تميم بنغمّوش: حين تتحوّل التدوينات إلى شهادة سياسية نابضة

ينبش بنغمّوش في ثنايا هذا الكتاب مرحلة دقيقة من تاريخ المغرب السياسي، تبدأ من خريف 2016، عقب الانتخابات التشريعية ليوم 7 أكتوبر، حين دخل البلد نفق ما بات يُعرف بـ”البلوكاج السياسي” الذي طال أمده، وأفرز جمودًا على مستويات متعددة: سياسية، اقتصادية واجتماعية. الكاتب يرصد آثار هذا الانسداد على المزاج العام، وكيف تسرّب الإحباط إلى أحلام الناس وآمالهم.

لكن، ورغم قتامة اللحظة، لا يستسلم الكاتب لنبرة سوداوية مطلقة. بل يصر على التلويح بخيط رفيع من النور في نهاية النفق، مؤمنًا بأن المغرب قادر على تجاوز أزماته إذا ما توفرت الإرادة السياسية الصادقة، وابتعد الفاعلون عن منطق الحسابات الضيقة ومصالح النخبة.
 

بنغمّوش يستخدم لغة متماسكة ومفعمة بالتأمل، ليطرح أسئلة محورية تحفر عميقًا في بنية الممارسة السياسية:
    •    هل نحن بصدد ديمقراطية حقيقية أم مجرد انتقال هش؟
    •    ما الذي يعوق ميلاد مشروع سياسي وطني طموح؟
    •    ومتى يُقلب الطاولة على الآليات المتقادمة التي تكبّل التغيير؟

«شذرات من نظرات» لا يقدم وصفًا للأحداث فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى مستوى المساءلة والمكاشفة، ساعيًا لإيقاظ الضمير الجمعي من سباته، والدفع في اتجاه مشروع وطني يتأسس على قيم العدالة والمساواة والكرامة.
 

ورغم حدّة انتقاداته لبعض ممارسي السلطة، فإن دعوة بنغمّوش تظل موجهة نحو إصلاح جذري يضع المواطن في قلب الفعل السياسي، لا كمتفرج بل كفاعل ومُطالب بحقه في الحلم والتغيير.

إنه كتاب يُلامس الشأن العام بقلم خاص، مرآة لوَجْد سياسي مجروح لكنه لا يزال يتشبّث بالأمل، طامحًا إلى مغرب جديد، متحرّر من بقايا الماضي وأثقاله.

في نهاية المطاف، «شذرات من نظرات» هو أكثر من كتاب: إنه صوت من الداخل، ينتمي لجيل لم يفقد بعد إيمانه بإمكانية الانبعاث من ركام الخيبات.