اعتمد التقرير في تصنيفه على مؤشرين رئيسيين، الأول يتعلق بالقيود الحكومية على حرية الدين (GRI)، والذي يشمل كافة القوانين والتشريعات التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على حرية ممارسة الأديان.
أما المؤشر الثاني، فيخص العداء الاجتماعي (SHI)، ويقيس الأنشطة والتهديدات الاجتماعية التي قد تستهدف جماعات دينية معينة على مستوى الأفراد أو الجماعات. وهذا النوع من القياس يساعد في تصوير واقع حرية الدين في المغرب مقارنةً بالدول الأخرى.
من خلال التقرير، تبين أن المغرب شهد تحسنًا ملحوظًا في الأوضاع المتعلقة بالأقليات الدينية بين عامي 2020 و2022. فبينما كانت المخاطر التي تواجه هذه الأقليات مصنفة ضمن الفئة "المعتدلة" على مؤشر العداء الاجتماعي في 2020، فإن الوضع تحسن بشكل كبير ليصل إلى فئة "المنخفضة جدًا" في 2022، مما يعكس التقدم في التسامح الديني داخل المجتمع المغربي.
إلا أن التقرير أشار إلى أن التصنيف الحكومي فيما يتعلق بالقيود المفروضة على الدين شهد تراجعًا طفيفًا، إذ ارتفعت المخاطر الحكومية من فئة "المخاطر المرتفعة" إلى "المخاطر المرتفعة جدًا" في نفس الفترة، مما يتطلب تكثيف الجهود الحكومية لتحسين الوضع.
وفيما يخص منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد أظهر التقرير ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات العداء الاجتماعي بين الأديان. وكان لهذه الزيادة تداعيات كبيرة على العديد من الدول في المنطقة، حيث تصدرت كل من سوريا والعراق ومصر قائمة الدول التي تعاني من مستويات عالية من التوترات الدينية والاضطهاد.
هذا التصعيد في العداء الديني يعكس تأزم الوضع في المنطقة نتيجة للعديد من الصراعات السياسية والطائفية. كما أبرز التقرير أن دولًا أخرى مثل أفغانستان والهند وباكستان واليمن شهدت تصاعدًا في أعمال العنف والصراعات الطائفية، مما يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي.
أمام هذا الواقع الإقليمي والدولي المتوتر، يبرز التقرير الحاجة الماسة لتعزيز قيم التسامح الديني والحوار بين الأديان في المغرب. وفي هذا السياق، يُشدد على أهمية أن تواصل الحكومة المغربية تبني سياسات تحمي حقوق الأفراد والجماعات الدينية بشكل فعّال، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والحد من الفتن الطائفية. ويجب أن تكون هذه السياسات جزءًا من استراتيجية شاملة تعمل على تعزيز الوعي الثقافي والديني في المجتمع، حيث إن نشر ثقافة التسامح واحترام الآخر ضروريان لتحقيق التعايش السلمي في ظل التحديات التي تواجه المنطقة والعالم.