فن وفكر

زهْرة بتجاعيد مُبَكِّرة !


شتَّان بيْن النُّضْج والنُّبوغ ، فالأوّل قد يتساوى فيه البشر مع الطَّماطِم في مواسم الجَنْي ، أما الثاني لا ندركه إلا باستثمار كل دقيقة في التحصيل وصقْل الموهبة ، خصوصا في مرحلة الشباب ، ويبدو أنه لم يبْق من العُقول في البلد إلا الطَّماطِم ، وقدا نَضَج بعضُها من فَرْط تراخيه في تدْبير الأزمات حتى اخْتَمَجْ !



محمد بشكار

ألمْ تر كيف يَنْعمُ هذا البعْض المسؤول يا حسرة ، في بَحْبُوحة الخَرَف ، دون أن يُكلِّف دماغه الشَّقاء قَيْد تفكير كي يعرف ، أنَّ أفْظَع سِنٍّ قدْ تُمْنَى باليأس هي مرحلة الشباب ، ولنا أنْ نتخيَّل ماذا يحدث حين ينْقلِبُ الهرم السُّكاني ، لِيُصبح أغلبية اليافعين شُيوخاً ، يُقابِلون الحركة بالشَّلل ، البريق بالأفول في الأعْين ، الصَّوت بالخَرس ، التَّفْكير بالتَّبلُّد والدَّوْخة الرَّخيصة ، العَمل بالأذرع المُنْكسِرة ، لنا أن نتخيَّل كيف تتَّسِع رُقْعة جيل الرَّماد حين تنْطفىء شُعْلةُ الأملْ  !



 لم يكُن لِيخْطر ببالي يوماً ، أنْ يأْتي جيلٌ يتَّخِذُ الفراغ شِعاراً سياسيّاً للتعبير عن الرَّفْض ، بل تجاوز الشِّعار إلى صياغة بيانٍ تَصْعيدي ، فكأنَّ الأصابع التي دبَّجتْهُ هي نفسُها في الزَّنْد ، تُطلق مع كلِّ نُقطةٍ تَضعُها في آخر السَّطر ، رصاصةً قد تُخطىء في حاضرنا المَقْتَل ولكنها تُصيبُ فِي السُّويْداء المُسْتقبل ، فالدِّراسة فِي نظَر هذا الجيل ، مُجرَّد حشْوٍ بأكْوامِ مُقرَّراتٍ فوق طاقة الأدْمغة ، تُنْهِكها قبل الأوان وتؤدِّي للتَّلَف ، ثُم ما جدْوى أنْ أُضيِّع نِصْف عُمري خلْف جُدران الدِّراسة ، إذا كان آخرُ بابٍ في سُورها العظيم ، يُفْضي للشَّارع وليس الصِّين ، البحْرُ أهْوَن إمّا إلى الضِّفَّة الأخرى حيث الشقاء يُقدَّرُ بِثمن ، أو أعود ببعض أشلائي في بطْن السَّمك إلى الوطن ، على الأقل سأُصبح أنْفَع حين أُسَاهم ببقايا لحمي ودمي ، في السَّلة الغذائية للمُجْتمع !  



لا يحْتاج بيانُ الفراغ الَّذي يتَّسعُ كُلَّ يوم بأسْطُرٍ جديدة ، إلى النَّشْر في الصُّحف لتعُمَّ الكارثة ، ألَمْ تَرَ كيف أصبحنا غُرباء في رُقْعةٍ ضيِّقة ، لا أحد هناك في الأكشاك والمكتبات والمعارض وقاعات السينما والمسارح ، إلا مِنْ بعض الإستثناءات المَعْدودة رُبَّما بسبب خَللٍ في هرمون الوعْي الشّقي ، لا أحد يشْغُلُ حيِّزاً في الكرسي أوْ الفضاء ، وبين يوم وآخر لا نمْلكُ غيْر أن نَتحسَّر ، خُصوصاً حين يُقرِّر كاتبٌ أنْ يترجَّل عن صَهْوة القلم ، ولا فرْق بين أن تتوقَّف عن الكتابة والموت الذي يليه الصَّمْتُ للأبد ، لِمَنْ يؤلِّف بعد أنْ تمدَّد التصحُّر الفكْري ، وبيعت المواقف بأكْياس العلَفْ !



 لقد اسْتجار الشُّبانُ بالفراغ ، وتركوا النَّوادي حقولا جرداء لا تصلح حتى لزراعة اللَّفْت ، ولا شيء يُعوِّض وجودَهم الحيويَّ ، غير تصريحات رسْمية زائفة في التلفزيون تُزيِّن السَّراب بعبارت كاذبة مثل (..إنها لفتةٌ طيبة) ، ومِنْ أيْن للبلد بِدون هذه الطَّبقة النَّشِيطة ، تلْكَ الدِّينامية التي تُروِّج للرَّأسْمَالَيِن المادِّي والأدبي ، حقاً ليس ثمّة عقابٌ أقْسى من أنْ ألغي كُلَّ مَنْ حولي من أبْسَط اهتماماتي ، وذلكَ ما يصْنعُه الجيلُ الجديد ، يُعاقِب البلد ومَنْ عليها وحتى الموْتى الذين تحتها فِي الثرى ، لأنَّهُم السَّبب الرئيسي الذي جعلهُ بالقُوَّة الطَّبيعية للتناسل ، موجوداً على سطح الأرض ، يَنْتقم بأنْ يُعْلِن نفسه غائباً كبيراً ليس فقط في قاعة الدرس ، بل في كل الدواليب التي بِحركتها تتقدَّمُ قاطرة البلد ،  يعيش كأنَّه لا يعيش ، فارغاً من كل شيء يُؤثِّث المجتمع ، لا يهتم بالسياسة ولا الثقافة ولا الأدب ولا الفُنون ، وإذا أحبَّ الرياضة ليس امتثالاً لحِكْمة "العقل السَّليم في الجِسْم السَّليم" ، إنما لِيلْتمِس مِنْ كرة القدم بعض العزاء ، فهي مِثْلُهُ تتلقَّى ضرباتٍ مُوجِعة مِنْ كلِّ جانب ، وحين يَهْرعُ إلى مُباراةٍ كُرويَّة بِرُوحٍ تمزجُ الفجيعة بالفرح ، إنَّما لِيتَّخذها ذريعةً كي يرفع أقوى شِعارات الرَّفْض والغَضَبْ !



ماذا عساهُ يصْنع الشَّاعر والكاتبُ والفنَّان والمُفكِّر أو المُثقَّف عموماً ، بقِيَ وحيداً يُواسِيه فِي كُلِّ مكانٍ ذبابٌ لا يُعوض غِياب الشَّباب ، أمَّا عنِّي يَحْدُث أنْ أجْلِس على حافَّة الشارع بالمقهى ، فَينْتابُني الشُّعور أنِّي أقفُ حيثُ ينتهي العالم على شفير الهاوية ، أُحاوِل بيْن رشْفةٍ وأخرى ، أنْ أسْتَمْتع بوقْتي على إيقاع الموت البطيء للدُّخَان ، ولكنَّني أفشل في الاحتفاظ بمُتْعة عيش هذا البُطْء السِّحْري طويلاً ، وكيف لا وكل مَنْ حولي أسْرَع في التَّلاشي من كل الأوقات المُهَرْوِلة بِنا جميعا ، إلى حتْفٍ قريب أو مُتأخِّر على المقْصلة ، عِلْماً أنَّهم لا يُطاردون سِوى السَّراب الذي يَشْترُونه من الحكومات المُتعاقِبة بأبْخَس الأصْواتِ ، وأكثر ما يَشدُّني وأنا بنفْس المقْهى على حافَّة الشَّارع ، شيخٌ يزحفُ حَذِراً بِنصْف خطْوة ، كأنَّه لا يُريد أنْ يصل لشيء آخر بعد أنْ وصل لِنهاية الكوْن ، أو كأنَّه بعد أنْ أنْفَق كل العمر في الخدمة المدنيَّة بدون فائدة أو مائدة ، أصْبَح  خارج كل الإعْترافاتِ التَّاريخية غيْر مَعْنِيٍّ بالزَّمَنْ ! 

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 19 يناير 2023

في نفس الركن
< >

الاثنين 16 سبتمبر 2024 - 09:33 سيد الخلق


              




مدار اليوم
10:48

منصة "أتالاير": تسلط الضوء على مسيرة عبد اللطيف الحموشي

منصة "أتالاير": تسلط الضوء على مسيرة عبد اللطيف الحموشي
خصصت منصة "أتالاير" الإسبانية مقالا مطولا لتسليط الضوء على مسيرة عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGSN-DGST). ووصفت المنصة الحموشي بأنه رجل ذو أفعال واستراتيجية، وضع رؤية استراتيجية شاملة لا تقتصر على حماية المواطنين فحسب، بل تسهم أيضًا في الاستقرار الإقليمي والدولي. 


قاد الحموشي ثورة في النظام الأمني المغربي، مما جعل المملكة لاعبا رئيسيا في مكافحة الجريمة والإرهاب على المستوى العالمي. وُلد الحموشي عام 1966 في بني فتح، لكنه قضى طفولته في فاس، حيث درس القانون قبل أن ينضم إلى وزارة الداخلية ومن ثم إلى المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني.


وصفته المنصة بالقائد الذي يجمع بين القيم الرفيعة والأخلاق الاستثنائية، مشيرة إلى دوره الكبير في مواجهة تصاعد الإسلام الراديكالي وتحقيق الأمان والاستقرار في المغرب.
10:47

الدولي المغربي نايف أكرد يعبر عن سعادته بالانتقال إلى ريال سوسيداد الإسباني

 الدولي المغربي نايف أكرد يعبر عن سعادته بالانتقال إلى ريال سوسيداد الإسباني
أعرب الدولي المغربي نايف أكرد عن سعادته بالانتقال إلى ريال سوسيداد الإسباني على سبيل الإعارة من وست هام يونايتد، مؤكدًا تطلعه لتقديم أفضل ما لديه بقميص الفريق. وأوضح أكرد خلال تقديمه لوسائل الإعلام الخميس أن اللعب في الدوري الإسباني كان حلماً له منذ الصغر، وهو ما دفعه لتعلم اللغة الإسبانية. 


وأضاف مدافع "أسود الأطلس" أنه جاهز لخوض التحدي الجديد مع ريال سوسيداد، معبراً عن حماسه للمباراة الأولى أمام بطل أوروبا ريال مدريد على ملعبهم. وأكد أكرد ثقته بفريقه وبالحماس الذي سيظهرونه بمساندة الجماهير، رغم تواجد لاعبين كبار في صفوف ريال مدريد مثل فينيسيوس وكيليان مبابي.


اختتم أكرد قائلاً: "آمل أن ألعب يوم السبت لأظهر مهاراتي. إذا كنت هنا، فهذا لأن النادي والمدرب يثقون بي، وأنا أحب الاستحواذ على الكرة والضغط، وهو أسلوب يتبعه ريال سوسيداد." 
10:44

أساتذة كليات الطب والصيدلة في المغرب يقررون الخروج عن صمتهم للتحدث عن الأزمة المستمرة

 أساتذة كليات الطب والصيدلة في المغرب يقررون الخروج عن صمتهم للتحدث عن الأزمة المستمرة
بعد أكثر من 9 أشهر من الإضرابات والاحتجاجات، قرر أساتذة كليات الطب والصيدلة في المغرب الخروج عن صمتهم للتحدث عن الأزمة المستمرة بين طلبة الطب والصيدلة من جهة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار من جهة أخرى. 


أفاد مصدر مطلع أن التنسيقية الوطنية لأساتذة الطب والصيدلة وطب الأسنان تعتزم عقد ندوة صحفية يوم الجمعة 13 سبتمبر بالرباط لتوضيح موقفها من الأزمة. وأضاف المصدر أن وساطات قام بها الأساتذة بين الطلبة وإدارة الكليات لم تؤد إلى أي نتيجة، محملين المسؤولية لكل من الإدارة والطلبة على حد سواء.


شهدت الأزمة تفاقمًا بعد احتجاجات طلبة الطب والصيدلة يوم السبت 7 سبتمبر بالدار البيضاء، حيث عبروا عن استيائهم من استمرار الأزمة، ورفض إدارة الكلية السماح لهم بتنظيم الوقفة أمام مقر الكلية. 


انتقد محمد أمين فتحي، المنسق الوطني لطلبة الطب والصيدلة، القرارات الأخيرة واعتبر أن الأزمة لا تزال قائمة، فيما طالبت نرجس الهلالي، عضوة باللجنة الوطنية، بعدم تطبيق "الإصلاحات غير المكتملة" على الدفعات الحالية. وطالب سعد النخوي، رئيس مكتب طلبة الصيدلة، بإيجاد حلول حقيقية لإنهاء الأزمة المستمرة منذ 9 أشهر. 














القائمة الجانبية الثابتة عند اليمين





Buy cheap website traffic