بقلم: برعلا زكريا
على المقاعد الحديدية، تجلس امرأة تلتحف شالها الأسود، تسبح بأصابع مرتعشة وتتمتم بآيات الشفاء. بجوارها، شاب يذرع الممر جيئة وذهابا، يضغط هاتفه بكف متشنجة، يحاول جاهدا تدبير مبلغ إضافي طلبته المصحة. "نحتاج عشرين ألف درهم أخرى للعملية"، هكذا أخبروه بنبرة روتينية، كأنهم يطلبون ثمن كوب شاي.
في الركن البعيد، تنتحب أم شابة، تحتضن صورة طفلها الذي يرقد خلف تلك الأبواب البيضاء. تحاول إقناع الممرضة بالسماح لها برؤيته، ولو للحظة، ولو من بعيد. لكن القوانين صارمة، والوقت المخصص للزيارة انتهى. "غدا"، تقول الممرضة وهي تتفقد ساعتها الثمينة، متلهفة لانتهاء نوبة عملها.
هكذا تحولت المصحات إلى قلاع من الرخام والزجاج، تحرسها أرقام وحسابات، وتديرها عقلية السوق. في الطابق العلوي، تعقد اجتماعات لمناقشة الأرباح والخسائر، بينما في الأسفل، تُباع الآمال بالتقسيط، وتُرهن القلوب مقابل فرصة للحياة.
يقف الأطباء في مكاتبهم الفاخرة، يتحدثون عن أحدث سياراتهم ووجهات سفرهم القادمة، بينما تنتظر العائلات في الخارج، تجمع ما تبقى من مدخراتها، تبيع ما تملك، تقترض ما لا تملك. كل ذلك من أجل لحظة واحدة، لحظة يفتح فيها عزيزهم عينيه، يبتسم، ويعود إلى الحياة.
في زاوية الممر، يجلس رجل مسن، يمسح دمعة متمردة بظهر يده المتعبة. باع قطعة أرضه الوحيدة، ميراث عمره، ليدفع تكاليف علاج زوجته. "أربعون سنة من شقاء العمر"، يهمس لنفسه، "وهل للعمر ثمن؟"
هكذا أصبحت المصحات، معابد للربح، تُقدم فيها الصحة كسلعة فاخرة، وتُباع فيها الرحمة بالميزان. وفي الخارج، على أعتابها، تتساقط الدموع صامتة، تروي حكايات لا تنتهي عن أناس يدفعون أغلى ما يملكون مقابل أثمن ما في الوجود: نبضة قلب حي، وابتسامة وجه حبيب.
في الركن البعيد، تنتحب أم شابة، تحتضن صورة طفلها الذي يرقد خلف تلك الأبواب البيضاء. تحاول إقناع الممرضة بالسماح لها برؤيته، ولو للحظة، ولو من بعيد. لكن القوانين صارمة، والوقت المخصص للزيارة انتهى. "غدا"، تقول الممرضة وهي تتفقد ساعتها الثمينة، متلهفة لانتهاء نوبة عملها.
هكذا تحولت المصحات إلى قلاع من الرخام والزجاج، تحرسها أرقام وحسابات، وتديرها عقلية السوق. في الطابق العلوي، تعقد اجتماعات لمناقشة الأرباح والخسائر، بينما في الأسفل، تُباع الآمال بالتقسيط، وتُرهن القلوب مقابل فرصة للحياة.
يقف الأطباء في مكاتبهم الفاخرة، يتحدثون عن أحدث سياراتهم ووجهات سفرهم القادمة، بينما تنتظر العائلات في الخارج، تجمع ما تبقى من مدخراتها، تبيع ما تملك، تقترض ما لا تملك. كل ذلك من أجل لحظة واحدة، لحظة يفتح فيها عزيزهم عينيه، يبتسم، ويعود إلى الحياة.
في زاوية الممر، يجلس رجل مسن، يمسح دمعة متمردة بظهر يده المتعبة. باع قطعة أرضه الوحيدة، ميراث عمره، ليدفع تكاليف علاج زوجته. "أربعون سنة من شقاء العمر"، يهمس لنفسه، "وهل للعمر ثمن؟"
هكذا أصبحت المصحات، معابد للربح، تُقدم فيها الصحة كسلعة فاخرة، وتُباع فيها الرحمة بالميزان. وفي الخارج، على أعتابها، تتساقط الدموع صامتة، تروي حكايات لا تنتهي عن أناس يدفعون أغلى ما يملكون مقابل أثمن ما في الوجود: نبضة قلب حي، وابتسامة وجه حبيب.