آخر الأخبار

فضيحة "مصاصي المازوط" تهز مقاطعات الدار البيضاء


شهدت مقاطعات الدار البيضاء، يوم الأربعاء الماضي، تحركات مكثفة لرؤساء المقاطعات، الذين سارعوا إلى طلب بيانات وفواتير تتعلق بمصاريف المحروقات والصيانة وشراء قطع الغيار، وذلك بعد اكتشاف فضيحة مدوية تتعلق بسرقة المحروقات في منطقة الحي الحسني. هذه القضية التي باتت تعرف إعلاميًا بفضيحة "مصاصي المازوط" أثارت جدلًا واسعًا في أوساط المنتخبين والموظفين، ودفعت إلى فتح تحقيقات معمقة لكشف ملابساتها.



تفاصيل الفضيحة: من "البونات" إلى الخزانات المخفية
وفقًا لما أوردته يومية "الصباح" في عددها الصادر يوم الجمعة 21 فبراير 2025، فإن مقاطعات الدار البيضاء تخصص ميزانيات ضخمة تتراوح بين 120 مليون سنتيم و250 مليون سنتيم سنويًا لمصاريف المحروقات. ويتم صرف هذه الميزانيات عبر صفقات عمومية ترسو على شركات محروقات، التي تقدم دفاتر شيكات تحتوي على "بونات" بقيم مالية مختلفة (100 إلى 200 درهم).

غير أن هذه "البونات"، التي توزع على منتخبين وموظفين ورؤساء أقسام المرائب، أصبحت في بعض الحالات وسيلة للتربح غير المشروع. حيث كشفت التحقيقات الأولية عن وجود موظفين يستعملون مضخات صغيرة وخراطيم لاستخراج كميات من المحروقات من خزانات سيارات الخدمة والشاحنات ومعدات الأشغال العمومية، بهدف إعادة بيعها في السوق السوداء.

اكتشاف الكميات المسروقة: الصدفة أم إخبارية؟
تفجرت القضية بعد أن عثرت السلطات المحلية بحي الأمل في الحي الحسني على كميات كبيرة من المحروقات معبأة في قنينات سعة 5 لترات، مخبأة في حديقة صغيرة مجاورة لمنزل موظف يعمل في مرأب إحدى المقاطعات. وتزامن هذا الاكتشاف مع حملة لتحرير الملك العمومي كانت تُشرف عليها السلطات المحلية بقيادة قائد الملحقة 26.

وأثناء عملية الحفر لتحرير الملك العمومي، عُثِر على حوالي 70 قنينة مملوءة بالمحروقات مدفونة تحت الأرض. ورغم أن الاكتشاف بدا وكأنه جاء بمحض الصدفة، إلا أن مصادر أخرى رجحت أن القائد توصل بإخبارية غير مؤكدة حول الموضوع، وقرر تغليفها بحملة لتحرير الملك العمومي لتجنب إثارة الشكوك.

اختفاء المشتبه به الرئيسي وتعميق التحقيقات
تشير المعطيات إلى أن الموظف المشتبه به، الذي يعمل في مرأب المقاطعة القريب من ملعب الألفة وإعدادية الإمام الجزولي، قد اختفى عن الأنظار منذ لحظة اكتشاف الكميات المسروقة. كما أصدرت السلطات أوامر بحجز سياراته الشخصية في إطار التحقيقات الجارية.

وطالبت فعاليات مدنية بالحي الحسني الجهات المختصة بتوسيع دائرة التحقيق لتشمل جميع الأطراف المحتمل تورطها في هذه الفضيحة، سواء بشكل مباشر أو من خلال مسؤوليات تقصيرية. كما دعت إلى دراسة جميع الفرضيات المتعلقة بكيفية الكشف عن الكميات المسروقة، مع ضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه.

"المال السائب يعلم السرقة"
أبرزت اليومية أن بند المحروقات في ميزانيات المقاطعات يُعتبر في كثير من الأحيان "مالًا سائبًا"، يسهل استغلاله من قبل فئة "مصاصي المازوط"، سواء كانوا من الموظفين الصغار أو المنتخبين الكبار. حيث يتم توزيع كميات كبيرة من المحروقات دون وجود ما يبرر استخدامها، لتغطية نفقات تنقلات وخدمات وهمية.

مطالب بإصلاح شامل
أثارت هذه الفضيحة جدلًا واسعًا حول طريقة تدبير ميزانيات المحروقات في المقاطعات، وسط مطالبات بإصلاح شامل لمنظومة توزيع المحروقات وتشديد الرقابة عليها. كما سلطت الضوء على الحاجة إلى تعزيز آليات الشفافية والمحاسبة في تدبير المال العام، لمنع تكرار مثل هذه التجاوزات التي تهدر أموالًا طائلة على حساب المواطنين.

فضيحة "مصاصي المازوط" ليست سوى نموذج من التجاوزات التي قد تحدث في غياب الرقابة الصارمة على المال العام. ويظل الرهان الأكبر هو تعزيز الشفافية والمساءلة لمعالجة مثل هذه الاختلالات، وضمان توجيه الموارد لخدمة الصالح العام بدلًا من استغلالها لتحقيق مصالح شخصية.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 21 فبراير 2025

              















تحميل مجلة لويكاند


عناوين البوابات الإلكترونية الناطقة بالعربية المغربية





Buy cheap website traffic