بقلم : عبدالله البقالي
وهي أكثر و أبعد من ذلك باعتبارها لحظة مواجهة حاسمة بين هذه القوى يتمثل عمقها الحقيقي في الصراع حول طبيعة النظام العالمي السائد، و إرادة بعض القوى العالمية الصاعدة في إعادة تشكيل النظام العالمي، بنقله من الهيمنة الأحادية إلى هيمنة متعددة الأطراف .
وهكذا فإن الحرب الحالية التي تورطت فيها بعض الأطراف النافذة في العالم، هي حاليا بصدد مرحلة مخاض حقيقية تتفاعل فيها معطيات و عوامل كثيرة، الهدف منها إحداث تغييرات عميقة في أجزاء كثيرة من النظام العالمي الجديد. وهي التي بدأت فعلا في إفراز معطيات مستجدة تدفع في اتجاه تشكيل أقطاب عالمية جديدة. و على هذا الأساس ليس من قبيل المجازفة في شيء القول اليوم إن كل طرف من أطراف القوى العالمية ينظر إلى الحرب الحالية، ويتعامل معها، من مرجعية جيو استراتيجية بعيدة المدى خاصة. كل يسعى إلى توجيه الأحداث والتطورات في الاتجاه الذي يخدم حسابات
وأهداف هذه المرجعية .
والحرب الروسية الأوكرانية ليست معزولة أيضا عن الحروب متعددة الهويات والأهداف التي تكتظ بها الأوضاع في العالم .و لذلك فإنه حينما يصرح السيد جوزيف بوريل منسق السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي قائلا في خضم الحرب الدائرة "لقد تحولنا إلى عالم غير منظم متعدد الأقطاب، كل شيء صار فيه سلاحا، الطاقة والبيانات والبنية التحتية والهجرة. كل شيء تحول إلى جيواستراتيجي" فإنه بذلك يقدم صورة أقرب إلى الحقيقة و الصواب حول ما يجري من تطورات
وأحداث في العالم. لأن أجزاء كثيرة من خريطة العالم تحولت إلى ساحات مواجهة بهدف بسط النفوذ عليها من طرف القوى العالمية المتصارعة. وتفطنت هذه القوى إلى أن الانتصار فيها لا يمكن أن يقتصر على الحروب العسكرية المباشرة والتقليدية، بل لابد من توظيف الآليات الاقتصادية والاجتماعية للحسم فيها على المدى البعيد. و هذا ما يفسر تهافت قوى عالمية دخلت ساحة المواجهة على توقيع شراكات لتمويل مشاريع الطاقة والبنيات التحتية و تقديم المساعدات المالية والتعاون الاقتصادي و غيرها من أشكال إخضاع الدول الضعيفة و ذات الدخل المحدود، وما أكثرها في العالم .
هذا ما يستشف من القمم التي تعددت و التي تحاول كل قوة عالمية الاستفراد بقارة أو بمنطقة جغرافية معينة أو بدول تمثل مجالا خصبا نابضا بالثروات و بإمكانيات الاستثمار.
و يمكن أن نجزم من اليوم، أن دول الاتحاد الأوروبي تواجه لحظة امتحان عسيرة و صعبة في هذه الظروف البالغة التعقيد و ذات التأثيرات الكبيرة على تشكيل النظام العالمي الجديد. اذ كان بإمكان هذه الكتلة الجغرافية والاقتصادية القوية أن تنتهز الحرب الروسية الأوكرانية الحالية لتبرز كقوة عالمية رئيسية حاسمة، من خلال التعامل معها بسيادة القرار المستقل عن أي قوة خارجية، بما يؤهلها لتكون حاضرة بقوة في تشكيل النظام العالمي الجديد، وهي تعي جيدا أن روسيا تحاول إعادة الاعتبار لحضورها القوي في الجمهوريات السوفياتية سابقا، لكنها اختارت اعتبار الغزو الروسي لأوكرانيا في عمقها الجغرافي تهديدا حقيقيا لمصالحها و لوجودها، و قررت التحالف مع قوة معادية لروسيا من خارج القارة العجوز لكسر شوكة هذا التهديد، و بالتالي وضعت نفسها في موقع تبعية يصعب التحرر منه في المدى المنظور على الأقل. و هذا يعني أول ما يعنيه أن الحرب الحالية تتجه فعليا إلى إضعاف روسيا و دول الاتحاد الأوروبي و إنهاكهما لفائدة الولايات المتحدة الأمريكية و الصين ، هذه الأخيرة التي تتعامل بحذر كبير مع الحرب بما يحفظ تحالفها الاستراتيجي مع روسيا، و لكن بما لا يقطع الصلات بصفة نهائية مع القوى الغربية .
وحينما يجري التذكير في هذا السياق بأن الحروب الكبرى والمؤثرة التي عرفها العالم طوال القرن الماضي، كانت لها تداعيات مباشرة على طبيعة النظام العالمي الجديد. و لا غرو في القول إن لحظات وأزمنة المواجهات المباشرة بين القوى العظمى فرضت نظاما عالميا عكس إرادة المنتصرين، فإن التأكيد نفسه يتجدد اليوم على أن الحرب في أوكرانيا التي تدور رحاها بين القوى العظمى، سيكون لها ما بعدها فيما يتعلق بالنظام العالمي، الذي يعيش حاليا مرحلة مخاض حقيقية تتجاذب فيها القوى العظمى المواقف والحسابات .
إن المواجهة المسلحة التي تدور رحاها في عمق القارة العجوز، هي في حقيقتها معركة بين القوى العظمى حول تشكيل النظام العالمي الجديد، الانتصار فيها، إن تحقق لطرف ما، سيكون انتصارا في الحرب حول فرض و تشكيل النظام العالمي الجديد.
وهكذا فإن الحرب الحالية التي تورطت فيها بعض الأطراف النافذة في العالم، هي حاليا بصدد مرحلة مخاض حقيقية تتفاعل فيها معطيات و عوامل كثيرة، الهدف منها إحداث تغييرات عميقة في أجزاء كثيرة من النظام العالمي الجديد. وهي التي بدأت فعلا في إفراز معطيات مستجدة تدفع في اتجاه تشكيل أقطاب عالمية جديدة. و على هذا الأساس ليس من قبيل المجازفة في شيء القول اليوم إن كل طرف من أطراف القوى العالمية ينظر إلى الحرب الحالية، ويتعامل معها، من مرجعية جيو استراتيجية بعيدة المدى خاصة. كل يسعى إلى توجيه الأحداث والتطورات في الاتجاه الذي يخدم حسابات
وأهداف هذه المرجعية .
والحرب الروسية الأوكرانية ليست معزولة أيضا عن الحروب متعددة الهويات والأهداف التي تكتظ بها الأوضاع في العالم .و لذلك فإنه حينما يصرح السيد جوزيف بوريل منسق السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي قائلا في خضم الحرب الدائرة "لقد تحولنا إلى عالم غير منظم متعدد الأقطاب، كل شيء صار فيه سلاحا، الطاقة والبيانات والبنية التحتية والهجرة. كل شيء تحول إلى جيواستراتيجي" فإنه بذلك يقدم صورة أقرب إلى الحقيقة و الصواب حول ما يجري من تطورات
وأحداث في العالم. لأن أجزاء كثيرة من خريطة العالم تحولت إلى ساحات مواجهة بهدف بسط النفوذ عليها من طرف القوى العالمية المتصارعة. وتفطنت هذه القوى إلى أن الانتصار فيها لا يمكن أن يقتصر على الحروب العسكرية المباشرة والتقليدية، بل لابد من توظيف الآليات الاقتصادية والاجتماعية للحسم فيها على المدى البعيد. و هذا ما يفسر تهافت قوى عالمية دخلت ساحة المواجهة على توقيع شراكات لتمويل مشاريع الطاقة والبنيات التحتية و تقديم المساعدات المالية والتعاون الاقتصادي و غيرها من أشكال إخضاع الدول الضعيفة و ذات الدخل المحدود، وما أكثرها في العالم .
هذا ما يستشف من القمم التي تعددت و التي تحاول كل قوة عالمية الاستفراد بقارة أو بمنطقة جغرافية معينة أو بدول تمثل مجالا خصبا نابضا بالثروات و بإمكانيات الاستثمار.
و يمكن أن نجزم من اليوم، أن دول الاتحاد الأوروبي تواجه لحظة امتحان عسيرة و صعبة في هذه الظروف البالغة التعقيد و ذات التأثيرات الكبيرة على تشكيل النظام العالمي الجديد. اذ كان بإمكان هذه الكتلة الجغرافية والاقتصادية القوية أن تنتهز الحرب الروسية الأوكرانية الحالية لتبرز كقوة عالمية رئيسية حاسمة، من خلال التعامل معها بسيادة القرار المستقل عن أي قوة خارجية، بما يؤهلها لتكون حاضرة بقوة في تشكيل النظام العالمي الجديد، وهي تعي جيدا أن روسيا تحاول إعادة الاعتبار لحضورها القوي في الجمهوريات السوفياتية سابقا، لكنها اختارت اعتبار الغزو الروسي لأوكرانيا في عمقها الجغرافي تهديدا حقيقيا لمصالحها و لوجودها، و قررت التحالف مع قوة معادية لروسيا من خارج القارة العجوز لكسر شوكة هذا التهديد، و بالتالي وضعت نفسها في موقع تبعية يصعب التحرر منه في المدى المنظور على الأقل. و هذا يعني أول ما يعنيه أن الحرب الحالية تتجه فعليا إلى إضعاف روسيا و دول الاتحاد الأوروبي و إنهاكهما لفائدة الولايات المتحدة الأمريكية و الصين ، هذه الأخيرة التي تتعامل بحذر كبير مع الحرب بما يحفظ تحالفها الاستراتيجي مع روسيا، و لكن بما لا يقطع الصلات بصفة نهائية مع القوى الغربية .
وحينما يجري التذكير في هذا السياق بأن الحروب الكبرى والمؤثرة التي عرفها العالم طوال القرن الماضي، كانت لها تداعيات مباشرة على طبيعة النظام العالمي الجديد. و لا غرو في القول إن لحظات وأزمنة المواجهات المباشرة بين القوى العظمى فرضت نظاما عالميا عكس إرادة المنتصرين، فإن التأكيد نفسه يتجدد اليوم على أن الحرب في أوكرانيا التي تدور رحاها بين القوى العظمى، سيكون لها ما بعدها فيما يتعلق بالنظام العالمي، الذي يعيش حاليا مرحلة مخاض حقيقية تتجاذب فيها القوى العظمى المواقف والحسابات .
إن المواجهة المسلحة التي تدور رحاها في عمق القارة العجوز، هي في حقيقتها معركة بين القوى العظمى حول تشكيل النظام العالمي الجديد، الانتصار فيها، إن تحقق لطرف ما، سيكون انتصارا في الحرب حول فرض و تشكيل النظام العالمي الجديد.