وسط المركز، بعد حصولهن على شهادة تكوين معتمدة من طرف التعاون الوطني ليستطعن بعد ذلك استرجاع أبنائهن من المركز الذي احتضنهم وهم في وضعية صعبة، كما حددت المتحدثة أن المصلحة رصدت 21 حالة خلال سنة 2020، و 9 حالات في سنة 2021، وحالة واحدة في بداية سنة 2022.
أطفال الشوارع يفتقرون للدعم النفسي وللأطر التربوية التي تتوفر على الكفاءة العالية
أوضحت مختصة في المجال القانوني، في تصريح ل"العلم" أن أطفال الشوارع هم أطفال في وضعية صعبة لا معيل لهم غير الشارع الذي احتضنهم منذ ساعاتهم الأولى من الولادة، وما وجدوا أمامهم غير هذا الشاهد الصامت "الشارع" بعد أن تخلت دور الرعاية عن تقديم يد العون ورعايتهم بالشكل الصحيح بعد أن أصبحت هي الأخرى تفتقر للكفاءات ولشروط الرعاية والراحة، وشددت المختصة على افتقار هذه الفئة للتمكين الاقتصادي للنساء كون الفقر الذي فرض عليهن التجول بالشوارع بأطفالهم من أجل جلب قطعة خبز لسد الجوع .
وأكدت أنه رغم جهود وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والنيابة العامة و جميع الفرق الميدانية وممثلي المصالح أللاممركزة لوزارة الصحة، والتعاون الوطني والأمن ومراكز المواكبة وحماية الطفولة، الذين اجتمعوا لوضع خطة عمل حماية الطفولة من الاستغلال في التسول وشكلوا خلية المساعدة الاجتماعية كتجربة نموذجية التي مكنت بعد مرور سنة من انطلاقها من معالجة مجموعة من مشردي الشوارع والأطفال ضحايا الاستغلال في التسول، إلا أن هذه الفئة لا زالت متضررة ووضعيتها صعبة لأنها تفتقر للدعم النفسي وللأطر التربوية التي تتوفر على الكفاءة العالية من أجل إخراج هذه الفئة من الظلمة إلى النور، ولا زال عدد دور الإيواء ضئيل مقارنة بالأطفال الموجودين بالشوارع.
وشددت المختصة القانونية، أن هذه الفئة لا بد أن تتوفر على الرعاية الكافية لمحاولة ترميم نفسيتها المحطمة، وتمكين الأمهات اللواتي يتجولن بالشوارع بأبنائهن ماديا وإعطائهن الفرصة في العمل وفي الاندماج في المجتمع، وإعادة تربية وبناء الطفل من جديد وتصفيته في آلة التصفية التربوية لتعويضه على العنف والهتك الذي تعرض له، مع تكوين الأطر التي ستتولى مهمة البناء والتربية لهذه الفئة وتوجيهها للقيام بعملها بشكل يضمن للأطفال الأمن والآمان.
هذه مشاهد وحكايات لآلاف العائلات والأسر الفقيرة التي تعكس انقلابا في تنمية المجتمع، حيث بدل تلقي الأطفال الرعاية والدراسة وجدوا أنفسهم بالشارع في مواجهة مخاطر جسيمة وظروف فرضت عليهم مساعدة أولياء أمورهم والانتشار بالطرقات ومد اليد للمارة، ما سبب إهدار حقوقهم وخروجهم من فئة جيل الأطفال وجعلهم عرضة لشتى أشكال العنف والتنمر والانتهاك والتحرش الجنسي وجميع الاستغلالات المادية وهدر طاقتهم في مرحلة الإعداد والتربية من عمرهم.
وأكدت أنه رغم جهود وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والنيابة العامة و جميع الفرق الميدانية وممثلي المصالح أللاممركزة لوزارة الصحة، والتعاون الوطني والأمن ومراكز المواكبة وحماية الطفولة، الذين اجتمعوا لوضع خطة عمل حماية الطفولة من الاستغلال في التسول وشكلوا خلية المساعدة الاجتماعية كتجربة نموذجية التي مكنت بعد مرور سنة من انطلاقها من معالجة مجموعة من مشردي الشوارع والأطفال ضحايا الاستغلال في التسول، إلا أن هذه الفئة لا زالت متضررة ووضعيتها صعبة لأنها تفتقر للدعم النفسي وللأطر التربوية التي تتوفر على الكفاءة العالية من أجل إخراج هذه الفئة من الظلمة إلى النور، ولا زال عدد دور الإيواء ضئيل مقارنة بالأطفال الموجودين بالشوارع.
وشددت المختصة القانونية، أن هذه الفئة لا بد أن تتوفر على الرعاية الكافية لمحاولة ترميم نفسيتها المحطمة، وتمكين الأمهات اللواتي يتجولن بالشوارع بأبنائهن ماديا وإعطائهن الفرصة في العمل وفي الاندماج في المجتمع، وإعادة تربية وبناء الطفل من جديد وتصفيته في آلة التصفية التربوية لتعويضه على العنف والهتك الذي تعرض له، مع تكوين الأطر التي ستتولى مهمة البناء والتربية لهذه الفئة وتوجيهها للقيام بعملها بشكل يضمن للأطفال الأمن والآمان.
هذه مشاهد وحكايات لآلاف العائلات والأسر الفقيرة التي تعكس انقلابا في تنمية المجتمع، حيث بدل تلقي الأطفال الرعاية والدراسة وجدوا أنفسهم بالشارع في مواجهة مخاطر جسيمة وظروف فرضت عليهم مساعدة أولياء أمورهم والانتشار بالطرقات ومد اليد للمارة، ما سبب إهدار حقوقهم وخروجهم من فئة جيل الأطفال وجعلهم عرضة لشتى أشكال العنف والتنمر والانتهاك والتحرش الجنسي وجميع الاستغلالات المادية وهدر طاقتهم في مرحلة الإعداد والتربية من عمرهم.