الدكتور خالد فتحي
إن واقع الحال بشير إلى أن مثل هذه الاقتراحات ليست إلا تحايلا لأجل عدم قول الحقيقة، وليست الا عملية انكار و تأجيل مخدوم، وإلى مالانهاية، لإعلان فشل النموذج الأسري الحالي ،حتى لا أقول إنه في العمق فتح لسوق جديدة زبونها الأسرة او بالأحرى الشبان المقبلون على الزواج ، وتتعلق هذه المرة بإحداث تخصص من نوع جديد....تخصص او دراسة تعلمك كيف تصير زوجا او زوجة!! ، بمعنى ان الأسرة صارت شبيهة بالمقاولة بنظر البعض ، وعلى الفرد الذي يزمع الدخول فيها ان تكون له عقلية مقاولاتية براجماتية وقدرات ومهارات وكفايات تديبيرية، وليس بالأساس قيما وأخلاقا إنسانية منبعها الدين كما هو الحال في الأسرة التي تأسست في المجتمع المغربي،منذ آلاف السنين .
حين نقول لشخص ما إنه يجب أن نعده لمهنة ما ،فتلك فكرة لايمكن أن تكون الا رائدة ومرحبا بها ،لأن الإعداد يعني التجويد و يعني الكفاءة ورفع الخبرة، ومن منا يجرؤ ان يكون ضد هذا ؟. ولكن مثل هذه المقاربة لا تنطبق على مجال الأسرة بهذا الشكل تماما ، لأن الأسرة ليست مؤسسة اقتصادية وليست معملا أو مصنعا يحتاج لكفاءات معينة يتم تلقينها في دورة او دورتين للتكوين ، هي أرفع وأعقد من ذلك كله ، والتكوين عليها يجب أن يتم في فضاءات أوسع وارحب ،ولمدة طويلة جدا، وليس بمنطق الفاست فود. بل ان الاعداد لها في مدة زمنية قصيرة هو اهانة للعقول وتتفيه للأسرة .ذلك إن التدريب على مهام الأسرة هو اجل وأفسح من هذا .إنه يبدأ منذ مرحلة الصغر، بل ومنذ الولادة، ويمتد الى حين زواجك، ويستمر حتى خلال زواجك اذا لم يتم تسهيل الطلاق وتحفيزه بالقوانين السائلة الرخوة التي تيسره. وبهذا المعنى، فإن هذا التكوين لا ينصور إلا داخل مؤسسة حصرية وواحدة للتكوين ،و هي الأسرة التي ولدت بها، و كذا الأسر التي تحتك بها في محيطك.وهذا يفترض بالاساس مجتمعا متراصا وغير مفكك .
إننا بهذا المقتضى نولد جميعا في فضاء للتكوين ، فأخلاق الأسرة تتشرب على أرض الواقع عبر حياة أسرية حقيقية ، ولا تلقن فوق كراسي للتكوين . إنها مثل تعلم طالب الطب المهنة جنبا إلى جنب مع أطباء قيدومين، و مثل استيعاب الحرفي الصغير للحرفة الذي يتم على يد معلمين أسن منه ،ففي الأسرة يتعلم الولد كيف يتمثل بأبيه ،والبنت كيف تتمثل بأمها،فيها يضا يتعرف المرء على قيم العيش المشترك التي قوامها المودة والرحمة وخفض الجناح والتضحية والعطاء الذي لاحدود له بين الزوجين ،و هو التدريب المجاني الذي يجري بشكل تلقائي دون أن يشعر بذلك هذا الطفل او الطفلة ، ولا المراهق او المراهقة، ولا حتى الأم ولا الأب نفسيهما ،ففي الأسرة وحدها تتوارث الخبرات الحياتية والقيم الحضارية ويتم الحقاظ على الهوية الحضارية للشعوب ، وهذا التوارث يتطلب وقتا فسيحا ،والأسرة المستقرة هي التي تضمن ذالك الوقت. . في غياب الاسرة تختفي نهائيا إمكانية اكتساب هذه الخبرة ،إذ لايمكن لمؤسسة غير شخصية ان تنوب او تقوم بدور الأسرة هذا ،كالمدرسة او التلفزة ،او الجمعية ، او الدورة التكوينية .
الآن بعد ان انهارت الأسرة المغربية او شارفت على ذلك ، بفعل دعوات التغريب والعلمنة والتطرف والفهم الخاطئ للحداثة و لحقوق الانسان،والتحذلق الحقوقي ، والابتعاد عن القيم الدينية،والنظر الى الحياة الزوجية بوصفها ساحة صراع وحرب ،و بعد ان تفككت أغلب الأسر ، و تدهورت صورة الزواج وساءت سمعته لدرجة أنه لم يعد يغري الكثيرين والكثيرات ، نكون قد فقدنا للأسف فضاءات التدريب الوحيدة التي كانت هي الأسر، وبالتالي ليس غريبا ان تظهر فكرة تكوين المقبلين على الزواج وتكون حصيلة حاصل ،لأن نسبة كبيرة من الشباب الحالي عاشوا داخل أسرة واحدية الوالد فلم يتعرفوا على الأسرة الطبيعية السوية . وقد ساعد على مثل هذا التوجه الى التكوين بروز نظرة مركنتيلية للأسرة تروج لها مؤسسات دولية تهيمن عليها الفلسفات والنماذج الغربية ،جعلت منها مجالا للاستهلاك وتجريب مختلف الوصفات .
انه عوض ان نتحلى بالشجاعة ونرى الأمور كما هي ،نصر على التجاهل ونقلب الحقيقة . ولا نقدم الحساب، بل نتكلف الحلول الوهمية.
،ولذلك، لما نعلن أن المقبلات والمقبلين على الزواج يحتاجون لتأهيل، فإننا نريد أن نوحي لهذه الأسر المفككة اننا قد وجدنا تشخيصا لمعضلة الطلاق المستفحلة، بل واننا قد افلحنا في وضع حل نهائي لها ،إن هذا لا يعني إلا أمرا واحدا ، وهو ان الأفراد هم المسؤولون عن الفشل الأسرى. وبالتالي يتنصل هؤلاء الحقوقيون والحقوقيات من المسؤولية عن الأفكار التي قاموا ولازالوا يقومون بالترويج لها ،والتي شقت طريقها بالضغط إلى القوانين التي تهم الأسرة، بل وتشبعت بها العديد من النساء والرجال دون أن ينتبهوا الى كونها سما في عسل ، فأحدثت كل هذا الانهيار المريع .
ترى هل كان لآبائنا وأجدادنا هذه النسب العليا من الطلاق؟. ،بالتأكيد لا ،وهل ياترى كان استقرارهم الأسرى نتيجة لتكوين تلقوه؟ ،مرة أخرى الإجابة بلا . فما الذي حدث حتى عزف ابناؤنا عن الزواج ،وصار من يتزوج منهم ينفصل بعد.أسبوع أو شهر وفي احسن الحالات خلال سنة ؟. ولماذا صار الأجداد والجدات بدورهم أيضا يتطلقون ؟؟
اعتقد ان السبب هو حالة السيولة التي صارت عليها القوانين بعد ان صار الطلاق وحتى التطليق مجرد اجراء روتيني ومسطرة لايملك القاضي رفضها ، وبعد ان صار الطلاق موضة، بل وأحب الحلال عوض ان يكون أبغض الحلال. .ان فتح مسطرة التطليق للشقاق على مصراعيها،أدى إلى التفلت ، ،والى جعل الأسرة بدون راع ،و إلى علمنتها.زد على ذلك أن تحفيز المرأة على تطليق زوجها ،وتصعيب الزواج،والحرص في المدونة على الوضع النظامي للمطلقة أكثر من الحرص على الوضع النظامي للمتزوجة ، كل ذلك جعل الأسرة مؤسسة في أغلب الأحيان غير قابلة للحياة ،بل وصار نجاحها من أصعب المهمات .
ولذلك يكون التكوين والإعداد للأسرة في ظل السياقات القانونية الحالية بمثابة حرث للماء فقط ،فاحتمالية التطليق تتجاوز كل تكوين وتأهيل ،إلا إذا كان الهدف هو تسليع الزواج أكثر من خلال فرض هذا التكوين واعتماد دبلوم ودورات، ستبدأ الآن مجانية، ثم ستصير بعد ذلك مؤدى عنها لقبول ملف الزواج .
إن هناك تناقضا لابد أن ننتبه له بهذا الخصوص ،وهو أنه لايمكن أن نروج لافكار علمانية حول الأسرة ثم نرسي تكوينا نستهدف به سلوكيات إسلامية.لايمكن أن تكون اقتراحات البعض للجنة ترمي لسن قوانين تشجع على البراجماتية والتعاقد المتوحش داخل الأسرة، ونحث من جهة اخرى عبر "التكوين" الشباب على ان يتراحم في الزواج ويتعايش وفقا لسماحة القيم الدينية!! .
ومما يخلط الرؤى والأوراق أكثر هو ان يريد البعض إقحام المجالس العلمية في هذا الاتجاه ذرا للرماد وتغطية على توجهاته العلمانية الكامنة .إذ الواقع ان القانون هو الذي يوجه السلوك لأنه يفرض قيمه على كل القيم بما في ذلك على القيم الدينية التي ينبغي أن تكون متضمنة في القانون او انها تكون غير كائنة .وهذه هي مهمة المجالس العلمية للمغرب التي عوض ان تنخرط في دورات لتكوين الشباب ، يتوجب عليها اكثر أن ترافع لأجل ان تقنع بعض الجهات المستلبة بالعدول عن الدعوة إلى بديل تغريبي ومعلمن للأسرة المغرية المسلمة.لاننا لن نجني منه إلا الضياع والشتات والتشرد والتفكك .
كان حريا بنا قول الحقيقة ،والقيام بنقد ذاتي، لأن السؤال الجوهري هو لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة التي نحتاج معها للتكوين على مهام الأسرة.؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي يتحاشاه الكثيرون، والجواب هو أن الحاجة إلى التكوين تعلن بوضوح ان الأسرة قد افلست بالمغرب .وان إعادة بعث الحياة فيها لا يكون بالاستمرار في نفس المسار الذي أدى إلى هذه النتيجة، فنفس المقاربات تؤدي لنفس النتائج ،وإنما يكون ذلك بالتراجع عن بعض المواد القانونية التي جعلت الأسرة في حكم الحديقة التي لاراعي لها و لاسياج لها ،وأولها مادة التطليق للشقاق التي جعلت الزواج يبدو كوعد بالطلاق .
في الحقيقة هذه التكوينات ليست سوى عوائق نفسية وعملية إضافية و جديدة ،ستحول حتى دون مجرد تفكير الشباب في الزواج باعتبار انهم سيتصورونه امرا غير فطري، بل مهارة مكتسبة صعبة المنال تحتاج الان الى تكوين ودراسة ومراس ،بل ولربما ستتحول إلى عبئ مادي وزمني ونفسي في المستقبل القريب عندما ستطالب هاته الجهات بجعل شهادة التكوين شرطا للزواج ،وبالتالي التأسيس لريع آخر على حساب الأسرة المغربية المثخنة بالجراح . فهذا التكوين ليس سوى سحب لاختصاص حصري للأسرة بعد ان جرى إضعافها .
.وأخيرا فالمكونون على الأسرة ليسوا سوى صنفان : صنف ساهم في تلغيم الاسرة ومراضتها، وجاءها الآن يعدها بدواء وهمي محولا إياها الى موضوع للتحذلق الحقوقي والكسب المادي من شتى الأبواب، وصنف آخر ذو نية حسنة، ولكنه لايعالج الأسباب ،بل يحاول علاج الأعراض الموهنة للأسرة ،ولن يفلح بدوره أبدا نظرا لمقاربته الخاطئة التي يقيمها دون وعي منه على تسليع أزمة الأسرة وبالتالي يقع بدوره في فخ النموذج الرأسمالي المادي التفكيكي . اقول هذا حتى لا أقول له إن مقاربته اشبه ماتكون بمجرد بكاء على الأطلال ، لكن مع ذلك يبقى هذا صنفا له عذره.الا اني أرى كلا الصنفين شبيها بمن يعمد الى العبث بعلامات المرور، ويعول على وعي السائقين لتفادي الحوادث.أكيد ان المدخل التوعوي ضروري ،لكن ينبغي له أن يندرج في سياق تكميلي بعد تفعيل وتحقيق كفاية المدخل القانوني .وغير ذلك لن يكون الا مجرد ترقيع او بريكولاج لا يغني ولا يسمن من طلاق .
حين نقول لشخص ما إنه يجب أن نعده لمهنة ما ،فتلك فكرة لايمكن أن تكون الا رائدة ومرحبا بها ،لأن الإعداد يعني التجويد و يعني الكفاءة ورفع الخبرة، ومن منا يجرؤ ان يكون ضد هذا ؟. ولكن مثل هذه المقاربة لا تنطبق على مجال الأسرة بهذا الشكل تماما ، لأن الأسرة ليست مؤسسة اقتصادية وليست معملا أو مصنعا يحتاج لكفاءات معينة يتم تلقينها في دورة او دورتين للتكوين ، هي أرفع وأعقد من ذلك كله ، والتكوين عليها يجب أن يتم في فضاءات أوسع وارحب ،ولمدة طويلة جدا، وليس بمنطق الفاست فود. بل ان الاعداد لها في مدة زمنية قصيرة هو اهانة للعقول وتتفيه للأسرة .ذلك إن التدريب على مهام الأسرة هو اجل وأفسح من هذا .إنه يبدأ منذ مرحلة الصغر، بل ومنذ الولادة، ويمتد الى حين زواجك، ويستمر حتى خلال زواجك اذا لم يتم تسهيل الطلاق وتحفيزه بالقوانين السائلة الرخوة التي تيسره. وبهذا المعنى، فإن هذا التكوين لا ينصور إلا داخل مؤسسة حصرية وواحدة للتكوين ،و هي الأسرة التي ولدت بها، و كذا الأسر التي تحتك بها في محيطك.وهذا يفترض بالاساس مجتمعا متراصا وغير مفكك .
إننا بهذا المقتضى نولد جميعا في فضاء للتكوين ، فأخلاق الأسرة تتشرب على أرض الواقع عبر حياة أسرية حقيقية ، ولا تلقن فوق كراسي للتكوين . إنها مثل تعلم طالب الطب المهنة جنبا إلى جنب مع أطباء قيدومين، و مثل استيعاب الحرفي الصغير للحرفة الذي يتم على يد معلمين أسن منه ،ففي الأسرة يتعلم الولد كيف يتمثل بأبيه ،والبنت كيف تتمثل بأمها،فيها يضا يتعرف المرء على قيم العيش المشترك التي قوامها المودة والرحمة وخفض الجناح والتضحية والعطاء الذي لاحدود له بين الزوجين ،و هو التدريب المجاني الذي يجري بشكل تلقائي دون أن يشعر بذلك هذا الطفل او الطفلة ، ولا المراهق او المراهقة، ولا حتى الأم ولا الأب نفسيهما ،ففي الأسرة وحدها تتوارث الخبرات الحياتية والقيم الحضارية ويتم الحقاظ على الهوية الحضارية للشعوب ، وهذا التوارث يتطلب وقتا فسيحا ،والأسرة المستقرة هي التي تضمن ذالك الوقت. . في غياب الاسرة تختفي نهائيا إمكانية اكتساب هذه الخبرة ،إذ لايمكن لمؤسسة غير شخصية ان تنوب او تقوم بدور الأسرة هذا ،كالمدرسة او التلفزة ،او الجمعية ، او الدورة التكوينية .
الآن بعد ان انهارت الأسرة المغربية او شارفت على ذلك ، بفعل دعوات التغريب والعلمنة والتطرف والفهم الخاطئ للحداثة و لحقوق الانسان،والتحذلق الحقوقي ، والابتعاد عن القيم الدينية،والنظر الى الحياة الزوجية بوصفها ساحة صراع وحرب ،و بعد ان تفككت أغلب الأسر ، و تدهورت صورة الزواج وساءت سمعته لدرجة أنه لم يعد يغري الكثيرين والكثيرات ، نكون قد فقدنا للأسف فضاءات التدريب الوحيدة التي كانت هي الأسر، وبالتالي ليس غريبا ان تظهر فكرة تكوين المقبلين على الزواج وتكون حصيلة حاصل ،لأن نسبة كبيرة من الشباب الحالي عاشوا داخل أسرة واحدية الوالد فلم يتعرفوا على الأسرة الطبيعية السوية . وقد ساعد على مثل هذا التوجه الى التكوين بروز نظرة مركنتيلية للأسرة تروج لها مؤسسات دولية تهيمن عليها الفلسفات والنماذج الغربية ،جعلت منها مجالا للاستهلاك وتجريب مختلف الوصفات .
انه عوض ان نتحلى بالشجاعة ونرى الأمور كما هي ،نصر على التجاهل ونقلب الحقيقة . ولا نقدم الحساب، بل نتكلف الحلول الوهمية.
،ولذلك، لما نعلن أن المقبلات والمقبلين على الزواج يحتاجون لتأهيل، فإننا نريد أن نوحي لهذه الأسر المفككة اننا قد وجدنا تشخيصا لمعضلة الطلاق المستفحلة، بل واننا قد افلحنا في وضع حل نهائي لها ،إن هذا لا يعني إلا أمرا واحدا ، وهو ان الأفراد هم المسؤولون عن الفشل الأسرى. وبالتالي يتنصل هؤلاء الحقوقيون والحقوقيات من المسؤولية عن الأفكار التي قاموا ولازالوا يقومون بالترويج لها ،والتي شقت طريقها بالضغط إلى القوانين التي تهم الأسرة، بل وتشبعت بها العديد من النساء والرجال دون أن ينتبهوا الى كونها سما في عسل ، فأحدثت كل هذا الانهيار المريع .
ترى هل كان لآبائنا وأجدادنا هذه النسب العليا من الطلاق؟. ،بالتأكيد لا ،وهل ياترى كان استقرارهم الأسرى نتيجة لتكوين تلقوه؟ ،مرة أخرى الإجابة بلا . فما الذي حدث حتى عزف ابناؤنا عن الزواج ،وصار من يتزوج منهم ينفصل بعد.أسبوع أو شهر وفي احسن الحالات خلال سنة ؟. ولماذا صار الأجداد والجدات بدورهم أيضا يتطلقون ؟؟
اعتقد ان السبب هو حالة السيولة التي صارت عليها القوانين بعد ان صار الطلاق وحتى التطليق مجرد اجراء روتيني ومسطرة لايملك القاضي رفضها ، وبعد ان صار الطلاق موضة، بل وأحب الحلال عوض ان يكون أبغض الحلال. .ان فتح مسطرة التطليق للشقاق على مصراعيها،أدى إلى التفلت ، ،والى جعل الأسرة بدون راع ،و إلى علمنتها.زد على ذلك أن تحفيز المرأة على تطليق زوجها ،وتصعيب الزواج،والحرص في المدونة على الوضع النظامي للمطلقة أكثر من الحرص على الوضع النظامي للمتزوجة ، كل ذلك جعل الأسرة مؤسسة في أغلب الأحيان غير قابلة للحياة ،بل وصار نجاحها من أصعب المهمات .
ولذلك يكون التكوين والإعداد للأسرة في ظل السياقات القانونية الحالية بمثابة حرث للماء فقط ،فاحتمالية التطليق تتجاوز كل تكوين وتأهيل ،إلا إذا كان الهدف هو تسليع الزواج أكثر من خلال فرض هذا التكوين واعتماد دبلوم ودورات، ستبدأ الآن مجانية، ثم ستصير بعد ذلك مؤدى عنها لقبول ملف الزواج .
إن هناك تناقضا لابد أن ننتبه له بهذا الخصوص ،وهو أنه لايمكن أن نروج لافكار علمانية حول الأسرة ثم نرسي تكوينا نستهدف به سلوكيات إسلامية.لايمكن أن تكون اقتراحات البعض للجنة ترمي لسن قوانين تشجع على البراجماتية والتعاقد المتوحش داخل الأسرة، ونحث من جهة اخرى عبر "التكوين" الشباب على ان يتراحم في الزواج ويتعايش وفقا لسماحة القيم الدينية!! .
ومما يخلط الرؤى والأوراق أكثر هو ان يريد البعض إقحام المجالس العلمية في هذا الاتجاه ذرا للرماد وتغطية على توجهاته العلمانية الكامنة .إذ الواقع ان القانون هو الذي يوجه السلوك لأنه يفرض قيمه على كل القيم بما في ذلك على القيم الدينية التي ينبغي أن تكون متضمنة في القانون او انها تكون غير كائنة .وهذه هي مهمة المجالس العلمية للمغرب التي عوض ان تنخرط في دورات لتكوين الشباب ، يتوجب عليها اكثر أن ترافع لأجل ان تقنع بعض الجهات المستلبة بالعدول عن الدعوة إلى بديل تغريبي ومعلمن للأسرة المغرية المسلمة.لاننا لن نجني منه إلا الضياع والشتات والتشرد والتفكك .
كان حريا بنا قول الحقيقة ،والقيام بنقد ذاتي، لأن السؤال الجوهري هو لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة التي نحتاج معها للتكوين على مهام الأسرة.؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي يتحاشاه الكثيرون، والجواب هو أن الحاجة إلى التكوين تعلن بوضوح ان الأسرة قد افلست بالمغرب .وان إعادة بعث الحياة فيها لا يكون بالاستمرار في نفس المسار الذي أدى إلى هذه النتيجة، فنفس المقاربات تؤدي لنفس النتائج ،وإنما يكون ذلك بالتراجع عن بعض المواد القانونية التي جعلت الأسرة في حكم الحديقة التي لاراعي لها و لاسياج لها ،وأولها مادة التطليق للشقاق التي جعلت الزواج يبدو كوعد بالطلاق .
في الحقيقة هذه التكوينات ليست سوى عوائق نفسية وعملية إضافية و جديدة ،ستحول حتى دون مجرد تفكير الشباب في الزواج باعتبار انهم سيتصورونه امرا غير فطري، بل مهارة مكتسبة صعبة المنال تحتاج الان الى تكوين ودراسة ومراس ،بل ولربما ستتحول إلى عبئ مادي وزمني ونفسي في المستقبل القريب عندما ستطالب هاته الجهات بجعل شهادة التكوين شرطا للزواج ،وبالتالي التأسيس لريع آخر على حساب الأسرة المغربية المثخنة بالجراح . فهذا التكوين ليس سوى سحب لاختصاص حصري للأسرة بعد ان جرى إضعافها .
.وأخيرا فالمكونون على الأسرة ليسوا سوى صنفان : صنف ساهم في تلغيم الاسرة ومراضتها، وجاءها الآن يعدها بدواء وهمي محولا إياها الى موضوع للتحذلق الحقوقي والكسب المادي من شتى الأبواب، وصنف آخر ذو نية حسنة، ولكنه لايعالج الأسباب ،بل يحاول علاج الأعراض الموهنة للأسرة ،ولن يفلح بدوره أبدا نظرا لمقاربته الخاطئة التي يقيمها دون وعي منه على تسليع أزمة الأسرة وبالتالي يقع بدوره في فخ النموذج الرأسمالي المادي التفكيكي . اقول هذا حتى لا أقول له إن مقاربته اشبه ماتكون بمجرد بكاء على الأطلال ، لكن مع ذلك يبقى هذا صنفا له عذره.الا اني أرى كلا الصنفين شبيها بمن يعمد الى العبث بعلامات المرور، ويعول على وعي السائقين لتفادي الحوادث.أكيد ان المدخل التوعوي ضروري ،لكن ينبغي له أن يندرج في سياق تكميلي بعد تفعيل وتحقيق كفاية المدخل القانوني .وغير ذلك لن يكون الا مجرد ترقيع او بريكولاج لا يغني ولا يسمن من طلاق .
ولنا عودة لهذا الموضوع.