كتاب الرأي

نظرية "الاستعداد "عند علال الفاسي ….؟


يبدو على أن الكثير من الباحثين والدارسين يهملون نظرية من صلب الفكر الذي أنتجه علال الفاسي كمصلح ديني وسلفي لمواجهة الهجمة للغزو الصليبي المتمثل في تفكيك الحضارة الإسلامية .منذ نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وقد حاول المفكرون الإسلاميون والقوميون من مواجهة ذلك بالتنبيه .وقد التقى هؤلاء المفكرون في مدرسة السلفية التي وضعوا لها قواعد وأسس وأهداف للإجابة على السؤال المحوري " كيف تأخرنا نحن وتقدم غيرنا "، وقد هيمن على هذا الفكر لإصلاح المجتمع أي المجتمع العربي في الإسلام والمجتمعات الإسلامية الغير العربية .وظهر مفكرون مصلحون أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعلال الفاسي وشكيب أرسلان وعبد الرحمن الكواكبي وابن باديس الذين اعتبروا خروج المجتمعات الإسلامية على سنة السلف الصالح هي التي جعلتهم يتراجعون حضاريا إلى الخلف وسادت الطرقية والتخلف والجهل .وهناك من أرجع ذلك إلى التقاليد البالية وسوء الفهم للإسلام وتكبيل المرأة إلى غير ذلك .



بقلم: الدكتور مصطفى بلعوني باحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية

أن نظرية الاستعداد جاءت سببا ونتيجة للهجمة الاستعمارية  وإلى الغزو الصليبي اللاتيني الذي اطرته الكنسية الكاثوليكية .وانتشار نواميسها من نزعة التفوق والاستعلاء والكبرياء الإنسان الأوروبي. باعتباره كائنا سياديا متفوقا على سائر الكائنات والتي يعتبر الفكر الأوروبي ذو النزعة الأغريقية اليونانية البيزنطية المتمثلة في استحواذ  الامبراطورية البيزنطية والرومانية في التاريخ القديم  و التي سيطرت على البحر الأبيض المتوسط شرقا وغربا وجنوبا .ولهذا فإن المنظرين الذين جاؤوا مستشرقين يدرسون التاريخ والحضارة في الجامعات الإسلامية وخاصة بالجزائر يقولون ان الامازيغ ضيعوا فرصة الاندماج.في الحضارة الرومانية البيزنطية وجاءت فرنسا في القرن التاسع عشر والعشرون  لكي تعوض لهم  تلك الفرصة الضائعة .ولهذا أصبح الاستعمار يوازي في شكله  نشر ثقافة الرجل الأبيض. لم يكن المغرب الذي يقع في موقع استراتيجي أو جو …سياسي ممتاز اي في شمال غرب أفريقيا أو الغرب الإسلامي إذا أخذنا تسمية الشرق العربي الإسلامي ..منفلتة من ذلك .

هذه النظرية المقصود بها مواجهة المد الاستعماري والحضاري لأوروبا.حيث أن أوروبا البشرية التي استعادت عافيتها من حركة الإصلاح الديني .والنهضة الأوروبية والكشوفات العلمية والاختراعات التقنية تم الثورة التجارية والصناعية وذكت  مقالع  الفيودالية وكونت الدولة الوطنية وتبنت النظام التعددي سياسيا .وتبنت الليبرالية. الاقتصادية والاجتماعية. خرجت اروربا البشرية واتجهت إلى بقاع عدة من العالم لتغرس في تلك  الشعوب المدنية المسيحية اللاتينية  فتلمدت عليها شعوبا مرة بالإقناع ومرة بالتهديد والوعيد قصد خضوعها..ولو على مستوى الافتراء.

وفي السياق ذاته ظهر خطاب التجديد عند علماء المغرب قبل الحماية الفرنسية لبيان قضية الذات الحضارية الإسلامية  كمركز حضاري لمواجهة الحركة الصليبية اللاتينية لعلاج أزمة الجمود التي عرفها العالم الإسلامي. 

إذن نزلت أوروبا وبالأخص فرنسا إلى أفريقيا محاولة تطويق المغرب كعنصر حيوي لعب دورا مميزا وبارزا في نشر الإسلام في جنوب غرب أفريقيا إلى النيل الأزرق. أي وصل إلى دارفور والسودان الغربي بعدما كان يسيطر على كل الطرق والمحاور والمراكز التجارية .وخاصة في العصر الحديث إلى غاية الحماية الفرنسية على المغرب .

فكانت.المملكة الشريفة تمد إلى نهر السنغال وقد لعب للإسلام السني المالكي دورا مهما في تأطير الشعوب الأفريقية  وكان للزاوية التجانية و الدرقاوية .دورا بارزا في هذا المجال الديني .بالإضافة أن المغرب كان يراقب كل المنابع التجارية من ملح وتبر وتوابل وبيض وريش النعام "كاكا "  وكانت القوافل محملة تأتي إلى سجلماسة مرورا بـ غاو وتمبكتو  .وتوات .ومنها إلى الإمارات الايطالية بشرق البحر المتوسط متجهة إلى فاس وتلمسان ومراكش …ثم إلى الدول الأوروبية .آنذاك  .

أن الفكر الأوربي أصبح هدفه هو احتكار الثروة لنفسه وجعل بقية الكائن البشري يخدم هذه الثروة في شكل "دوني " في إطار الكبرياء والتعالي.والذي سوف يؤدي الى الصراع .وهو ما يصطلح عليه بالتنازع أي ظهور القوي وانتصاره .على الضعيف الجاهل الخارج من دائرة الحضارة اللاتينية .ولهذا فإن الأوروبي تمتلكه  النزعة العنصرية العرقية .ولهذا انهم يحتقرون كل الكائنات فوق الأرض.

غير أن المغرب بالنسبة لأوروبا كان له دور في نشر الحضارة الإسلامية في أفريقيا الغربية وجنوب الصحراء ولهذا يجب تطويقه.

وفي هذا السياق نزلت حامية عسكرية فرنسية إلى السنغال في القرن 19 بدأت في التمدد..شمالا حتى وصلت إلى تومبوكتو سنة 1900 م تم.سيطرت على توات سنة 1902 م وتم قطع على المغرب عمقه الإفريقي..وفي هذا الظرف أرسل المولى الحسن الأول  سفارة إلى فرنسا .

وقبلها أرسل للسلطان المولى عبد الرحمن سفارة إلى فرنسا برئاسة عامل تطوان العشعاشي وكان في الرحلة التي عرفت باسم محمد الصفار الأندلسي. الذي دون الرحلة كاملة على عدة مستويات منها اقتصادية وعسكرية وفلاحية وتجارية سنة 1845 1846 بعد انهزام الجيش المغربي في معركة اسلي 1845 لنجدة الأمير عبد القادر الجزائري الوالي عن الديات الأتراك. في الجزائر وقد أصيب المغرب بصدمة التفوق العسكري الفرنسي من مدفعية  ورشاشات عسكرية .حيث أحكم الجيش الفرنسي القبضة على كل  شرق المملكة الشريفة إلى جنوبها الغربي .وتم ربط توات بتمبكتو وتم تحزيم المغرب جنوبا وشرقا .بالإضافة إلى الشمال إلى  جبل طارق .و سيطر الفرنسيون  على كل الجزر البحرية في الأطلسي غربا .هذا البلد المغرب الذي لعب دورا هاما في نشر عقيدة  المذهب المالكي السني والحضارة الإسلامية في كل أفريقيا الغربية والجنوب الغربي.يجب انتزاع منه الدور الاستراتيجي أي الريادة في العلاقات الجيوسياسية .

أن نظرية الاستعداد.هذه جاءت نتيجة لمواجهة الهيمنة الأوروبية التي تريد تفكيك وتدمير الآخر الغير الأوروبي الغير اللاتيني وقد أباحت العقيدة الثقافية الأوروبية لنفسها استعمال القوة والتنازع والصراع مع الآخر.وحماية التفوق  والاستعلاء والكبرياء. ولو استعملت القوة في ذلك .

كما أحكمت السيطرة على المغرب بعدما تم تطويقه وفصله على عمقه الافريقي جنوبا  أو العربي ..شرقا  والأوروبي شمالا والغربي بحرا .تمت تنظيم  مؤتمر الجزيرة الخضراء 1907 لشرعنة هذه السياسية الايديولوجية .للانقضاض عليه .بالرغم من أن المغرب شارك في مؤتمر مدريد 1880 م ولم يستطع السفير المغربي محمد. بركاش إقناع المؤتمرين حول الحد من تدخلاتها  في التجارة وقد قرروا ممارسة التجارة بالتساوي مع كل الدول المشاركة والتصرف فيها برا وبحرا .

وفي السياق الدولي فرضت توقيع عقد .الحماية الفرنسية على المغرب في سنة 1912 م ولم يكن لها أي أثر قانوني في  العلاقات الدولية المعترف بها  في القانون الدولي خاصة  الاستعمار المباشر أو الانتداب هذا المصطلح الحماية  لم يكن له تفسيرات قانونية أو فقهية أو مبرر شرعي لأن المملكة الشريفة كان لها هياكل وأجهزة مخزنين وتقطيع إداري مخزي.وكانت لها حكومة و تمثيليات دبلوماسية .لأنه موقع المغرب كان يدخل في مخطط استعماري حضاري للثقافة الأوروبية. ولهذا أتى الاستعمار إلى المغرب بالقوة من الشرق عندما تدرب على الأهالي في الجزائر وأصبح يعرف  الثقافة والتقاليد والعادات وحتى اللهجات المحلية  واللغة .والمغاربة  سوف يواجهونه بالقوة. صيانة الإسلام.من الاختراق  وجعل المجتمع المغربي مسلما ..حيث كانت المواجهة حضاريا للحفاظ على الهوية المغربية والإنسية المغربية  وتجند المصلحون والعلماء للدفاع عن الحضارة الإسلامية الموغلة في القدم فوجهوا التنصير والمواقف التي تدمر الإسلام.  بشتى أنواعه وألوانه وهذه هي صفوة نظرية الاستعداد في مواجهة التوسع الحضاري الأوروبي وقد تجلت في المنظومة الثقافية والفكرية المتجانسة في إطار نسقي في كل مؤلفاته ..انتهى .

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 4 مارس 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic