ثانيا، الفشل الذريع للجزائر التي لها صفة عضو غير دائم بالمجلس منذ بداية السنة الجارية.. إذ لم تستطع بالرغم من مناوراتها وشعاراتها أن تضيف أو تحذف حرفا من مكتسبات المغرب في نص القرار.. بل إن عملية التصويت شهدت حالة شاذة لم يسبق لعضو غير دائم ان اتخذها وهي أن الجزائر لم تصوت لا بالامتناع ولا بالمعارضة ولا بتأييد القرار بل عدم المشاركة وإخفاء رأسها في رمال قرارات سابقة كانت مضامينها مجحفة في حق المغرب.
القرار الجديد ويحمل رقم 2756 هو ال 77 الذي أصدره مجلس الامن منذ سنة 1975 والمتعلق بالصحراء المغربية. وقد مدد ولاية المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2025. وجاء تبنيه بتصويت 12 عضوا لصالحه وبامتناع عضوين على التصويت هما روسيا والموزمبيق. وقد سعت الجزائر الى ادراج تعديلين تم رفضهما من طرف المجلس ارادت من خلالهما العودة الى طرح تم ذفنه قبل اثنى عشر سنة ويتعلق بتوسيع صلاحيات المينورسولتشمل مراقبة حقوق الانسان...
قرار مجلس الامن أتي في سياقات متعددة لها أهميتها ودلالاتها هي في الحقيقة محصلة الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المغرب لتأكيد الحقوق التاريخية والمشروعة في صحرائنا ...وهي بالأساس ما أعلن عنه جلالة الملك في خطابه امام البرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الجديدة من أنه ومنذ اعتلاء حلالته العرش "أننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد هذا الملف. ودعوت كذلك للانتقال من مقاربة رد الفعل، إلى أخذ المبادرة، والتحلي بالحزم والاستباقية".
وثانيا، الموقف الذي عبرت عنه فرنسا على لسان رئيسها ايمانويل ماكرون في تهنئته لجلالة الملك بمناسبة عيد العرش:" أعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية. […] بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية" وهو ما أكده اعلان الشراكة الاستراتيجية الاستثنائية والوطيدة الموقع عليه قبل ثلاث أيام وهو الموقف الذي تم تأكيده في خطابه امام البرلمان بمناسبة زيارة الدولة لماكرون لبلادنا. وبذلك تضاف فرنسا العضو الدائم بمجلس الامن الى الولايات المتحدة الامريكية التي لها نفس الصفة بالمجلس باعترافهما بمغربية الصحراء ولإسبانيا التي تعد الى جانب باريس على اطلاع وثيق بحقائق قضية الصحراء وبالنزاع الذي تفتعله الجزائر منذ حوالي نصف قرن.
قرار مجلس الامن جاء في سنة عرفت المزيد من دعم عواصم العالم لمبادرة الحكم الذاتي ونشير هنا على سبيل المثال ما عرفته الدورة الأخيرة للجنة الرابعة بالأمم المتحدة التي صرح فيها ممثلو الدول على دعم هذه المبادرة التي قدمهاالمغرب في ابريل 2007. وحتى الدول التي لا زالتتساند الطرح الجزائري اختارت ان تدرج فقرة من فقرات قرارات مجلس الامن (" ضرورة التوصل الى حل سياسي ...ودعم الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي..") بل هناك العديد من الدول وعلى خلاف مداخلاتها في السنوات السابقة لم تتطرق لموضوع الصحراء..
وكما في القرارات التي صدرت منذ 2019 أي ابتداء من القرار 2494 ورد اسم الجزائر في القرار الأخير تسع مرات بعد ان كانت تتم الإشارة اليها كطرف مستتر:
تم ذكرها بالاسم خمس مرات، وكطرف، وكعضو ضمن الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، وكبلد مجاور، وكدولة مجاورة.
ومع ذلك لازالت جارتنا الشرقية تدعي أنها ليست طرفا معنيا بالنزاع وهي التي افتعلته منذ بداية سبعينيات القرن الماضي.. وها هي جلسة مجلس الامن تشهد أن دبلوماسية الجزائر بخطابها وبتعديلاتها وبارتباكها وبهروبها من التصويت تؤكد أنها الطرف الرئيسي الذي يقف في وجه حل سياسي ويتبنى اطروحات تم تجاوزها لأنهاغير واقعية ولا أفق لها ..لقد كانت جلسة الخميس الماضي بمثابة القبض على هذه الدبلوماسية وهي في حالة تلبس تخفي رأسها تحت رمال ...الهزيمة.
بقلم: مصطفى العراقي ....صحفي ، حقوقي