الوزيرة أكدت أن بنية الأسرة المغربية تشهد تراجعاً كمياً ونوعياً، مستندة إلى نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، الذي أظهر انخفاضاً في حجم الأسرة من 4.6 أفراد سنة 2014 إلى 3.9 أفراد فقط، وهو ما اعتبرته دليلاً واضحاً على تغير عميق في النسيج الأسري. هذا التقلص، الذي يشمل الوسطين الحضري والقروي، ترافق مع ارتفاع نسبة المسنين وتراجع فئة الشباب، مما يضع الأسرة في مواجهة مباشرة مع أعباء مالية واجتماعية متزايدة.
وفي ظل هذا الواقع، شددت بن يحيى على أن الحكومة منكبة على إعداد تصور شامل لسياسة أسرية وطنية، من خلال استراتيجية قيد التبلور تستند إلى دراسة ميدانية تشمل خمس جهات من المملكة. وترتكز هذه الاستراتيجية على لقاءات تشاورية تروم تحديد الحاجيات الحقيقية على المستوى الترابي، تمهيداً لوضع حلول عملية لمعالجة التحديات الهيكلية التي تعاني منها الأسر المغربية.
و لم تخف بنيحيى قلقها من غياب سياسة واضحة تعالج تأخر سن الزواج، وتدهور مكانة الأسرة كركيزة مجتمعية، مشيرة إلى أن الحفاظ على القيم المشتركة مثل برّ الوالدين والتكافل بين الأزواج يتطلب دعماً مؤسساتياً وعملياً، يتجاوز الخطابات التقليدية إلى إجراءات فعالة. ولهذا، تعمل الوزارة على إعداد برنامج خاص لدعم المقبلين على الزواج.
وفي جانب آخر من مداخلتها، انتقدت الوزيرة الارتفاع غير المبرر في عدد مؤسسات الرعاية الاجتماعية، معتبرة أن هذا الكم من المراكز التي تأوي النساء ضحايا العنف والمسنين، هو في حد ذاته مؤشر على فشل السياسات السابقة في كبح تفكك الأسر. وأعلنت في هذا الصدد عن توجه نحو تقليص عدد هذه المؤسسات وترشيد دورها.
كما حذرت من الانعكاسات الاقتصادية المرتبطة بتغير بنية الأسرة، لا سيما في ما يتعلق بارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والتعليم والسكن، في ظل تقلص دور الأسرة الممتدة. واعتبرت أن انخفاض معدلات الولادة وتراجع تعويض الأجيال يمثلان تهديداً حقيقياً لسوق الشغل، مع اتساع فجوة البطالة، خصوصاً في صفوف النساء والشباب.
الرسالة التي حملتها الوزيرة كانت واضحة: الأسرة المغربية لم تعد على حالها، وواجب الدولة اليوم ليس فقط مواكبة هذا التحول، بل التدخل العاجل لإعادة التوازن إلى معادلة اجتماعية بدأت تفقد تماسكها