فن وفكر

"سي الكالة" : محمد باسو ينقل الكوميديا السوداء إلى مستوى جديد


حقق الجزء الثاني من سلسلة "سي الكالة" للكوميدي المغربي محمد باسو نجاحًا مذهلاً على منصة "يوتيوب"، حيث تخطت أغلب الحلقات حاجز المليون مشاهدة، مما يعكس تفاعلًا غير مسبوق مع العمل الفني الذي يتميز بجوهره الكوميدي الموجه نحو النقد الاجتماعي والسياسي.



وقد عبّر باسو عن سعادته بهذا الإنجاز عبر نشر تدوينة على حسابه في "إنستغرام"، حيث كتب: "الصفقة وصلت مليون"، كإشارة إلى امتنانه الكبير لردود الفعل الإيجابية التي تلقاها الجمهور، واعترافًا بنجاح المسلسل في إيصال رسالته إلى المتابعين.
 

الجزء الثاني من "سي الكالة" يعكس تطورًا ملحوظًا في طريقة تناول القضايا الاجتماعية والسياسية، حيث يقدم باسو موضوعات شائكة مثل الجريمة، الجنس، والسياسة من منظور الكوميديا السوداء.

يواصل باسو من خلال عمله التطرق إلى القضايا التي غالبًا ما تكون محظورة أو تُعتبر "طابوهات" في المجتمع المغربي، ويطرحها بطريقة غير تقليدية مليئة بالسخرية النقدية. هذا النوع من الكوميديا يعتمد على إظهار الحقيقة بأسلوب ساخر، ويُعد بمثابة مرآة لواقع المجتمع الذي يواجه تحديات ثقافية واجتماعية كبيرة.
 

تستهدف السلسلة فضح التفاوتات الاجتماعية والمشاكل السياسية التي يعاني منها المواطن المغربي، خاصة في ظل ممارسات المحسوبية والفساد، التي تتغلغل في العديد من مفاصل الحياة اليومية. باسو يلتقط هذه اللحظات من الواقع ويعكسها بطريقة ساخرة، مستخدمًا أسلوبه المميز الذي يخلط بين الكوميديا والفلسفة النقدية، ليعرض الواقع المعاش بكل بشاعته، موجهًا من خلاله رسائل غير مباشرة عن ضرورة التغيير الاجتماعي والسياسي.
 

يعتبر البرنامج أيضًا نافذة مهمة للحديث عن قضية "المواطنة"، وهو الموضوع الذي يتناوله باسو بشكل غير مباشر عبر نقده العميق لواقع "المجتمع الخفي". يشير باسو من خلال حلقاته إلى حقيقة أن العديد من المواطنين في المغرب يواجهون تحديات كبيرة للحصول على فرص متكافئة في مجالات عدة، وذلك بسبب التداخلات الاجتماعية التي تُعرف بـ "باك صاحبي"، وهي طريقة غير شفافة لتوزيع الفرص والموارد. هذه الفكرة تجد صدى في كتابات مفكرين مغاربة مثل عبد الكريم غلاب، الذي وصف المواطنة بأنها ارتباط عميق بالوطن والانتماء إليه من خلال العمل والدفاع عنه والتضامن مع مواطنيه.
 

أما عن "الكوميديا السوداء" بحد ذاتها، فهي نوع من أنواع الفن التي تهدف إلى كشف الواقع القاسي من خلال السخرية، وهي لا تكتفي بتقديم الضحك فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى طرح تساؤلات عميقة عن واقعنا الاجتماعي والسياسي.

وهذا ما يظهر بوضوح في حلقات "سي الكالة" التي تراوحت بين نقد المؤسسات السياسية والحكومية وبين تسليط الضوء على مشكلات المجتمع المغربي. فباسو هنا ليس مجرد فنان يسعى للضحك، بل هو ناقد اجتماعي يلجأ إلى الفن ليطرح قضايا المجتمع بجرأة كبيرة.
 

في هذا الصدد، يمكن اعتبار "سي الكالة" ليس مجرد برنامج كوميدي، بل هو أيضًا منصة تفاعلية تساهم في إشراك الجمهور في النقاشات الاجتماعية والسياسية. فالمشاهد لا يتلقى الرسالة فقط، بل يتم تحفيزه للتفكير في القضايا التي طرحتها السلسلة. من خلال تقديمه نقدًا لاذعًا على العديد من القضايا الحساسة، يفتح باسو أبوابًا جديدة للحوار، ويشجع المتابعين على التفاعل مع مضامين الحلقات والتأمل في واقعهم الاجتماعي والسياسي.
 

باسو نجح في تقديم برنامج يبرز أوجه الخلل في النظام الاجتماعي والسياسي المغربي بطريقة مبتكرة، تدمج بين الضحك والمحتوى العميق. وهذا النجاح لا يقتصر فقط على عدد المشاهدات العالية، بل يمتد أيضًا إلى قدرة السلسلة على تحفيز التفكير لدى الجمهور حول قضايا سياسية واجتماعية شائكة كانت تعتبر في الماضي محظورة أو محاطة بالتحفظات


محمد باسو، سي الكالة، يوتيوب، كوميديا سوداء، مليون مشاهدة، نقد اجتماعي


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 11 مارس 2025

              















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic