فن وفكر

قفف الدوم المراكشية: حرفة تقليدية تقاوم الاندثار


تُعتبر صناعة قفف الدوم في مدينة مراكش واحدة من أبرز الحرف التقليدية التي تعكس عمق التراث المغربي وأصالته. ورغم التحولات العصرية التي طرأت على أنماط الحياة، لا تزال هذه الحرفة تحتفظ بمكانتها، بفضل المهارة الاستثنائية للحرفيين الذين توارثوها جيلاً بعد جيل.



تاريخ عريق يمتد لمئات السنين
ترجع أصول صناعة قفف الدوم إلى مئات السنين، حيث كانت القفف جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للمغاربة. فقد استخدمت في حمل المنتجات الزراعية، تخزين المواد الغذائية، وحتى في التسوق. ومع مرور الزمن، أصبحت هذه القفف رمزًا للبساطة والعملية، قبل أن تتحول إلى قطع فنية تعكس براعة الصانع التقليدي.

مادة الدوم.. سر الحرفة
تعتمد هذه الصناعة على مادة الدوم، وهو نبات طبيعي ينمو في مناطق مختلفة من المغرب. يتم جمع أوراق الدوم وتجفيفها ومعالجتها بعناية لتصبح جاهزة للحياكة. هذه المادة الطبيعية ليست فقط صديقة للبيئة، بل تتميز أيضًا بمتانتها وقدرتها على التحمل، مما يجعل القفف المصنوعة منها عملية ومستدامة.

مراحل صناعة قفف الدوم
تمر صناعة قفف الدوم بعدة مراحل دقيقة تتطلب مهارة وصبرًا كبيرين. تبدأ العملية بجمع أوراق الدوم وتجفيفها تحت أشعة الشمس، ثم تُقطّع إلى أشرطة رفيعة تُحضّر للنسيج. بعد ذلك، يبدأ الحرفيون في حياكة القفف يدويًا باستخدام تقنيات تقليدية تضمن الصلابة والجودة العالية.

تصاميم تجمع بين البساطة والإبداع
تتنوع أشكال وتصاميم قفف الدوم بين البسيطة والمزخرفة، حيث يبدع الحرفيون في إضافة لمسات فنية تجعل كل قطعة فريدة من نوعها. يتم تزيين القفف بألوان طبيعية أو زخارف مستوحاة من الثقافة المغربية، مما يمنحها طابعًا مميزًا يجمع بين الجمال والوظيفة.

تحديات الحرفة في العصر الحديث
رغم جمال وثراء هذه الحرفة، تواجه صناعة قفف الدوم تحديات كبيرة في العصر الحديث، مثل تراجع الإقبال على المنتجات التقليدية لصالح المنتجات العصرية، وصعوبة جذب الشباب لتعلم هذه المهنة. ومع ذلك، لا يزال هناك أمل في الحفاظ على هذا الإرث الثقافي بفضل جهود الحرفيين والمؤسسات المهتمة بالصناعات التقليدية.

إرث يستحق الدعم
تمثل قفف الدوم المراكشية أكثر من مجرد أدوات عملية؛ إنها شهادة حية على عبقرية الصانع المغربي وقدرته على تحويل المواد الطبيعية إلى أعمال فنية. وللحفاظ على هذا الإرث، يتطلب الأمر دعمًا أكبر للحرفيين وتشجيعًا للصناعات التقليدية، سواء من خلال الترويج لهذه المنتجات أو دمجها في الأسواق الحديثة.

في النهاية، تبقى قفف الدوم رمزًا للهوية المغربية، وجسرًا يربط بين الماضي والحاضر، وحرفة تقليدية تستحق أن تُحفظ للأجيال القادمة.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 6 مارس 2025

              















تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic