في أمسية ستظل محفورة في ذاكرة المغاربة، كتب المنتخب الوطني المغربي لأقل من 17 سنة فصلًا جديدًا ومجيدًا من تاريخه الكروي، بعد تتويجه بلقب كأس الأمم الإفريقية لأقل من 17 سنة، إثر مباراة نهائية مشوّقة ومحتدمة أمام منتخب مالي، حُسمت بركلات الترجيح (4-3).
إنه انتصار يعكس ليس فقط قوة جيلٍ شاب، بل ثمرة رؤية استراتيجية طموحة لمستقبل الكرة المغربية. في مواجهة خصم متمرس، سبق له التتويج مرتين (2015 و2017)، أثبت أشبال الأطلس أنهم رجال ميدان، يتحلون بالشجاعة والانضباط والذكاء التكتيكي.
منذ اللحظات الأولى، فرض اللاعبون المغاربة أسلوبهم الهجومي، وضغطوا بقوة على دفاعات مالي. حتى الهدف الملغي لمالي في الدقيقة العشرين، بعد تدخل تقنية الفيديو بسبب لمسة يد واضحة، لم يَزدهم إلا إصرارًا وتركيزًا. بالعكس، أيقظ فيهم غريزة التحدي والرغبة في الانتصار.
في الشوط الثاني، تصاعد الإيقاع أكثر، مع تألق لافت من بلموخر ووزان، لكن الدفاع المالي تماسك، مؤجلًا الحسم. وهنا ظهر اسم من ذهب: ياسين بيلعروش، الحارس الشاب، صمام أمان الأسود الصغار، وبطل نصف النهائي ضد كوت ديفوار، عاد ليتألق من جديد. بتصدياته الحاسمة وروحه القتالية، جسّد روح الفريق بأكملها.
عندما وصلت المباراة إلى ركلات الترجيح، وقف الشعب المغربي بأكمله على أطراف أصابعه. تقدم الأشبال بثقة، وواجه بيلعروش المحاولات المالية بثبات. ثم جاءت اللحظة المنتظرة... تصدٍ بطولي أخير، ليعلن المغرب بطلًا لإفريقيا تحت 17 سنة، وسط انفجار فرح تاريخي في المدرجات.
هذا الإنجاز ليس صدفة. إنه ثمرة رؤية ملكية بعيدة المدى، أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بتشييد أكاديمية محمد السادس، وتوفير بنية تحتية حديثة، واعتماد برامج تكوين عالية الجودة.
أسماء المدرب نابيل باها ولاعبيه ستُسجل بحروف ذهبية في سجل الكرة الوطنية. إنهم ليسوا فقط أبطالًا لكأس، بل سفراء لوطن ينهض، وشباب يحملون حلم أمة فخورة، وراية مغرب قوي ومشرق.
بعد تألق أسود الأطلس في مونديال قطر 2022، ها هو الجيل الصاعد يؤكد أن مستقبل الكرة المغربية بأيدٍ آمنة.
هنيئًا لكم أيها الأشبال ! لقد رفعتم رؤوسنا، وأدخلتم الفرح في قلوبنا، وكتبتم أسماءكم في سجل المجد. أنتم أبطال اليوم، وأُسطورة الغد.