بقلم: فؤاد يعقوبي أخصائي نفسي اجتماعي
إنّ السرقة العنيفة، أو ما يعرف اصطلاحا بـ«الاعتداء المرفوق بالاستيلاء»، تنطوي على استخدام القوة أو التهديد بها من أجل تحقيق مكسب مادي مباشر. وقد تتخذ هذه الأفعال أشكالا متعددة، كالهجوم بالسلاح الأبيض، أو السلب تحت التهديد في الأماكن العامة، أو الاقتحام العنيف للمساكن والمتاجر. ولعل أخطر ما في هذه الأفعال هو ارتباطها بمنظومة من القيم المنحرفة التي تشرعن العدوانية كمصدر للتمكين والسيطرة، خاصة لدى فئات اجتماعية مهمشة أو مفتقرة للبدائل المشروعة.
من الزاوية النفسية الإجتماعية ، يرتبط هذا السلوك بمستويات عالية من العدوانية المكتسبة، وانخفاض في القدرة على ضبط النفس، ونزعة نحو التحدي وخرق القوانين، وهي خصائص غالبا ما نجدها لدى الأفراد الذين نشؤوا في بيئات يغيب فيها الإشباع العاطفي، والتماسك الأسري، والمراقبة التربوية. كما تبرز بعض الأبحاث علاقة بين هذا النوع من العنف واضطرابات في الهوية الشخصية، خاصة لدى المراهقين والشباب، ممن لم يستطيعوا بناء تصور إيجابي عن ذواتهم في مجتمع يربط الكرامة والاعتراف الاجتماعي بالملكية المادية والمظهر الخارجي.
كما أن ظاهرة العنف المرفوق بالسرقة مرآة لاختلالات بنيوية في المجتمع، تعكس فجوات طبقية صارخة، وشعورا بالإقصاء الاجتماعي، وانعدام الأمل في الحركية الاجتماعية الصاعدة. ففي ظل تصدع منظومات التضامن الاجتماعي، وتراجع دور المدرسة والأسرة، وتفشي القيم الاستهلاكية، يجد بعض الأفراد في العنف وسيلة "لتحقيق الذات"، أو "لاسترجاع" ما يعتبرونه حقا مغتصبا.
ومن المثير للتأمل أن هذا النمط من السلوك لا يرتبط دائما بالفقر أو الحرمان المادي كما يعتقد، بل قد يصدر أحيانا عن أفراد يعيشون في مستويات معيشية مقبولة، لكنهم يفتقرون إلى التوجيه القيمي والمعنى الوجودي، ويقعون ضحية لنموذج مجتمعي يمجد التفوق بأي وسيلة، ولو كانت على حساب سلامة الآخر وكرامته.
ولا يمكن فصل هذه الظاهرة عن التأثير الإعلامي الكبير، حيث تسهم بعض المضامين الرقمية، لاسيما تلك التي تروج لبطولات زائفة لأشخاص يمارسون العنف والنهب، في خلق نماذج سلوكية مشوهة لدى الشباب. كما أن التكرار المستمر لمشاهد السرقة في المسلسلات والأفلام قد يؤدي إلى تطبيع هذا الفعل في الوجدان الجمعي، ويجعله يبدو مألوفا، بل وأحيانا مبررا.
أمام هذا الوضع، تصبح المعالجة الوقائية أكثر إلحاحا من المعالجة الزجرية. فبدلا من الاكتفاء بتشديد العقوبات، ينبغي العمل على تأهيل الفضاءات الاجتماعية التي يتكون فيها الوعي الفردي والجماعي، من خلال تعزيز برامج التربية على القيم، وتقوية الدعم النفسي والتربوي في المدارس، وتمكين الأسر من أداء أدوارها التربوية، دون أن ننسى أهمية تمكين الشباب اقتصاديا وثقافيا.
في الختام، فإن ظاهرة العنف المرفوق بالسرقة ليست مجرّد خرق للقانون، بل هي عرض لأزمة أعمق تطال المنظومة النفسية والاجتماعية برمتها. وهي دعوة لنا جميعا، أكاديميين ومربين وصناع قرار، إلى إعادة التفكير في أولوياتنا التربوية والاجتماعية، من أجل بناء مجتمع يربي على الوعي لا على الخوف، وعلى الكرامة لا على الانتقام.
من الزاوية النفسية الإجتماعية ، يرتبط هذا السلوك بمستويات عالية من العدوانية المكتسبة، وانخفاض في القدرة على ضبط النفس، ونزعة نحو التحدي وخرق القوانين، وهي خصائص غالبا ما نجدها لدى الأفراد الذين نشؤوا في بيئات يغيب فيها الإشباع العاطفي، والتماسك الأسري، والمراقبة التربوية. كما تبرز بعض الأبحاث علاقة بين هذا النوع من العنف واضطرابات في الهوية الشخصية، خاصة لدى المراهقين والشباب، ممن لم يستطيعوا بناء تصور إيجابي عن ذواتهم في مجتمع يربط الكرامة والاعتراف الاجتماعي بالملكية المادية والمظهر الخارجي.
كما أن ظاهرة العنف المرفوق بالسرقة مرآة لاختلالات بنيوية في المجتمع، تعكس فجوات طبقية صارخة، وشعورا بالإقصاء الاجتماعي، وانعدام الأمل في الحركية الاجتماعية الصاعدة. ففي ظل تصدع منظومات التضامن الاجتماعي، وتراجع دور المدرسة والأسرة، وتفشي القيم الاستهلاكية، يجد بعض الأفراد في العنف وسيلة "لتحقيق الذات"، أو "لاسترجاع" ما يعتبرونه حقا مغتصبا.
ومن المثير للتأمل أن هذا النمط من السلوك لا يرتبط دائما بالفقر أو الحرمان المادي كما يعتقد، بل قد يصدر أحيانا عن أفراد يعيشون في مستويات معيشية مقبولة، لكنهم يفتقرون إلى التوجيه القيمي والمعنى الوجودي، ويقعون ضحية لنموذج مجتمعي يمجد التفوق بأي وسيلة، ولو كانت على حساب سلامة الآخر وكرامته.
ولا يمكن فصل هذه الظاهرة عن التأثير الإعلامي الكبير، حيث تسهم بعض المضامين الرقمية، لاسيما تلك التي تروج لبطولات زائفة لأشخاص يمارسون العنف والنهب، في خلق نماذج سلوكية مشوهة لدى الشباب. كما أن التكرار المستمر لمشاهد السرقة في المسلسلات والأفلام قد يؤدي إلى تطبيع هذا الفعل في الوجدان الجمعي، ويجعله يبدو مألوفا، بل وأحيانا مبررا.
أمام هذا الوضع، تصبح المعالجة الوقائية أكثر إلحاحا من المعالجة الزجرية. فبدلا من الاكتفاء بتشديد العقوبات، ينبغي العمل على تأهيل الفضاءات الاجتماعية التي يتكون فيها الوعي الفردي والجماعي، من خلال تعزيز برامج التربية على القيم، وتقوية الدعم النفسي والتربوي في المدارس، وتمكين الأسر من أداء أدوارها التربوية، دون أن ننسى أهمية تمكين الشباب اقتصاديا وثقافيا.
في الختام، فإن ظاهرة العنف المرفوق بالسرقة ليست مجرّد خرق للقانون، بل هي عرض لأزمة أعمق تطال المنظومة النفسية والاجتماعية برمتها. وهي دعوة لنا جميعا، أكاديميين ومربين وصناع قرار، إلى إعادة التفكير في أولوياتنا التربوية والاجتماعية، من أجل بناء مجتمع يربي على الوعي لا على الخوف، وعلى الكرامة لا على الانتقام.