حياتنا

البنك الدولي: آفاق اقتصادية قوية للمغرب وإصلاحات الشغل ضرورة لتحقيق النمو المستدام


أشاد البنك الدولي، في تقريره الأخير حول المستجدات الاقتصادية للمغرب، بالآفاق الإيجابية للاقتصاد المغربي، مشيرًا إلى أن المملكة تتمتع بموقع اقتصادي قوي ومستقر، مع سيطرة ملحوظة على التضخم واستقرار نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي. ومع ذلك، دعا البنك إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية لتحسين بيئة الأعمال ومواجهة تحديات سوق العمل، خاصة تلك المتعلقة بفرص التوظيف للشباب المغربي.



آفاق اقتصادية واعدة رغم التحديات
خلال لقاء إعلامي نظم يوم الأربعاء لتقديم التقرير، أكد أحمدو مصطفى ندياي، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو ضبط أوضاع المالية العمومية واستقرار نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. وأشار إلى أن التوقعات الاقتصادية للمغرب قوية، مع تحسن ملحوظ في التموقع الخارجي للمملكة، مدعومًا بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وثقة المستثمرين.

ووفقًا للتقرير، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الإجمالي إلى 3.6% في عام 2025، ثم إلى 3.5% في عام 2026. ورغم تباطؤ النمو الكلي للناتج المحلي الإجمالي إلى 3.2% في عام 2024 بسبب آثار الجفاف، إلا أن النمو غير الفلاحي شهد ارتفاعًا ملحوظًا بنسبة 3.8%، مدفوعًا بانتعاش القطاع الصناعي وتكوين رأس المال الإجمالي.

السيطرة على التضخم وتخفيف السياسة النقدية
أبرز التقرير أن معدل التضخم في المغرب انخفض إلى أقل من 1%، مما أتاح لبنك المغرب البدء في تخفيف السياسة النقدية. ويعد المغرب من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي دشنت عملية تيسير السياسة النقدية، وهو ما يعكس قدرة المملكة على مواجهة الضغوط الاقتصادية الناجمة عن الصدمات التضخمية الأخيرة.

تحديات سوق العمل والإصلاحات المطلوبة
رغم التحسن الذي شهده سوق العمل في المناطق الحضرية، حيث تم خلق حوالي 162 ألف فرصة عمل، إلا أن التقرير أشار إلى وجود فجوات كبيرة في سوق الشغل. وأوضح خافيير دياز كاسو، كبير الاقتصاديين في مكتب البنك الدولي بالمغرب، أن عدد السكان في سن العمل زاد بأكثر من 10% خلال العقد الماضي، بينما لم تزد فرص العمل إلا بنسبة 1.5%.

وأشار التقرير إلى أن هذه الفجوة تعكس تحديات هيكلية، من بينها الآثار المستمرة لجائحة كورونا، ونسبة مشاركة المرأة المحدودة في سوق العمل، بالإضافة إلى تأخر تنفيذ بعض الإصلاحات. وللتغلب على هذه التحديات، دعا البنك الدولي إلى إصلاح تشريعات العمل، خاصة مدونة الشغل لسنة 2004، لتكون أكثر مرونة وتستجيب لاحتياجات سوق العمل.

دور الدولة في تعزيز الحماية الاجتماعية
أكد التقرير على أهمية استمرار الدولة في دورها الحامي لنظام الحماية الاجتماعية، مع إصلاح نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) وتوفير ظروف أكثر مرونة للمقاولات للتكيف مع متطلبات السوق. وأشار خافيير دياز كاسو إلى أن النموذج الإسكندنافي يمكن أن يكون مصدر إلهام للمغرب في هذا المجال، حيث يجمع بين الحماية الاجتماعية القوية والمرونة في سوق العمل.

تحسين مناخ الأعمال: أولوية للإصلاحات
خصص التقرير فصلًا خاصًا لتحليل مناخ الأعمال في المغرب، مشيرًا إلى أن المملكة تتفوق على الدول ذات الدخل المماثل في الأطر التنظيمية والخدمات العمومية، لكنها تواجه تحديات في الكفاءة التشغيلية. وتشمل مجالات التحسين التي أوصى بها البنك الدولي تخفيض التكاليف والحواجز أمام التوظيف في القطاع الرسمي، وتعزيز العمليات الرقمية، وزيادة الشفافية في تسوية المنازعات.

كما أكد التقرير أن المغرب، مع التزامه بالإصلاحات الاستراتيجية، لديه القدرة على تعزيز بيئة الأعمال بشكل كبير، مما سيؤدي إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام وخلق فرص عمل أكثر شمولًا.

إصلاحات هيكلية لتحقيق النمو المستدام
إن تقرير البنك الدولي يشير بوضوح إلى أن المغرب يمتلك مقومات اقتصادية قوية وآفاقًا واعدة للنمو، لكنه يواجه تحديات تتطلب إصلاحات هيكلية جريئة، خاصة في مجال سوق العمل وتشريعات الشغل. ومن خلال تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الحماية الاجتماعية، يمكن للمغرب أن يعزز مكانته كواحد من الاقتصادات الرائدة في المنطقة، مع تحقيق نمو شامل ومستدام يخدم جميع فئات المجتمع.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 26 مارس 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic