ويشير التقرير، الذي أعده الباحث مايكل روبين ونشر على الموقع الرسمي للمؤسسة، إلى أن استمرار الإنفاق الأمريكي على "المينورسو" يمثل تناقضًا مع الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، والذي أعلنه ترامب رسميًا في ديسمبر 2020. كما يعتبر أن هذه البعثة، التي أنشئت قبل أكثر من ثلاثين عامًا بهدف تنظيم استفتاء تقرير المصير، لم تحقق أي تقدم ملموس، بل أصبحت مجرد آلية لتكريس الوضع القائم.
ووفقًا للتقرير، فإن "الصحراويين أنفسهم يرغبون في الاندماج الكامل داخل المغرب"، غير أن جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، تفرض عليهم البقاء في مخيمات تندوف، حيث يتم استغلالهم سياسيًا. ويمضي التقرير أبعد من ذلك، متهمًا الأمم المتحدة بـ"إدامة المشكلة" عبر تقديم الدعم المالي لهذه المخيمات، مما يمنح شرعية للبوليساريو بدل الدفع نحو حل سياسي نهائي.
يأتي هذا الموقف في وقت تشهد فيه قضية الصحراء المغربية تحولات جيوسياسية بارزة، حيث أصبحت العديد من القوى الدولية تدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل واقعي ودائم للنزاع. فإلى جانب الولايات المتحدة، التي اعترفت رسميًا بسيادة المغرب على الصحراء، انضمت فرنسا في عام 2024 إلى قائمة الدول التي تدعم الموقف المغربي، بينما سبق لكل من إسبانيا وألمانيا إعلان دعمهما لمقترح الحكم الذاتي كإطار للحل النهائي.
وفي ظل هذا التطور، يشير تقرير معهد أمريكان إنتربرايز إلى أن استمرار تمويل "المينورسو" لم يعد منطقيًا، خصوصًا أن البعثة لم تستطع حتى إنجاز إحصاء دقيق للصحراويين المؤهلين للمشاركة في الاستفتاء، الذي كان من المفترض أن يتم منذ عقود.
ورغم أن مهمة "المينورسو" الأساسية كانت تتعلق بتنظيم الاستفتاء، إلا أن مجلس الأمن بات يركز في قراراته الأخيرة على الحل السياسي القائم على التوافق، متجاهلًا الاستفتاء كخيار واقعي. ففي قراره رقم 2756 الصادر في 31 أكتوبر 2023، أكد المجلس على ضرورة إيجاد حل "عادل ودائم ومقبول للطرفين"، مشيدًا بمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب عام 2007 بوصفها "جدية وذات مصداقية".
وعمليًا، لم يعد لـ"المينورسو" أي دور فاعل في الحفاظ على وقف إطلاق النار، الذي تم توقيعه عام 1991 بين المغرب والبوليساريو، خاصة بعد إعلان الجبهة الانفصالية في نوفمبر 2020 انسحابها من الاتفاق من جانب واحد، عقب العملية العسكرية المغربية في الكركارات. ونتيجة لذلك، بات الجيش المغربي هو المسؤول الفعلي عن مراقبة المنطقة العازلة، وسط غياب أي تأثير حقيقي للبعثة الأممية.
لطالما كانت الولايات المتحدة أكبر ممول لبعثات حفظ السلام الأممية، لكن إدارة ترامب سبق أن أعربت عن استيائها من عدم كفاءة العديد من هذه البعثات، بما فيها "المينورسو". في هذا السياق، طالب جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، عام 2018 بضرورة مساءلة "المينورسو" عن دورها ونتائجها. واليوم، يكرر معهد أمريكان إنتربرايز هذه المطالب، مشيرًا إلى أن وقف تمويل البعثة يمكن أن يوفر مليارات الدولارات للأمم المتحدة والولايات المتحدة، التي تدفع سنويًا مبالغ ضخمة للحفاظ على بعثات غير منتجة.
في ظل هذه الضغوط المتزايدة، يبقى السؤال: هل نحن أمام نهاية وشيكة لـ"المينورسو"؟ بالنظر إلى التحولات المتسارعة، يبدو أن المجتمع الدولي بات يميل إلى حل سياسي واقعي بدل استمرار الوضع الحالي، خاصة مع تصاعد الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وتزايد قناعة الأمم المتحدة بأن الاستفتاء لم يعد خيارًا قابلًا للتنفيذ.
وإذا استجابت واشنطن لهذه الدعوات، فقد يكون ذلك مقدمة لتغيير أوسع في استراتيجية الأمم المتحدة بخصوص نزاع الصحراء، مما قد يقود إلى إعادة النظر في دور "المينورسو"، وربما حتى إنهاء مهمتها بالكامل في المستقبل القريب