​تندوف على صفيح ساخن: تصدع التحالف بين الجزائر والبوليساريو

 هذه الاشتباكات، التي تأتي في سياق توتر متزايد، تعكس تصدّع العلاقة بين الجزائر وحليفها الانفصالي، مما يثير تساؤلات حول مستقبل هذا التحالف الذي بات يواجه اختبارات صعبة.

وراء هذه المواجهات، تتراكم عوامل عدة تغذي التوتر السائد في المنطقة. أحد أبرز هذه العوامل يتعلق بإدارة المساعدات الإنسانية الموجهة للمخيمات، والتي أصبحت مصدرًا مستمرًا للخلافات. تقارير متعددة أشارت إلى عمليات اختلاس ممنهجة تنفذها قيادات من البوليساريو، ما يؤدي إلى حرمان السكان من حقوقهم الأساسية. هذا الوضع يولّد حالة من الغضب في أوساط المقاتلين، الذين يرون أن تضحياتهم لم تحقق أي تحسن في أوضاعهم المعيشية.

كما أن الامتيازات الممنوحة لبعض القيادات العليا في البوليساريو، سواء فيما يتعلق بحرية التنقل أو الوصول إلى الموارد داخل الجزائر، تثير استياءً متزايدًا في صفوف العناصر الأقل حظًا داخل التنظيم. هذه التفاوتات، إلى جانب غياب رؤية واضحة للمستقبل، تعمّق الخلافات الداخلية وتزيد من حدة التوتر مع الجزائر، التي تجد نفسها مضطرة للتعامل مع تداعيات هذه الأزمة.

ما يحدث اليوم في تندوف ليس مجرد حادث عرضي، بل يعكس أزمة هيكلية أعمق. فبعد أن كان يُنظر إلى البوليساريو كحليف استراتيجي للجزائر، بدأ التنظيم يُمثّل عبئًا متزايدًا، سواء على المستوى الأمني أو الدبلوماسي. يرى بعض المحللين أن اعتماد الجبهة الكامل على الجزائر جعلها عبئًا يصعب التحكم فيه، خصوصًا في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة.

الجزائر اليوم أمام معادلة معقدة: فهي تواصل دعمها العلني للبوليساريو على الساحة الدولية، لكنها تواجه في الوقت نفسه اضطرابات متزايدة داخل أراضيها. هذا الوضع يزيد من هشاشة النظام الجزائري، الذي يعاني أصلًا من أزمات سياسية واقتصادية متكررة.

الأحداث الأخيرة قد تمثل نقطة تحول في علاقة الجزائر بالبوليساريو. ومع تصاعد التوتر الداخلي والضغوط الدولية المتزايدة، قد تجد الجزائر نفسها مضطرة لإعادة النظر في استراتيجيتها تجاه الجبهة الانفصالية. لكن يبقى السؤال: هل ستتجه نحو فك الارتباط التدريجي، أم ستلجأ إلى تشديد قبضتها الأمنية؟ ما هو مؤكد هو أن أزمة تندوف تكشف عن تراجع نفوذ البوليساريو وتزايد هشاشته على الساحة الإقليمية.