تعد هذه الزيارة جزءًا من استراتيجية فرنسية لتعزيز وجودها الاقتصادي في الأقاليم الجنوبية للمملكة، التي باتت تشكل محطة استثمارية واعدة تستقطب اهتمام المستثمرين الأجانب بفضل موقعها الجغرافي المميز وربطها بين إفريقيا وأوروبا. وقد ركز السفير الفرنسي خلال الزيارة على مناقشة سبل تعزيز التعاون في قطاعات حيوية كالسياحة والطاقة المتجددة والصيد البحري، وهي قطاعات استراتيجية تشكل أساس المخطط التنموي للأقاليم الجنوبية الذي يسعى إلى تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للمنطقة.
ويأتي هذا الاهتمام الفرنسي في سياق تعزيز استثماراتها في دول شمال إفريقيا، حيث تسعى باريس لتأمين شراكات جديدة ومتينة، معتمدة على دعم مشاريع تهدف إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقد شهدت فرنسا في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً بتطوير تعاونها الاقتصادي مع المغرب، خاصة في مجالات تشهد نمواً متسارعاً، مثل الطاقات المتجددة، نظراً لما يمتلكه المغرب من موارد طبيعية واستراتيجيات لتطوير الطاقة الشمسية والريحية، بهدف التحول نحو الاقتصاد الأخضر وتعزيز استقلالها الطاقي.
وإلى جانب الدعم الاقتصادي، أعرب السفير لوكورتييه عن اهتمام باريس بتعزيز الشراكة في مجال التعليم والتكوين المهني، حيث أكد أهمية برامج التدريب المهني وتطوير المهارات البشرية في الأقاليم الجنوبية، مما يسهم في تمكين الشباب وتأهيلهم للمشاركة الفعّالة في السوق المحلي والدولي. ويأتي هذا التعاون ضمن رؤية مغربية لتحسين جودة رأس المال البشري في المناطق الجنوبية، بهدف الحد من البطالة وإعداد الكفاءات القادرة على تلبية احتياجات المشاريع الكبرى التي تشهدها المنطقة.
في ختام زيارته، أكد السفير الفرنسي أن بلاده تدرك الأهمية الجيوسياسية للأقاليم الجنوبية للمغرب، نظراً لدورها كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا وأهمية موقعها بالنسبة للتجارة الدولية. وقد أبدت فرنسا استعدادها لدعم مشاريع البنية التحتية التي تعزز من ربط الأقاليم الجنوبية بشبكات النقل العالمية، كالموانئ والمناطق اللوجستية، مما يسهم في تحويل المنطقة إلى مركز حيوي للتجارة والاستثمار.
هذا وأشاد السفير الفرنسي بالتقدم التنموي الذي أحرزته المملكة في الأقاليم الجنوبية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، حيث تمكنت من تحقيق نقلة نوعية في تطوير المشاريع التنموية والبنى التحتية التي تلبي احتياجات السكان وتفتح المجال أمام استقطاب استثمارات أجنبية تعزز من الاقتصاد المحلي. من جهة أخرى، أكد السفير الفرنسي على رغبة بلاده في دعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وتأييدها لمبادرة الحكم الذاتي كحلٍ للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
واختتم السفير جولته في مدينة الداخلة، حيث ناقش مع رئيس جماعة الداخلة، الراغب حرمة الله، تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، إضافة إلى الشراكة الثقافية والاقتصادية، مؤكداً تقدير فرنسا لمبادرات التنمية التي تقودها المملكة في المنطقة. كما استعرض الجانب المغربي الجهود التنموية المبذولة لتعزيز جودة الحياة في الأقاليم الجنوبية، من خلال مشاريع طموحة تستهدف التنمية الاقتصادية وتحسين البنية التحتية والتعليم والتكوين.