كتاب الرأي

العلاقات المغربية السورية بناها التاريخ العميق ولايمكن زحزحتها بواسطة الجغرافية المتقطعة …؟؟؟


سورية الجديدة يحكمها اليوم أحفاد الأمويين ….سوريا ..الحضارة والثقافة والنخوة العربية. وملتقى الثقافات .سميت في التاريخ القديم بمنطقة "الميزوبوتاميا "..مرت منها أقوام كثيرة استقر الإسلام بهذا القطر العربي المتعدد الإثنيات .والثقافات .



بقلم الدكتور : المصطفى بلعوني، باحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية

كانت بلاد الشام وستظل وستبقى مهد الحضارة العربية الإسلامية  
فتحت في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه وقد انتصر الجيش الإسلامي على الجيش البيزنطي في معركة جسر الحديد بقيادة الصحابي  أبو عبيدة محمد الجراح الفهري القرشي الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم  "بأمين الأمة " وقد قاد الجيش الإسلامي ودخل إلى بلاد الشام وفتح دمشق عام 18 للهجرة 639  للميلاد .
وأصبحت سوريا وعاصمتها دمشق قبلة للإسلام والعروبة وأسس فيها الأمويون مجدا كبيرا واستطاعوا أن يصلوا بفضل المسلمين الأمازيغ والعرب بالمغرب الأقصى إلى تكوين إمبراطورية شاسعة .وصلت إلى الأندلس عن طريق عبد الرحمن الداخل صقر قريش الذي دام حكمه تلاتة وتلاتين سنة واتخذ من قرطبة عاصمة له اي .سنة 142 للهجرة 756 للميلاد ودام حكم الأمويين  143 عاما بالأندلس.  .

أن سوريا أو بلاد الشام كانت لها  علاقة وطيدة عبر التاريخ القديم  والوسيط. والحديث عندما استنجد صلاح الدين الأيوبي بالإمبراطورية الموحدية بمراكش .لطرد الغزاة من بلاد الشام من سوريا وفلسطين وذلك لحماية القدس الشريف .أيام الدولة الأيوبية .حيث طلب صلاح الدين الأيوبي من السلطان المغربي النجدات وجهز له أسطول كبير جدا وهو السلطان الموحدي يعقوب المنصور لتحرير بيت المقدس من الصليبيين حيث  طردهم  صلاح الدين الأيوبي بمساعدة الأسطول المغربي .وكان ذلك عام  1138 للميلاد .و بواسطته حررت  فلسطين ولبنان ومصر من الصليبيين .وقد منح  عقارات  ووقفا من التنازلات الترابية  للمغاربة حيث أسسوا أحياء في القدس و سميت بأسمائهم كباب المغاربة في مدينة القدس الشريف .

لكن بلاد الشام وسوريا تكونت فيها  عدة إمارات بعد سقوط الامويين والعباسيين والفاطميين وهي  الإمارة السلجوقية والحمدانية و الأتابكة  ( الزنكيون)  اي أتابكة الموصل  الذين أتوا من الموصل كما سيطروا  الزنكيون على شمال سوريا وحكموها ووصلوا بعد الفترات إلى مصر عن طريق غزة حيث لم تسلم بلاد الشام من الغزوات ،و  تعرضت إلى الزحف الصليبي الذي  انطلق من انطاكيا في اتجاه دمشق بقيادة هولاكو 1285 م  وقام بإحراقها وتدميرريفها و حضارتها ومآثرها  لكن السلطان خوارزم شاه سيف الدين قطز، استطاع التغلب على  الصليبيين في معركة عين جالوت 1268م ،كما تعرضت بلاد الشام  للغزو المغولي التتري الذين أتوا  من جبال تركمستان فقام تيمورلك بالزحف القائد المغولي الثائر الذي أتى من بلاد الهند الذي قام  بحملة هنالك  وأتى  محملا بعدة أسلحة وغنائم  و في مقدمتها الفيلة  التي لها نجاعة في الحروب وذلك سنة 1400م حيث حاصر مدينة دمشق حاضرة العالم الإسلامي آنذاك في الشرق العربي الإسلامي. 

لكن السلطان المملوكي برقوق عندما سمع بمحاصرة دمشق أعد العدة وتوجه إلى بلاد الشام بجيش كبير تم من  الوجهاء والفقهاء والعلماء. وعسكر قرب مدينة دمشق وريفها .في وقت كان يتفاوض  تيمولنك مع أعيان المدينة ووجهائها لتسليمها له لعرض الأمان عليهم ،أما  السلطان برقوق عاد إلى مصر مخافة الانقلاب عليه وكلف المؤرخ وقاضي قضاة المالكية والذي ينتمي إلى أهل  السنة والجماعة ، الشخصية الفذة هو عبد الرحمن بن  خلدون  المؤرخ المغربي الذي خبر دهاليز العمل الدبلوماسي أيام الدولة المرينية وأيام السلطان أبو فارس المريني سنة  1353 م

 المواقف 759 للهجرة . حيت تقدم الى معسكر تيمورلنك يطلب مقابلته اي  القائد الثائر والى ديوانه .فاستقبل القائد المغولي عبد الرحمن بن خلدون  يرتدي زيا مغربيا أصيلا تقليديا .برنسا من صوف جلد الخروف العسلي و جلبابا أبيضا  مرصعا بالصوف والمخطط بالحرير الناعم وعمامة بيضاء بلف أخضر. وبلغة صفراء ذهبية اللون ،وقد منح ابن خلدون هدية ثمينة للقائد المغولي وهي  عبارة عن كتاب سيرة داتية لهذا البطل القائد المغولي وعن بطولاته في كل الأصقاع ونبذة عن أحوال المغرب ومدنها وحضارتها .حيث قال تيمورلنك لابن خلدون انني اسمع عليك وعن أحوال المغرب ورجالاته .وأمر تيمورلنك مجلس ديوانه لترجمة هذا الكتاب إلى المغولية .ونجح أبن خلدون في اقناع تيمورلنك  لفك الحصار على دمشق وعدم دخولها وتأمين أهلها. وفعلا فك الحصار عليها ورحل تيمورلنك عن دمشق وتوجه إلى سمرقند. عندما شكر ابن خلدون عن الوساطة الدبلوماسية.وعن المغرب الوفي برجالاته . 

وفي طريقه ، تيمورلنك أصيب  بمرض الطاعون وتوفي على أثره سنة 1405 للميلاد  وهكذا أصبحت بلاد الشام وبلداتها ومدنها تحت الحكم المماليك بمصر.وفي السياق ذاته  تدخل بلاد الشام  إلى مرحلة جديدة  من مراحل التاريخ. وهي خضوعها إلى الإمبراطورية العثمانية حيث  انطلق العثمانيون  من آسيا الصغرى وبلاد الأناضول بقيادة عثمان بن طغرل الذي وحد  القبائل العثمانية المسلمة وأعلنوا أنفسهم  كحماة للعالم الإسلامي وكون إمارة توسعت حتى أصبحت امبراطورية. فوقفت  أمام توسعات الافرنج.توسع العثمانيون في   العالم وخاصة شرق البحر المتوسط وغربه تم  بحر الأدرياتيكي والأسود .وسيطروا على كل العالم العربي حتى  أتراك الجزائر في عام 1514م  ولم يخضع لهم المغرب . وقد بايع الأتراك سلاطين المغرب حيث سموا  بأمراء المؤمنين  أي ملوك المغرب وكانت الصلوات أيام الجمعة بأسماء أمراء المؤمنين والدعاية لهم بالتمكين والنصر المبين  أن المملكة المغربية كانت إمبراطورية قوية وصلت إلى دارفور، سيطرت على منطقة أفريقيا الغربية و منطقة السودان الغربي.واحتفظ  السلاطين العثمانيين بلقب  أمراء المسلمين .

بيد أن  ضعف الإمبراطورية العثمانية عرضها للانتدابات حيت     قررت عصبة الأمم الانتداب الفرنسي على سوريا في 1920 بموجب معاهدة فرساي ،ونالت استقلالها سنة 1945 م  وتولى الملك فيصل البلاد ووحدتها مع العراق .وقد لعبت سوريا دورا مهما في تأسيس جامعة الدول العربية ودعمت استقلال البلدان العربية .

وحيث أن موجة الانقلابات ووصول الأنظمة الشمولية إلى الحكم وخاصة حزب البعث العربي الاشتراكي عام  1963م اي  .الانقلاب الثاني أو مايسمى بالحركة التصحيحية عام 1970 برئاسة حافظ الأسد وزير الدفاع .واتكأ على معاول طائفة العلوية من الضباط .و انخرطت سوريا كنظام  في محاور جبهة الصمود والتصدي .لإسرائيل دون صمود ودون تصدي .ودخلت في محور الممانعة فمنعت الحريات والتعددية والاختلاف حتى أصبح المجتمع مكبل الأيدي والحريات .وتم القبض عليه من حديد في إطار كماشة بوليسية طائفية علوية  ضيقة فنكلت  بالطوائف الأخرى. وصار الحزب لخدمة الأسرة الأسد. لمدة خمسين سنة .حتى أتت الثورة سنة 2011 .لتعري النظام السوري البائد . 

أما المملكة المغربية فهي طوال التاريخ وفية للشعب السوري في بلاد الشام .ففي عام 1967 م للتضامن العربي سألت الدماء المغربية في جبل الشيخ وفي السويداء والقنيطرة وفي الجولان. عام 1973 م ونجد قبر الجندي المجهول. 

كما دعمت المملكة المغربية  الثورة السورية وسحبت السفير المغربي بسوريا في 2012  وقفلت السفارة تضامنا مع الثورة والتنديد بالجرائم التي ارتكبتها قوى النظام في حق الشعب السوري الذي كان يطالب بالحريات والعدالة الاجتماعية والتعددية . وكان ينادي "سلمية سلمية ".وشعار" ارفع راسك انت سوري حر " 

ولهذا فإن الآلاف السوريين عاشوا مع الشعب المغربي مدة 14 سنة  وسط المغاربة معززين مكرمين لا فرق بين المغربي والسوري في وقت قذفت بهم على الحدود المغربية الجزائرية  سياسة النظام العسكري في الجزائر المتحالفة مع النظام السوري البائد في ظروف لا إنسانية  .مثلما فعل نظام "بوخروبة"بالمغاربة سنة 1975.حيث جردوهم من الممتلكات وأمتعتهم ورموهم في ظروف لا إنسانية مقيتة .فغاب  الإخاء والتضامن العربي والإسلامي..التي كانت ترفعها الأنظمة الشمولية العربية ؟؟ 

كما أن زيارة جلالة الملك محمد السادس إلى الأردن  قام بزيارة مخيمات اللاجئين السوريين وأمر جلالته بتشييد مستشفيات ميدانية فيها كل التخصصات.والتزويد  بالأدوية والأطباء من القوات المسلحة الملكية تضامنا مع الثورة السورية في ظل الإخاء العربي .أن الشعب المغربي في هذه الرقعة الجغرافية من الوطن العربي ومن الغرب الإسلامي  دائما وفية للتضامن العربي .ومدعمة للقضايا العربية الأساس. وخاصة الثورات العربية الإسلامية .هذا  دين  يحمله أحفاد الامويين من المسؤولين الذين يحكمون سوريا الجدد تحت شعار " ارفع راسك انت سوري حر " مطالبين منهم باسم الإخاء العربي واسم الوحدة العربية .ومحاربة التشرذم العربي والطائفية  وخلق" كيانات وهمية " لتوسيع هيمنة الاستعمار والامبريالية لإضعاف الدول والشعوب .فإن سوريا اليوم يجب أخلاقيا أن ترد الخير لأهله والإحسان لديه   ..يقول المثل الصوفي.إذا واجهك الإنسان بالشر بماذا تواجهه …؟؟؟ .فالجواب …يقول إذا واجهك الإنسان بالشر تواجه بالخير …حتى يقضي خيري على شره …؟؟؟ .فإن الثورة السورية والشعب السوري واجهنا بالخير نحن المغاربة. 

هناك من واجه الثورة السورية بالشر .ومازالت شواهد شاهدة على ذلك حتى  الآن  وعلى حقيقتهم  ."  أو ساهموا في تعذيب وقتل الشعب السوري السلمي في تورته ..

نحن ننتظر من أوفياء ومخلصين  الثورة الشعب السوري ..أن يردوا الإحسان بالإحسان. إلى الشعب المغربي ،هذه رسالة واضحة ومقروءة لمن يهمه الأمر…لأن العلاقات السورية المغربية بناها التاريخ العميق ..ولا يمكن زحزحتها بواسطة الجغرافية المتقطعة…عبر التاريخ ووسيطه وحديثه ومعاصره ورهنه ..؟

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 3 مارس 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic