كتاب الرأي

مصطفى بنحمزة: الإسلام يرفض العنف ويدعو إلى الرحمة والمودة في كل المعاملات


إن طبيعة الإسلام تؤسس العلاقة مع الآخر على التفاهم وعلى الرحمة، كائنا من كان ذلك الآخر، وهذه الأمة هي أمة أراد الله لها أن تكون رحيمة، (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، وهم عموم الناس، الموافق والمخالف، والعلاقات كلها يجب أن تسير في هذا الاتجاه، ألا وهو اتجاه الرحمة.



مصطفى بنحمزة: رئيس المجلس العلمي لوجدة

العنف هو انحراف في سلوك وطبيعة الإنسان 
 
فبالنسبة للأسرة نعلم أن مظلتها وعنوانها هو ما جاء به القران الكريم: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)"، فيجب أن نعلم  أن السكينة لا تنسجم مع العنف ولا مع الشجار، فالمظلة التي تعيش تحتها الأسرة هي مظلة الرحمة و التآزر و التعاون و التفاهم، لقوله تعالى: "وجعل بينكم مودة ورحمة"، فالمودة هي علاقة أولى، وهي التي تربط بين الذكر والأنثى، إذ فيها باعث الحب والرحمة والتآزر، وحتى في حالة ما إذا غابت المودة والحب، فيبقى صمام الأمان متمثلا في الأخلاق، لأن المرأة يمكن أن تصبح مريضة أو عاجزة، و حتى بالنسبة للرجل كذلك، فتبقى العلاقة بينهما علاقة رحمة، حيث نجد في أسرنا المسلمة الرحمة قائمة، فكثير من الأسر فيها رجال مقعدون لكن نساءهم يقمن بواجبهن تجاههم، وهناك أسر أخرى تفتقد لهذه الميزة.


 إذن كل هذه العلاقات الإنسانية موجودة في القران الكريم، حيث نجد في النصوص القرآنية السكينة والمودة والرحمة.


والعنف هو انحراف في طبيعة الإنسان وفي سلوكه، فقد يمارس الرجل العنف على المرأة والعكس صحيح، فكثير من الرجال يمارس عليهم العنف إلى درجة أن يفرض عليهم المبيت في العراء، وذلك لما يعجزون عن توفير نفقات الأسرة. 


كما أن هناك أيضا أزواج وأبناء مارسوا العنف ضد نسائهم وأمهاتهم، وأخ ضد أخته، فتلك كلها علاقات مضطربة ومختلة، ليست لها جهة واحدة، بل يمكن أن يشارك فيها الجميع، لأن هذه الظاهرة تظهر عند الرجل أكثر نظرا لكونه يستقوى بجسمه، ولكن ذلك لا يعني أن نتحدث عن العنف من جهة واحدة، إذن إن الإسلام يرفض العنف، " مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ، وما كان العنف في شَيْءٍ إِلا شَانَهُ". وهي كلها أحكام ونصوص شرعية.


 يجب أن يستأصل هذا العنف من الأمة ومن ثقافتها، لأنه لا يمكن مسالمة العنف في حالة ومناهضته في أخرى، وحينما ننظر اليوم إلى ما ينشأ عليه بعض الشباب من استباحة العنف، كما يجري مثلا في الملاعب الرياضية، ويمجدون هذا العنف إلى درجة أنهم يصبحون قوة في تجمعاتهم فيقومون بأفعال كلها عنف حيث يكسرون و يتراشقون بالحجارة الخ... و لذلك إذا كان العنف ثقافة فسيبقى موجودا، وإذا لم نعمل على استئصاله من جذوره و نمنعه دائما في ثقافتنا و نعمل على توجيه الناس إلى ثقافة الرفق، فيبقى هذا العمل مستمرا و يطول، لذا يجب أن ندين العنف بشتى أنواعه.
 

 أما العنف ضد الطفل، فهذا الأخير هو الضحية الكبرى في جميع الأحوال، فحينما يمارس العنف ضد المرأة يبقى الطفل الضحية الأولى لذلك العنف، لذا يجب أن تتوفر لدينا عقول كبيرة جدا لمحاربة العنف، فحينما ندفع الآن في اتجاه تفكيك الأسر، يبقى هناك آلاف الأسر أو آلاف حالات الطلاق تتم في السنة، وهذا هو العنف، كيف سيكون مصير ذلك الطفل حينما تفكك أسرته: ومن سيعتني به مما يؤدي به، إلى التشرد والانحراف وغير ذلك، فتصبح حالات العنف هنا مرتبطة بالمخدرات التي أصبحت تباع بالأسواق ولم تعد تروج بالغرامات، بل بالأطنان. 


 لذا، يجب أن ننظر أولا نظرة شمولية إلى ظاهرة العنف وليس بنظرة تجزيئية، ثانيا أن نعتمد على الدين، ونكون واثقين بأن التربية الإسلامية قادرة على ذلك، واليوم شعوبنا كلها ولولا وجود الرحمة بينها، لظهرت فيها عورات كثيرة، إذن يجب أن لا ننشر ثقافة الأنانية وأن نتخلى عن المصلحة الشخصية داخل المجتمع كما داخل الأسرة.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الثلاثاء 12 ديسمبر 2023

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic