كتاب الرأي

بثمن خيالي.. "الكرموس الهندي" فاكهة الفقراء لمن استطاع إليها سبيلا!


لم يكن أحد يتخيل أن التين الشوكي، أو كما يسميه المغاربة بـ"الهندية"، الذي لطالما اعتبر فاكهة الفقراء، سيصبح يوما حلما بعيد المنال لكثيرين، بعدما قفز سعره إلى مستويات غير مسبوقة، حيث دشنت هذه الفاكهة الموسمية دخولها إلى الأسواق هذا العام بثمن خيالي بلغ 15 درهما للحبة الواحدة، وهو سعر يفوق بكثير القدرة الشرائية للمواطن البسيط، الذي اعتاد على التلذذ بحلاوتها مقابل درهم واحد في أسوء الأحوال.



بقلم: عبد المومن حاج علي

ويعتبر الارتفاع الصاروخي في أسعار هذه الفاكهة نتيجة مباشرة للكوارث التي حلت بهذه النبتة الصحراوية المقاومة، بعدما اجتاحت الحشرة القرمزية حقول الصبار في مختلف مناطق المملكة، وحولتها إلى مجرد هياكل جافة خاوية على عروشها، حيث أتت هذه الآفة، التي ظهرت منذ سنوات، على الأخضر واليابس، وتسببت في اندثار واسع لهذه الزراعة التي شكلت لعقود مصدر رزق للكثير من الفلاحين، كما كانت ملاذا صيفيا لذوي الدخل المحدود، الذين يجدون فيها فاكهة مغذية ومنعشة بسعر زهيد.

وباتت "الهندية" اليوم مع ندرة الإنتاج، حكرا على من يستطيع إليها سبيلا، فيما ينظر إليها الفقراء بحسرة، وهم الذين ألفوا مشهد الباعة الجائلين يعرضونها في كل زاوية، وقد ارتسمت على وجوههم ابتسامة الرضا، حيث لم يعد اليوم هناك متسع لغير الأثرياء، الذين لم يعتادوا أصلا على تناول هذه الفاكهة، لكنهم قد يدفعون ثمنها الباهظ فقط لمجاراة "موضة" جديدة في عالم الفواكه.

ومنذ ظهور الحشرة القرمزية في المغرب أواخر سنة 2014، اتخذت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات مجموعة من الإجراءات لمكافحة هذه الآفة التي تهدد نبات الصبار، غير أن الواقع اليوم يؤكد أن هذه الإجراءات لم تنعكس على أسعارها في السوق مما يطرح أكثر من علامة استفهام.

وشملت هذه الإجراءات معالجة حوالي 93,660 هكتارا من الصبار المصاب، وقلع وإتلاف نحو 15,590 هكتارا من النباتات المتضررة بشدة، كما تم تنظيم حملات توعية وتحسيس لفائدة الساكنة والفلاحين والسلطات المحلية، وتوزيع منشورات حول الحشرة وسبل محاربتها والوقاية منها، وبالإضافة إلى ذلك، تم إشراك الفلاحين في برنامج المكافحة، بتأطير من المصالح المختصة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وباقي الشركاء. 

وكان المعهد الوطني للبحث الزراعي قد أطلق في إطار البحث عن حلول مستدامة، برنامجا لإيجاد أصناف صبار مقاومة للحشرة القرمزية، مما أسفر عن تسجيل 8 أصناف ذات مقاومة عالية، وتم إنشاء مشاتل لإكثار هذه الأصناف بهدف إعادة زرع المساحات المتضررة في مختلف مناطق المملكة، حيث تم خلال الفترة الممتدة بين 2021 و2024، التخطيط لزراعة هذه الأصناف على مساحة 41,790 هكتارا، وبدأت عمليات الغرس في جهتي مراكش-آسفي وكلميم-واد نون في إطار مشاريع الفلاحة التضامنية للجيل الأخضر. 

يشار إلى أن وزارة الفلاحة تواصل برامج الإكثار والإنتاج ومشاريع الغرس خلال المواسم المقبلة في جميع الجهات المعنية بهدف بلوغ الأهداف المسطرة في أفق 2030، وسط تفاؤل كبير من المغاربة الذين يأملون في أن تعود أسعار التين الشوكي إلى سابق عهدها.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 20 مارس 2025

              

Bannière Réseaux Sociaux

Bannière Lodj DJ















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic