اقتصاديات

تمكين المرأة القروية اقتصاديا : الحلم الذي يصطدم بالواقع المادي والاجتماعي


الصورة على الملصقات جميلة: نساء مبتسمات يجتمعن حول مشروع تعاوني، يُنتجن منتجات محلية أو يطلقن مشروعًا صغيرًا. لكن خلف هذه الصور، تكمن حقيقة أكثر تعقيدًا. فبالنسبة لآلاف النساء القرويات في المغرب، يظل الوصول إلى التمويل مسارًا مليئًا بالعراقيل… غالبًا ما يكون مسدودًا



وفقًا لتقرير المندوبية السامية للتخطيط الصادر في مارس 2025، لا تمثل النساء سوى 14% من المديرات و17% من الشريكات في الشركات، وهي نسب أقل بكثير في العالم القروي. السبب الرئيسي؟ صعوبة الوصول إلى القروض البنكية، بسبب تداخل عوامل اقتصادية، جغرافية وثقافية.

العائق الأول: الضمانات المطلوبة. معظم النساء القرويات لا يمتلكن عقارات أو أراضٍ بأسمائهن. وبدون ضمانات مادية كافية، لا يمكنهن الحصول على قرض بنكي تقليدي. كما أن ضعف نسبة التوفر على حساب بنكي، خصوصًا بين النساء صاحبات المشاريع الصغيرة، يعمّق هذا الإقصاء.

العائق الثاني: البعد الجغرافي. تتواجد أغلب الوكالات البنكية وخدمات التمويل في المدن الكبرى. بالنسبة لامرأة تسكن في دوار ناءٍ، فإن الذهاب إلى وكالة بنكية يعني أحيانًا قطع عشرات الكيلومترات، مع ما يصاحب ذلك من مصاريف نقل، وصعوبات ثقافية (الاختلاط، الغياب عن المنزل) والتزامات أسرية تعيقها.

العائق الثالث: غياب مرافقة مناسبة. غالبًا ما لا تراعي برامج دعم ريادة الأعمال خصوصيات النساء القرويات. فالتكوينات المقدّمة لا تتماشى مع واقعهن، والمكونون غير ملمين بثقافتهن المحلية، والمواعيد غير متلائمة مع مسؤولياتهن العائلية. كما تغيب الخدمات المكمّلة مثل حضانات الأطفال أو الدعم القانوني.

النتيجة واضحة: فقط 9,2% من النساء القرويات كنّ في وظائف مأجورة سنة 2019، بينما حوالي 98% منهن يعملن في القطاع غير المهيكل. أما التعاونيات النسائية، رغم انتشارها، فتعاني من ضعف في التسيير، وانعدام التأطير التقني، وصعوبات في ولوج الأسواق.

ومع ذلك، فإن الرغبة في العمل والتغيير موجودة. العديد من النساء يرغبن في إطلاق مشاريعهن، والمساهمة في الاقتصاد المحلي، واستثمار مهاراتهن التقليدية. لكنهن يصطدمن بمنظومة لا تفهم لغتهن، لا بالمعنى الحرفي فقط، بل الثقافي والاجتماعي.

يدعو تقرير المندوبية إلى إصلاح هيكلي في آليات التمويل: إنشاء صناديق ضمان خاصة، تطوير قروض صغيرة موجهة، اعتماد منصات رقمية متنقلة، وتوفير خدمات الدعم المهني على مستوى العالم القروي (استشارة، حاضنات، مرافقة). كما يشدد على ضرورة إعادة التفكير في الهندسة الاجتماعية: توعية الأسر، تكوين الموظفين المحليين، وتهيئة بيئة مشجعة لريادة الأعمال النسائية.

لأن القضية ليست اقتصادية فقط. إنها معركة من أجل الإدماج، من أجل الاعتراف، ومن أجل مجتمع أكثر عدالة. منح قرض للمرأة القروية ليس مجرد مسألة مالية… بل هو أيضًا منحة ثقة، وفرصة لإعادة إدماجها في مسار التنمية الوطنية.

تمويل، ريادة الأعمال، النساء القرويات، القروض البنكية، التعاونيات النسائية


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 26 مارس 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic