يحدث الآن

"علاش أنا هنا" سؤال يردده السجناء داخل المؤسسات السجنية


السجن مؤشر حقيقي يقاس به مدى احترام الدولة لحقوق مواطنيها





"الحالة التي وصلت بي إلى هنا ، ليست من قلة الدين أو من سخط الوالدين ، وإنما هي الرفقة السيئة وتهور المراهقين وأفعال "المغرقين"، عندما أثر علي الإدمان أصبحت أعيش عيشة المجانين وأصبحت لا أفرق بين الليل والنهار وأكملت طريق الانحراف وحدي بعدما تركني أصحاب السوء أتخبط داخل شبكة الانحراف معانيا الأمرين ، ( إنها العبارات التي رددها سجين بنبرة من الحزن والأسى والتذمر وهو يقبع وراء القضبان بجوار المئات إن لم نقل الآلاف في سجن من سجون المملكة.( هذه الشهادة وردتها مارية بولكواز صاحبة كتاب "علاش أنا هنا؟" الذي تتكلم فيه عن أحوال السجناء وراء جدران السجن).

عاد ملفّ  اكتظاظ  السجون في المغرب إلى الواجهة ، مع تسجيل رقم قياسي في عدد السجناء في شهر أكتوبر الماضي 89 ألفاً و711 سجين مقابل 84 ألفاً و990  في العام الماضي ، أي بزيادة تتجاوز نسبتها خمسة في المائة خلال تسعة أشهر ، رغم  تحسّن ظروف الإقامة والخدمات اللوجستية وبرامج التأهيل داخل السجون المغربية خلال السنوات الأخيرة ، فإنّ الارتفاع القياسي في عدد السجناء يطرح تحديات على مسؤولي إدارة السجون في البلاد خصوصا فيما يتعلق  بتطبيق سياسة إعادة الإدماج والحفاظ على كرامة السجين.

   وفي هذا الإطار، أكد المندوب العام للإدارة السجون وإعادة الإدماج  محمد صالح التامك ، في كلمة تقديمية لأنشطة المندوبية برسم سنة 2021 ، أن المؤسسة السجنية التي كانت بالأمس عقابية قائمة أساسا على الردع ، أصبحت في ظل مختلف التطورات والإصلاحات الاجتماعية والسياسية والمؤسساتية المتعاقبة ، تلقى كل الاهتمام، والأكثر من ذلك ، تشكل اليوم مؤشرا حقيقيا من بين المؤشرات التي يقاس بها مدى احترام الدولة لحقوق مواطنيها.

وأضاف التامك في نفس السياق ، أن الجهود تتواصل لتنزيل هذه التوجهات، في ظل الصعوبات التي سبق إثارة الانتباه إليها في مناسبات عدة ، والتي يبقى أبرزها الارتفاع المستمر لعدد المعتقلين ، والذي قارب 89000 سجين مع متم سنة 2021 ، إذ يحيل هذا الرقم على زيادة بلغت نسبتها حوالي 40% خلال العشر سنوات الأخيرة ، مقابل شبه استقرار في الاعتمادات المالية المرصودة لقطاع إدارة السجون وإعادة الإدماج ، خاصة المرتبطة منها بميزانية الاستثمار والتي تخصص لتنفيذ المشاريع الرامية إلى توسيع حظيرة السجون وتأهيل البنيات التحتية.

وهذا ما يجعل من تدبير هذا القطاع ، وفق الإمكانيات المتاحة ، عملا يوميا استثنائيا ، ويتطلب جهودا جبارة من أجل الاضطلاع ، بأعلى مستوى من المهنية والنجاعة ، بمهامه المتعلقة بالأمن والسلامة وخدمات التغذية والتكفل الصحي والتأهيل لإعادة الإدماج.

  وقال المندوب العام الإدارة السجون : "لا يسعنا إلا أن نفخر بالمكاسب والنتائج التي تحققت إلى غاية الآن، رغم الصعوبات المطروحة، والتي يمكن لمسها في ثنايا تقرير سنة 2021 والتقارير السنوية السابقة".
 
واعترف سجين آخر في نفس السياق" أن الطيش هو الذي دفعني إلى السجن وغير مسار حياتي بعدما كنت متفوقا في دراستي والكل كان يفتخر بي، لكني تبعت نزواتي."
وأضاف السجين "كنت أحلم أنا أيضا بشهادة وسيارة وملابس ذات جودة عالية وسكن في منطقة راقية، لكن الشيطان دخل حياتي وتماديت في انزلاقاتي ، ولكي ألمع علاقاتي مع أصدقائي، كان لابد أن أتوفر على النقود من أي مصدر كان، ومن هنا جاءت فكرة الإتجار في المخدرات، والنصب والاحتيال وحتى السرقة في بعض الأحيان ، كانت الضريبة غالية جدا لكي أتوصل إلى حقيقة أن لا يصح إلا الصحيح، و أن القناعة كنز كبير وطريقها يوصل إلى الخير".( مقتطف من كتاب مارية بولكواز)

وفي هذا الإطار ، أكد  عبدالله مسداد الكاتب العام للمرصد المغربي للسجون ، أن المشاكل الكبرى التي تعاني منها المؤسسات السجنية هي الاكتظاظ وهو موضوع توصيات المنتظم الدولي والمنظمات الحقوقية الدولية والوطنية وان الاحصائيات تؤكد أن الظاهرة تتفاقم سنة بعد سنة ، فإن الساكنة السجنية عرفت تزايدا بحوالي أربعة آلاف سجين سنة 2021 مقارنة مع سنة 2020  وتتصدر جهة البيضاء سطات نسبة الاكتظاظ تليها جهة مراكش اسفي، وجدير بالذكر أن الظاهرة تعرف تفاوتا في الحدة من سجن إلى آخر.
 
و أضاف عبد الله مسداد ، ان واقع الاكتظاظ له اثار كبيرة ومتنوعة على حياة السجناء حيث التكدس اثناء النوم واساس انتقال الأمراض وتفشي ظواهر للعنف وهو معيق كبير امام جهود المندوبية العامة لإدارة السجون في تطبيق وتعميم البرامج المعدة للتأهيل وإعادة الإدماج .
 
وشدد الكاتب العام ، أن الاستراتيجية المتمثلة في بناء سجون جديدة وتهيئة عدد من السجون لن تحقق هدف الحد من هذه الظاهرة بل يجب الانطلاق على الاسباب العميقة الكامنة وراء الظاهرة وتخص بالاساس تطور الجريمة وايضا اعتماد الإيداع بالسجن في جل الجرائم وعدم العمل بالعقوبات البديلة الغير السالبة للحرية......ان واقع السجون يتأثر سلبا بهذه الظاهرة في كل مناحي الحياة داخل السجن ، وله امتار على الولوج للحقوق المعترف بها  سواء. تعلق الام بالايواء الذي يحفظ الكرامة الإنسانية اوبالحق في الفسحة او الغذاء المتوازن أو في الاستفادة من الخدمات الصحية اوالنظافة الشخصية ، ايضا في العلاقة مع العالم الخارجي كاستعمال اله‍اتف والزيارة العائلية ناهيك عن الاستفادة من برامج التكوين وإعادة الإدماج.
 
 

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



السبت 29 أكتوبر 2022

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic