كتاب الرأي

رواق المجلس الأعلى للحسابات


في أول زيارة للمعرض الدولي للكتاب والنشر، في دورته 28، حطت بي قدماي، يوم الأحد 04 يونيو 2023، برواق المجلس الأعلى للحسابات، طلبا للاستراحة، بعد تيه بين معروضات ورقية، أوقعتني في موقف إقدام/ إحجام، بين إغراء بالاقتناء، وصد بالغلاء. فوجدتني، بالصدفة، أنا المقرف من كل ما له علاقة بالحساب، على موعد مع محاضرة للأستاذ لحسن كرس. كانت فرصة، ستفتح في وجهي مدخلا نحو منطقة مظلمة في مواطنتي. لأعلم أن مفهوم المجلس الأعلى لـ "الحساب"، يندرج فيما خصني به الدستور المغربي، بصفتي مواطنا أنعم بمكانة في قلب السياسات العامة، وما تمخض عنه من منظومة قانونية تضعني موضع المرتفق في علاقتي بالمجالس الجهوية والجماعات الترابية، باعتبارها مرفقا عموميا شفافا يستجيب لمتطلبات المسؤولية والمحاسبة



محمد موسي - فاعل مدني

 يتأسس المجلس الأعلى للحسابات على مجموعة مبادئ، من أهمها احترام القانون والثقة والمسؤولية، أما اختصاصاته، فهي
 
- التدقيق والبث في العمليات؛
- المساعدة المقدمة للبرلمان والحكومة والسلطة القضائية؛
- التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية؛
- التصريح الإجباري بالممتلكات؛
-   مراقبة وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية؛
- وأخيرا، مراقبة التسيير
 
  بعد ذلك، كان للمتدخل وقفة مع مهام المجلس وقد حددها في أربع؛ أولها، تعزيز وظيفتي الردع الخاص والعام، في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية؛ وثانيها، تكريس مبدأ المساءلة في مجال التدقيق والبث في الحسابات؛ وثالثها، تكريس الممارسات الجيدة في التدبير وشروط المحاكمة العادلة في الأحكام والقرارات؛ ورابعها، إحالة أفعال قد تستوجب عقوبة جنائية. 
 
  وفي معالجته لما يعترض المجلس الأعلى للحسابات من إكراهات، توقف الأستاذ العارض عند:
 
- تحسين تدبير المرفق العمومي: في إرادة معلنة من جميع المتدخلين في تدبير الشأن العام؛
- إنجازات مهمة: تبنتها إدارة في تطور دائم، تجلت في تدبير أزمة كوفيد، وفي بعض الوثائق الرسمية؛
- تجويد المرفق العمومي: يهم الجميع بمن فيهم المرتفق نفسه والقوى الحية للمجتمع، عبر:
انخراط جميع الفاعلين: بما فيهم الجمعيات (النقل المدرسي في العالم القروي، الصحة تصفية الدم)؛
الوعي بكلفة المرفق العمومي؛
التربية الوطنية؛
المساهمة الرمزية؛
المسؤولية والنقد البناء؛
تعزيز الثقة؛
- المقاربة التشاركية في تدبير ومراقبة المرافق العمومية؛
- ربط المسؤولية بالمحاسبة
 
إلى جانب هذه المهام، فالمجلس الأعلى للحسابات مطالب بمراقبة: 35 قطاع وزاري ببنية معقدة و1600 جماعة ترابية و750 مؤسسة ومقاولة عمومية وعشرات الشركات المفوض لها تدبير المرافق العمومية. فهل بإمكان طاقم مشكل من 400 قاض أن يدبر شؤون هذا الكم الهائل من المؤسسات على الصعيد الوطني والجهوي؟ 
  من خلال الحضور النوعي، ساهم المتتبعون في إثراء المناقشة، بأسئلة لامست قضايا جوهرية، منها:
 
1) تفعيل آليات الحكامة للحد من الفساد المالي الذي ينخر مفاصل الدولة، وتلك مهمة أوكلها القانون للجماعات الترابية، التي لازالت تتلكأ في تنزيل اختصاصات المؤسسة، المشروطة باتباع أسلوب بيداغوجي ييسر انخراط المرتفق في عملية المراقبة.
2) دور المرتفق ومدى إبراء ذمة الجمعيات التي تمثله، خاصة مع ظهور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛ جاء الجواب واضحا وصريحا، بأن مبدأ الحكامة مسألة جوهرية وتحقيق الأثر هو شأن تكاملي مشروط بانخراط مختلف المتدخلين من جمعيات تنموية ومهنية وجمعيات المستهلك. أما المرتفق فمطالب بتجويد شكايته وإرسالها للوجهة الصحيحة، لقطب الشؤون الرقابية، عملا بالقانون 54-19 المتعلق بالمرفق العمومي، في مجال علاقة المواطن بالمجالس الجهوية، فيما تعتبر الجمعيات وسائط، بإمكانها أن تلعب دور الرقيب وتبليغ شكاياتها للمجلس الذي ينظر في المحاضر الواردة عليه
 
3) كيفية مراقبة الفاعل الجماعي الذي لا يفي بوعوده الانتخابية: تفعيلا لآلية التداول الديمقراطي، فمحاسبة المنتخب، موكل للناخب بألا يعيد انتخابه من جديد في ولاية لاحقة.
 
هذه الخطوات الثلاثة كفيلة بردم الهوة بين قوانين رقابية متقدمة وواقع ينخره الفساد. ودون ذلك لن تستقيم عملية ربط المسؤولية بالمحاسبة، ولن تتخلص الحكامة من هشاشة تؤثر سلبا، في الظاهر على المواطن فقط، لكن في العمق، يبقى الخاسر الأكبر هو الوطن، دولة ومؤسسات
 
  واختتم المتدخل النقاش بجملة من التوصيات:
 
- احترام المقتضيات القانونية والتعاقدية؛
- توحيد قواعد ومبادئ التنظيم على الصعيد الوطني؛
- الرفع من مستوى الأداء وجودة الخدمات، خاصة رقمنة المجلس الأعلى للحسابات، الذي اتسعت قاعدته مع وباء كورونا.




الاثنين 5 يونيو 2023

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic