استمع لهذه القصيدة الموسيقية / عدنان بن شقرون
أولئك الذين ما زالوا يحبون القراءة
كُلَّمَا نَادَى الْمُنَادِي فِي الْبِلَادِ، وَقَالَ:
غَزَّةُ تَنْزِفُ، أَيْنَ صَوْتُ الرِّجَالِ؟
قِيلَ لِي مِنْ خَلْفِ زُجَاجِ الْمَقْهَى،
وَبَيْنَ رَشَفَاتِ الْقَهْوَةِ وَالتَّنْهِيدِ الثِّقَالِ:
“اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا…
إِنَّا هَاهُنَا، فِي الظِّلِّ بَاقُونَ، لَا نَزَالُ!”
قُلْتُ: يَا سَادَةَ الْأَحْيَاءِ فِي “كَازَا”،
أَمَا فِي الْقَلْبِ نَبْضٌ أَوْ خَيَالُ؟
أَمَا تَحَرَّكَ فِيكُمْ حُرُّ دَمٍ،
أَمَا اهْتَزَّتْ مِنَ الْحُزْنِ الرِّمَالُ؟
غَزَّةُ تُقْصَفُ، وَالدُّمُوعُ سَكَاكِينٌ،
وَالْأَرْضُ جَمْرٌ، وَالسَّمَاءُ نِزَالُ،
وَأَنْتُمْ فِي مَقَاعِدِكُمْ كَأَنَّكُمُ
لَمْ تَسْمَعُوا وَجَعًا، وَلَمْ تُـمَسُّوا بِسُؤَالِ!
يَا صِغَارَ الْبُرْجُوَازِيَّةِ، مَا لَكُمْ؟
تَخَافُونَ مِنْ لَافِتَةٍ، مِنِ اعْتِقَالِ؟
أَمْ تَخْشَوْنَ عَلَى عِطْرِكُمْ مِنْ عَرَقِ الْـحُشُودِ،
وَعَلَى بَدْلَتِكُمْ مِنْ شَمْسِ النِّضَالِ؟
قَالُوا: “هَذَا لَيْسَ وَقْتَ الْخُرُوجِ،
وَلَا نُـحِبُّ الْمَشْيَ بَيْنَ الْأَهْوَالِ،
وَلَا نَمْلِكُ وَقْتًا لِلْقَضِيَّةِ،
لَدَيْنَا مَوْعِدٌ، وَحَفْلٌ، وَانْشِغَالُ.”
“اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا…
إِنَّا هَاهُنَا، فِي سَلَامٍ وَجَمَالِ!”
فَبَكَيْتُ عَلَى شَعْبٍ يَمُوتُ وَحِيدًا،
وَأُمَّةٍ بَاعَتِ الْإِخْلَاصَ بِالْمِقْوَالِ،
وَجِيلٍ يُصَفِّقُ فِي الْـحَانَاتِ لِلْأَبْطَالِ،
لَكِنْ لَا يَـحْمِلُ رَايَةً فِي الْقِتَالِ.
غَزَّةُ تَنْزِفُ، أَيْنَ صَوْتُ الرِّجَالِ؟
قِيلَ لِي مِنْ خَلْفِ زُجَاجِ الْمَقْهَى،
وَبَيْنَ رَشَفَاتِ الْقَهْوَةِ وَالتَّنْهِيدِ الثِّقَالِ:
“اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا…
إِنَّا هَاهُنَا، فِي الظِّلِّ بَاقُونَ، لَا نَزَالُ!”
قُلْتُ: يَا سَادَةَ الْأَحْيَاءِ فِي “كَازَا”،
أَمَا فِي الْقَلْبِ نَبْضٌ أَوْ خَيَالُ؟
أَمَا تَحَرَّكَ فِيكُمْ حُرُّ دَمٍ،
أَمَا اهْتَزَّتْ مِنَ الْحُزْنِ الرِّمَالُ؟
غَزَّةُ تُقْصَفُ، وَالدُّمُوعُ سَكَاكِينٌ،
وَالْأَرْضُ جَمْرٌ، وَالسَّمَاءُ نِزَالُ،
وَأَنْتُمْ فِي مَقَاعِدِكُمْ كَأَنَّكُمُ
لَمْ تَسْمَعُوا وَجَعًا، وَلَمْ تُـمَسُّوا بِسُؤَالِ!
يَا صِغَارَ الْبُرْجُوَازِيَّةِ، مَا لَكُمْ؟
تَخَافُونَ مِنْ لَافِتَةٍ، مِنِ اعْتِقَالِ؟
أَمْ تَخْشَوْنَ عَلَى عِطْرِكُمْ مِنْ عَرَقِ الْـحُشُودِ،
وَعَلَى بَدْلَتِكُمْ مِنْ شَمْسِ النِّضَالِ؟
قَالُوا: “هَذَا لَيْسَ وَقْتَ الْخُرُوجِ،
وَلَا نُـحِبُّ الْمَشْيَ بَيْنَ الْأَهْوَالِ،
وَلَا نَمْلِكُ وَقْتًا لِلْقَضِيَّةِ،
لَدَيْنَا مَوْعِدٌ، وَحَفْلٌ، وَانْشِغَالُ.”
“اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا…
إِنَّا هَاهُنَا، فِي سَلَامٍ وَجَمَالِ!”
فَبَكَيْتُ عَلَى شَعْبٍ يَمُوتُ وَحِيدًا،
وَأُمَّةٍ بَاعَتِ الْإِخْلَاصَ بِالْمِقْوَالِ،
وَجِيلٍ يُصَفِّقُ فِي الْـحَانَاتِ لِلْأَبْطَالِ،
لَكِنْ لَا يَـحْمِلُ رَايَةً فِي الْقِتَالِ.
القصيدة تُعبِّر عن خيبة أمل الشاعر من فئة "البرجوازية الصغيرة" في مدينة الدار البيضاء، الذين يرفضون المشاركة في التظاهرات الداعمة للقضايا النبيلة، وخاصة ما يحدث في غزّة.
فكلما دُعُوا للمشاركة، يردّون بالعبارة الشهيرة: "اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون"، وكأنهم يتنصّلون من أي مسؤولية وطنية أو إنسانية. الشاعر يرسم مشهداً مؤلماً لواقع غزّة المأساوي، مقابل لا مبالاة هؤلاء الذين يفضلون الراحة والترف على النضال والتضحية. يلوم الشاعر هذا الجيل الذي يصفق من بعيد، يعيش في عالمه الخاص، ويخشى المشاركة الفعلية خوفاً على مظهره أو مصالحه. ويختم بإحساس عميق بالحزن على أمة أصبحت تُتاجر بالكلمات وتخشى الفعل، متسائلاً عن مصير القيم والضمير في زمن تواطأ فيه الصمت مع الجريمة.