آخر الأخبار

في ظل الاختراقات المتزايدة..هل "جيتكس" كافٍ لتأكيد ريادة المغرب في عالم الرقمنة؟


مع كل الزخم الإعلامي والدبلوماسي الذي رافق تنظيم معرض "جيتكس أفريقيا 2025"، تتزايد التساؤلات حول قدرة المغرب على الوفاء بطموحاته الرقمية في ظل بنية تحتية سيبرانية هشّة. فالهجمات الأخيرة التي استهدفت مؤسسات حكومية أعادت إلى الواجهة نقصًا واضحًا في حماية المعطيات الرقمية للمواطنين، وكشفت عن الفجوة الكبيرة بين الخطاب الرسمي والواقع الأمني الفعلي



هذه الاختلالات تقوّض الثقة في الخطابات الرسمية حول الرقمنة، وتضع موضع تساؤل مصداقية البرامج والاستراتيجيات المعلنة، مثل "المغرب الرقمي 2030". فليس من المنطقي التباهي بريادة تكنولوجية مزعومة، بينما لا تزال بيانات المواطنين مهددة، ومؤسسات الدولة عاجزة عن تأمين بنياتها الرقمية.
 

ورغم ذلك، يشكل "جيتكس أفريقيا" فرصة مهمة للمغرب لتثبيت حضوره في المشهد التكنولوجي الإفريقي، حيث يجمع المعرض شركات ناشئة ومقاولات عالمية، ويستعرض تطبيقات متقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي، الصحة، والتعليم. كما أنه يسلط الضوء على إمكانات الابتكار المحلي، ويمنح مساحة للشباب المغربي لعرض حلول رقمية قد تسهم في التنمية المستدامة.
 

إلا أن النجاح الحقيقي في قيادة التحول الرقمي لا يُقاس بعدد الزوار أو حجم الاستثمارات، بل بقدرة الدولة على ترجمة طموحاتها إلى واقع ملموس، يضمن أمان الفضاء الرقمي ويؤسس لبنية تحتية تكنولوجية قوية وشفافة.
 

الاختبارات الحقيقية للرقمنة في المغرب لا تكون على منصات العرض، بل في صمود المواقع الحكومية أمام الهجمات، وفي ثقة المواطن في خدماته الرقمية، وفي إحساسه بأن بياناته ليست مجرد فرائس سهلة للقرصنة، لذلك، فإن المعرض لا ينبغي أن يتحول إلى واجهة للتغطية على أعطاب الداخل، بل يجب أن يكون لحظة صراحة ومراجعة نقدية لطريقة تدبير الرقمنة، واستشرافاً جاداً لمستقبل رقمي آمن، عادل، ومستدام

 

وسط هذه الانتقادات المشروعة، يبقى معرض “جيتكس أفريقيا 2025” حدثًا محوريًا في مسار التحول الرقمي بالقارة، إذ يشكل منصة دولية فريدة تجمع صناع القرار، المستثمرين، والمبتكرين من أكثر من 130 دولة، ويؤكد من جديد مكانة المغرب كجسر تكنولوجي بين إفريقيا والعالم.
 

حيث افتتحت النسخة الثالثة من المعرض صباح الاثنين 14 أبريل الجاري بمدينة مراكش، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وتستمر فعالياته إلى غاية 16 من الشهر ذاته. وقد عرفت الجلسة الافتتاحية حضور شخصيات بارزة، من بينها الوزيرة المنتدبة المكلفة بالانتقال الرقمي أمل الفلاح السغروشني، ووالي جهة مراكش آسفي فريد شوراق، إضافة إلى رؤساء هيئات مغربية وإماراتية متخصصة في الأمن السيبراني والتنمية الرقمية.
 

وتتميز نسخة هذه السنة بمشاركة أزيد من 200 شركة مغربية ناشئة، مدعومة من طرف وزارة الانتقال الرقمي، حيث تعرض تقنيات متقدمة في الحوسبة السحابية، الذكاء الاصطناعي، البيانات الضخمة، والصحة الرقمية. كما تسعى هذه الشركات إلى جذب اهتمام المستثمرين وتوقيع شراكات استراتيجية مع فاعلين أفارقة ودوليين.
 

ويُسلط الحدث الضوء على التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي، خصوصًا في قطاعي التعليم والصحة، من خلال مشاريع تهدف إلى تحسين جودة التعليم عبر تقنيات الواقع المعزز، وكذا تطوير أدوات تشخيص ذكية للأمراض. كما يتم خلال المعرض عرض حلول تقنية لمواجهة التحديات المناخية والفلاحية، في انسجام مع أهداف التنمية المستدامة.
 

ويُنتظر أن يستقطب "جيتكس أفريقيا 2025" أكثر من 45 ألف زائر، إلى جانب خبراء ومؤسسات دولية تسعى لتوسيع حضورها في السوق الإفريقية. كما يُعتبر المعرض فرصة ثمينة لتبادل الخبرات وتكريس التكامل الرقمي بين مختلف الدول الإفريقية، خاصة في ما يتعلق بالسياسات العمومية والتقنيات الحديثة.
 

ويبقى التحدي الأساسي الذي يطرحه هذا الحدث، هو ضمان أن تتحول هذه الدينامية الرقمية إلى واقع مؤثر في حياة المواطنين، لا مجرد شعارات أو استعراضات موسمية. فالمغرب، بما يمتلكه من طاقات ومبادرات، قادر على أن يقود التحول الرقمي في إفريقيا، شرط أن يربط بين الطموح التكنولوجي والإرادة السياسية الصارمة لحماية فضائه الرقمي وتحقيق السيادة الرقمية المنشودة.


جيتكس أفريقيا 2025، الأمن السيبراني في المغرب، الرقمنة، التحول الرقمي، الهجمات الإلكترونية


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 14 أبريل 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic