تراجع الخصوبة وتقلص حجم الأسرة
كشفت نتائج الإحصاء أن متوسط حجم الأسرة المغربية انخفض من 4.6 أفراد سنة 2014 إلى 3.9 سنة 2024، مع تراجع الخصوبة إلى 1.97 طفل لكل امرأة، وهو رقم أقل من عتبة تعويض الأجيال. هذا التراجع يحمل في طياته إشكالات عميقة، أبرزها شيخوخة السكان وازدياد العبء الاجتماعي والاقتصادي على فئات نشيطة محدودة. وإذا استمرت هذه الوتيرة، فقد تبلغ نسبة المسنين أكثر من 25% بحلول عام 2050، ما سيُضعف التوازنات المالية لصناديق التقاعد والحماية الاجتماعية.
صعود أسر ترأسها نساء
من المعطيات اللافتة كذلك، ارتفاع نسبة الأسر التي تعيلها النساء إلى 19.2%، مع تركز أكبر في الوسط الحضري (21.6%). هذا التوجه يعكس تحولات في البنية الاقتصادية والاجتماعية، ويدعو إلى سياسات دعم خاصة لهذه الفئة التي تواجه تحديات مضاعفة بين الإعالة والعمل والتربية.
الطفولة والتعليم: مؤشرات مختلطة
رغم تسجيل تقدم في نسب التمدرس، خاصة للفتيات في العالم القروي، فإن نسبة الأطفال دون 15 سنة تراجعت إلى 26.5%، ما يؤكد استمرار تراجع الخصوبة ويطرح تحديات مستقبلية مرتبطة بتركيبة القوى العاملة. كما أن الطفولة في الوسط القروي ما زالت عرضة للفوارق في الخدمات، رغم الجهود المبذولة.
شيخوخة سريعة وإعاقة متزايدة
يشير الإحصاء إلى أن أكثر من نصف الأشخاص فوق سن الـ70 هم من النساء، وتزداد الإعاقة مع التقدم في السن، حيث تصل نسبتها إلى 18.5% بين من يفوق سنهم 60 عامًا. هذه المعطيات تستدعي التفكير في خدمات الرعاية والتغطية الصحية، وتطوير البنية التحتية الداعمة لكبار السن.
الأسرة في قلب الرهانات الحكومية
رداً على هذه التحولات، اقترحت الحكومة من خلال وزارة الأسرة سياسة أسرية شاملة، تجعل من الأسرة وحدة للاستهداف في البرامج الاجتماعية، وتتبنى مقاربة واقعية وحكيمة تجمع بين الحماية القانونية والاستثمار في اقتصاد الرعاية. وتتمحور هذه السياسة حول:
ورش الحماية الاجتماعية: تعميم التأمين الإجباري على المرض، وتوسيع برامج الدعم المباشر.
دعم خدمات التربية الوالدية: عبر رقمنة برامج التكوين، وإنشاء فضاءات أسرية في مختلف الأقاليم.
الاستثمار في اقتصاد الرعاية: لتحرير وقت النساء وتمكينهن من الاندماج في سوق الشغل.
توسيع فضاءات الوساطة الأسرية والرعاية الاجتماعية للمسنين.
إطلاق سياسة وطنية للأسرة تُراعي التحولات وتوفر أطرًا تشريعية جديدة تحمي حقوق الأطفال، والنساء، وكبار السن، وذوي الإعاقة.
إن كل هذه المعطيات تضع الأسرة في صلب النموذج التنموي الجديد. لم تعد السياسات العمومية قادرة على تجاهل هذه التحولات المتسارعة، ولا يمكن للتخطيط الاستراتيجي أن يستمر دون رؤية أسرية مندمجة. فالأسرة ليست فقط فضاء للتنشئة الاجتماعية، بل هي كذلك فاعل اقتصادي، وخط الدفاع الأول أمام الهشاشة والعنف والتفكك.
خلاصة
الأسرة المغربية اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تتحول إلى رافعة للتنمية المستدامة من خلال سياسات ذكية ومرنة، أو أن تُترك لمواجهة الأعاصير الاجتماعية والاقتصادية بمفردها. وبين هذا وذاك، يكمن
كشفت نتائج الإحصاء أن متوسط حجم الأسرة المغربية انخفض من 4.6 أفراد سنة 2014 إلى 3.9 سنة 2024، مع تراجع الخصوبة إلى 1.97 طفل لكل امرأة، وهو رقم أقل من عتبة تعويض الأجيال. هذا التراجع يحمل في طياته إشكالات عميقة، أبرزها شيخوخة السكان وازدياد العبء الاجتماعي والاقتصادي على فئات نشيطة محدودة. وإذا استمرت هذه الوتيرة، فقد تبلغ نسبة المسنين أكثر من 25% بحلول عام 2050، ما سيُضعف التوازنات المالية لصناديق التقاعد والحماية الاجتماعية.
صعود أسر ترأسها نساء
من المعطيات اللافتة كذلك، ارتفاع نسبة الأسر التي تعيلها النساء إلى 19.2%، مع تركز أكبر في الوسط الحضري (21.6%). هذا التوجه يعكس تحولات في البنية الاقتصادية والاجتماعية، ويدعو إلى سياسات دعم خاصة لهذه الفئة التي تواجه تحديات مضاعفة بين الإعالة والعمل والتربية.
الطفولة والتعليم: مؤشرات مختلطة
رغم تسجيل تقدم في نسب التمدرس، خاصة للفتيات في العالم القروي، فإن نسبة الأطفال دون 15 سنة تراجعت إلى 26.5%، ما يؤكد استمرار تراجع الخصوبة ويطرح تحديات مستقبلية مرتبطة بتركيبة القوى العاملة. كما أن الطفولة في الوسط القروي ما زالت عرضة للفوارق في الخدمات، رغم الجهود المبذولة.
شيخوخة سريعة وإعاقة متزايدة
يشير الإحصاء إلى أن أكثر من نصف الأشخاص فوق سن الـ70 هم من النساء، وتزداد الإعاقة مع التقدم في السن، حيث تصل نسبتها إلى 18.5% بين من يفوق سنهم 60 عامًا. هذه المعطيات تستدعي التفكير في خدمات الرعاية والتغطية الصحية، وتطوير البنية التحتية الداعمة لكبار السن.
الأسرة في قلب الرهانات الحكومية
رداً على هذه التحولات، اقترحت الحكومة من خلال وزارة الأسرة سياسة أسرية شاملة، تجعل من الأسرة وحدة للاستهداف في البرامج الاجتماعية، وتتبنى مقاربة واقعية وحكيمة تجمع بين الحماية القانونية والاستثمار في اقتصاد الرعاية. وتتمحور هذه السياسة حول:
ورش الحماية الاجتماعية: تعميم التأمين الإجباري على المرض، وتوسيع برامج الدعم المباشر.
دعم خدمات التربية الوالدية: عبر رقمنة برامج التكوين، وإنشاء فضاءات أسرية في مختلف الأقاليم.
الاستثمار في اقتصاد الرعاية: لتحرير وقت النساء وتمكينهن من الاندماج في سوق الشغل.
توسيع فضاءات الوساطة الأسرية والرعاية الاجتماعية للمسنين.
إطلاق سياسة وطنية للأسرة تُراعي التحولات وتوفر أطرًا تشريعية جديدة تحمي حقوق الأطفال، والنساء، وكبار السن، وذوي الإعاقة.
إن كل هذه المعطيات تضع الأسرة في صلب النموذج التنموي الجديد. لم تعد السياسات العمومية قادرة على تجاهل هذه التحولات المتسارعة، ولا يمكن للتخطيط الاستراتيجي أن يستمر دون رؤية أسرية مندمجة. فالأسرة ليست فقط فضاء للتنشئة الاجتماعية، بل هي كذلك فاعل اقتصادي، وخط الدفاع الأول أمام الهشاشة والعنف والتفكك.
خلاصة
الأسرة المغربية اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تتحول إلى رافعة للتنمية المستدامة من خلال سياسات ذكية ومرنة، أو أن تُترك لمواجهة الأعاصير الاجتماعية والاقتصادية بمفردها. وبين هذا وذاك، يكمن