كتاب الرأي

قصيدة شعرية تحت عنوان: يا إخوتي !




بقلم: علي التونسي كاتب وباحث في سوسيولوجيا المعرفة

تقديم (1 ) :

  يقول عبد الرحمان ابن خلدون في مقدمته عن انهيار الدول ما يمكن اقتباسه إسقاطا على الأحزاب:
 عندما تنهار الدول يكثر فيها المنجمون، والمتسولون، والمنافقون، والمدّعون، والكتبة والقوّالون، والمغنون النشاز، والشعراء النظّامون، والمتصعلكون، وضاربو المندل، وقارعو الطبول، والمتفيهقون، وقارئو الكفّ بالطالع والنازل، والمتسيّسون، والمدّاحون والهجّاؤون، و عابرون السبيل والانتهازيون، فتتكشف الأقنعة ويختلط ما لا يختلط، يضيع التقدير ويسوء التدبير، وتختلط المعاني والكلام، ويختلط الصدق بالكذب، والجهاد بالقتل ...


 عندما تنهار الدول، يسود الرعب ويلوذ الناس بالطوائف، وتظهر العجائب وتعم الإشاعة، ويتحول الصديق إلى عدو والعدو إلى صديق، ويعلو صوت الباطل ويخفت صوت الحق، وتظهر على السطح وجوه مريبة وتختفي وجوه مؤنسة، وتشح الأحلام ويموت الأمل، وتزداد غربة العاقل، وتضيع ملامح الوجوه ... يضيع صوت الحكماء في ضجيج الخطباء، والمزايدات على الانتماء ...


يصبح الكل في حالة تأهب وانتظار، ويتحول الوضع الى مشروعات مهاجرين، ويتحول الوطن إلى محطة سفر، والمراتع التي نعيش فيها إلى حقائب، والبيوت إلى ذكريات، والذكريات إلى حكايات... >> انتهى قول ابن خلدون .



تقديم ( 2 ) :

 مع غياب المعايير الموضوعية الحزبية و تفاقم معضلة التهافت و التطاول بدون وجه حق و لا كفاءة أو كفاية، مع اختلاط الأوراق و تدني القيمة، يتراجع  مستوى المألوف و الاعتيادي إلى رواج المجهول و الغريب و انتشار ضبابية الرؤى و تفشي سلوك التيه و انفلات الانظباط ...


و لتصحيح هذا الحال ينبغي بل يجب الرجوع إلى الثوابت و معايير الالتزام القانوني و التنظيمي  بأخلاقيات الحوار و احترام التراتبية و الأقدمية و الوجود و الانصاف... ( إنصاف الأولين السابقين و تشجيع اللاحقين الراغبين ) 


ذلك إن حب الانفراد و التملك و الاستحواد و رغبة التحكم و الغش و التهرب الضريبي سلوك فردي، أناني، غريزي، حيواني غابوي ...

لا علاقة له بالديموقراطية كظاهرة مدنية سياسية و تربية  ثقافية اجتماعية حضارية ...

...قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلْإِيمَٰنُ فِى قُلُوبِكُمْ... ( سورة الحجرات الآية 14 ) .     

 

 و من ثمة، فعلى مقربة من إجراء كل انتخاب تشريعي أو ترابي، سرنا نسمع  بمن يطالب بحكومة الكفاءات ( ؟!!! ) و هو مطلب يفتقد للدقة و الوضوح، فجعل كثيرين يظنون أن هذا المطلب يعني إبعاد الأحزاب الوطنية و نعتها  بالفشل و عدم القدرة على تسيير الشأن العام، إلا أن الواقع عكس ذلك. فإصدار حكم قيمة جاهز يصف الأحزاب الوطنية بافتقادها للكفاءات. و أن هناك في المقابل كفاءات خارج هذه الأحزاب لا تتاح لها فرص الالتحاق بها بسبب تحكم المحترفين...  هذا منظور غير قابل للتعميم فهناك كفاءات حزبية تمرسوا منذ نعومة أظافرهم على العمل السوسيو ثقافي و التربوي و التطوعي في مختلف التنظيمات الجمعوية  ثم اكتسبوا فيما بعد تدرجهم  في مختلف مسؤوليات و دوالب و مؤسسات الأحزاب الوطنية و النقابات معارف و  تجارب تنظيمية و ثقافة حزبية و نقابية إضافة آلى تفوقهم و نجاحهم في مسارهم الدراسي و المهني، فمنهم/ن  حاملي دبلومات و ذوي الخبرة و التجربة في مختلف التخصصات  ( مهندسون، أطباء، أساتذة جامعيون، إداريدون، فنييون تقيون و خبراء اقتصاديون و ماليون،...) أغلبهم من التقنوقراط المتحزببن المتسيسين و النقابيين. و أيضا هناك كفاءات إلتحقت متأخرة  بالأحزاب فتألقت و سطع نجمها و وجدت طريقها إلى المسؤوليات الإدارية و الحكومية و البرلمانية ...



 طبعا هذا لا يعني أن نتائج تذبير الشأن العام كلها في المستوى المطلوب. و من ثمة يبدو أن مشكلة الحكومات لا تتعلق بنقص الأطر و الكفاءات بقدر ما تكمن في بلقنة نتيجة الخريطة الانتخابية و الإبقاء على ما يتخلل لوائح المقيدين من شوائب شتى... و كذلك تفاقم ظاهرة تزكية أرباب المال و شراء الذمم و ما يترتب عنها من عزوف و عدم الثقة في طرق و آليات الاقتراع العمومي العام و مدى نجاعتها و شفافيتها .



كما أن ما نلاحظه باستمرار هو أن أغلبية الأطر و الكفاءات المرشحين لا تفرزهم صناديق الاقتراع و هنا مربط الفرس و صلب المشكلة. ذلك أن الإحصائيات تكشف إن نسبة الأمية و ضعف التكوين المدرسي مرتفعة بشكل مهول في وسط المنتخبين ( بالخاء المنصوبة ) .


و من جهة ثانية هناك مشكل الوصاية المفروضة على الأحزاب فيما يتعلق بتشكيل الحكومات و اختيار الوزراء و التعيينات في المناصب العليا... و كذلك الوصاية المفروضة على  الجماعات المحلية من طرف الإدارة و ما يترتب عنها من صراع مزمن و خفي  بين الأحزاب و الإدارة، بين التغيير الدموقراطي و  الاتجاه السلطوي التقليدي المحافظ، بين مناهضي التخلف و المستفيدين منه.  لذلك نسمع فئة تقول بفساد الإدارة و فئة تقول بفشل الأحزاب. فتتبعا لأسباب و جذور هذا الصراع نجدها تكمن في مخلفات مؤتمر إيكس ليبان الذي ترتب عنه استقلالا ممنوحا للمغرب بشروط قاسية تضمن للمستعمر استمرار مصالحه الاستعمارية المجحفة للجانب المغربي ( ملكا و شعبا و حكومة). و هو نفس المشكل الذي  تعاني منه كل البلدان التي منحها الاستعمار استقالالا مقيدا بشروط لقرن من الزمن و قد يزيد بسبب تفاقم ضعف التنمية و هشاشة الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و كثرة الاحتجاجات و القلاقل لهذه البلدان ...
                                               
 

شعر: يا إخوتي

هذا العتم  السالب غرة الأقمار
ما هذا الليل الطويل 
ظليم في وضح النهار
السماء تعصف فجرا ترابا أحمرا و غبار
و ناي الربيع حزين بلا أزهار.. و لا أطيار



يا إخوتي ! 
هذا العتم لوى قمما و بحار
 شل عواصف الثلوج و لواقح الأشجار
أنذر الديار جوعا و حوّل هطول الأمطار



يا إخوتي !
تهوى قلوب بعض الفراق
تصون به الحنين شوقا للديار
دروب أحبتي سليمة
ليس فيها عثرات ذل 
و لا أسباب نكود
يرفرف العز و أخلاق العزائم
آية الأماجيد جبين الكرام
إلا من سعى مباه لعز يشتريه 
أرداه الذل صريعا علقما يسقيه

 بقلم  علي تونسي

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 17 غشت 2023

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic