بقلم : الدكتور مصطفى بلعوني، باحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية
أن الفكر الفلسفي الذي يعتمد على المنطق والعقل أي (اللوكوس ) .هذا كله يدخل في صناعة الإنسان وتطوره ونموه فكريا وأخلاقيا وسلوكيا في إطار مؤثرات مجتمعية أو في ظل انساق أو سيرورة تاريخية وكيف استطاع أن يستوعب الأشياء بناء على الاستدلال أو الحجج أو البرهان اعتمادا على أسلوب المنطق ووسيلة التفكير أو التشخيص أو التحليل أو التركيب أو الاستنتاج أو الخلاصة .كآلية منهجية . وكيف تحول الإنسان أو التفكير المبني على الخرافة إلى كلام غير ممنهج سطحي يفسر الظواهر بدون تجربة علمية .ويسمى التفكير الخيالي المجرد في المجتمعات. وإذا ساد ذلك فإن المجتمع سوف يكون مكبلا بالتقاليد والعادات وتشبع بالخرافة التي لا تجعله أن يتنامى ويتطور ايجابيا .
أما اللوكوس وهو منهج يهدف إلى خلق التفكير الصحيح .يقول هايدغر إثباته بالرجوع إلى جذوره دون أصولها الإغريقية واليونانية . وتعني المنطق والعقل الكامن والمقصود وراءها .
أن العقلانية العلمية ليست منفصلة على الواقع التجريبي .ولهذا فإن العقلانية لا تستقيم الا بالحوار بين العقل والتجربة .
ولهذا فإن التجربة بدون قوانين واضحة ومنسجمة لايمكن أن تشكل موضوع تفكير علمي والمجتمع يكون نهوضي ..
ولهذا فإن العقلانية للغرب المسيحي أو نزعة التفوق والاستعلاء والكبرياء للإنسان الأوروبي جاءت نتيجة استعمال العقل ولهذا خرج الإنسان الأوروبي من جغرافيته يبحث عن مجالات واسعة في بقية العالم بمسميات مختلفة ، قامت الحضارة التي لها جذور إغريقية يونانية رومانية وبيزنطية والتي مرت من خلالها المجتمعات الأوروبية بثلاثة مراحل حسب محددات الفيلسوف الفرنسي بشلار 1884و1962م بحيث استعملت أوروبا التفكير العلمي أي العقلانية .وهي مرحلة الفترة القديمة تم الوسيطية والنهضة الأوروبية. تم القرنين 16 و17 وبداية الثامن عشر .والمرحلة الثالثة منذ نهاية القرن الثامن عشر إلى سنة 1905 م تاريخ اكتشاف نظرية النسبية لأينشتاين تسمى مرحلة العقل العلمي الجديد التي بدلت كل المفاهيم وأصبحت آلية ..الذي اعتبرت الكل غير ثابت واحدات تحولات كبيرة في المجال التفكير العلمي وسماها الفيلسوف بشلار بالحالة الملموسة .وتحولت العقلانية العلمية من نهج فلسفي يؤكد على استخدام العقل والأدلة والتجربة والأساليب العلمية كوسيلة أساسية لفهم العالم واتخاذ القرارات في شأنه كما أنها تؤكد على التفكير النقدي و المنطق والمراقبة المنهجية .
أن التحول الذي وقع في المجتمع الأوروبي كان تحولات نسقية منسجمة مع التطور الذي عرفته المجتمعات الأوروبية انطلاقا من عصر النهضة تم حركة الإصلاح الديني تم الاستكشافات الجغرافية تم الكشوفات العلمية والاختراعات التقنية. وحسب بشلار فإن إدراك العقل وميزته التنويرية جعلت العقل يدخل مرحلة الجدلية وهي النقاش والتجربة وغربلة الثقافة وخضوع كل القضايا والمواضيع المفكر فيها إلى التجربة وفي بداية القرن العشرين ظهرت استعمال العقل مع التجربة الفيزيائية .وبعد ذلك ظهور مرحلة التفكير الميكانيكي. ووجود المادة والإشعاع والضوء والجسيمات .والذرة .ولهذا تمت غربة الثقافة الأوروبية سواء أصولها الإغريقية أو الكنسية العقدية .وتحول النقد إلى إنتاج المعرفة. ولهذا وقع إقلاع معرفي في التعامل مع العقل وتحول إلى نظرية سميت بالعقلانية الغربية التي تناولت كل شيء .سواء في تكوينها .أو بنيتها . أو في استعمال الابستمولوجيا النقدية.
ولهذا فأن العقلانية الغربية أوقعت قطيعة ابستمولوجية لتجاوز العوائق القائمة من العلم وليست من الفلسفة .أدت إلى انفصال العلم عن الكنيسة .
وقد بدأ التفكير الأوروبي يبحث في بنية العقل وتطوره القابل للتشكيل باستمرار .بموجب مايعرف النظرة التراكمية في العلم التي مفادها أن العلم يتطور وفق مسار مفاده تراكم وتكدس المعلومات والتي تؤدي إلى التحول أو التغيير والتأثير على العقل السياسي في اتخاذ القرارات .
غير أن البحث لم يتوقف واستمر في كل المجالات العلمية والمعرفة وقد استطاع العقل الأوروبي البحت في بنية اللغة المستعملة والصورة والتصور وقد استعمل الفيلسوف جون كلود شتراوس الأنثروبولوجيا والتاريخ في فهم الثقافة وفي فهم الأنساق اللغوية وأنماط اللغة .وتحليل بنيات المجتمع .حيث أكد أن عملية العقل متل التصنيف أو الصنافات .أن العقل يقوم في مجال اللغة هي ذات العملية التي يقوم بها العقل أيضا في مجال تعامله مع عناصر الطبيعة والمجتمع على حد قول ستراوس .لأن اللغة نسق اجتماعي مركب .
أما استعمال العقل لدى الفيلسوف جون دريدا الذي تجاوز البنيوية التقليدية واستعمل البنية التفكيكية أي دراسة اللغة من الخارج والمجتمع أي المؤتمرات. الخارجية .إذن أن سيرورة استعمال العقل والعقلانية لم تتوقف في الغرب الأوروبي، بل استمرت في الزمان العلمي المعرفي.
أما الفيلسوف نعوم تشومسكي فقد تجاوز بدوره البنيوية التفكيكية إلى دراسة اللغة عند الطفل اعتمادا على النحو التوليدي الذي استفاد منه عند العرب وخاصة عبد الرحمن بن خلدون لأن اللغة تولد بالفطرة و بتلقائية بعيدا عن المؤثرات الخارجية التي يعتبرها ثانوية.ولا تأثير للعناصر الخارجية آية دور في ذلك .المجتمع الأسرة والمدرسة. لأن الطفل بالنسبة لتشومسكي مهيئا بالفطرة لكي يتكلم وينطق باللغة المتداولة .وهذه فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.الذي ساد فيها نقاشات لاستعمال العقلانية والعقل والمنطق في كل شيء وهو مظهر مظاهر احتواء الثقافة .و خلخلتها .وتجاوز النواميس الفكر الأسطوري أو السحري أو الغيبي وأصبح المجتمع يؤمن بالعلم والمعرفة والذي طور من خلالها المختبرات العلمية في أحواض الجامعات والكليات ا والدراسات العلمية ابتداء من القرن 18م كما أن جميع المفكرين و الفلاسفة والمنظرين كانوا باحثين يدرسون في تلك المعاهد والجامعات. وهو مظهر الثورات الطلابية في الستينات من القرن الماضي .الذي أسقط كثير من النظريات التقليدية وركب المعرفة والعلم التجديدي باستعمال العقل ونظرية العقلانية .وتحول العلم إلى رأسمال رمزي واللامادي تتهافت عليه الشركات الكبرى والتجمعات الراسمالية وبدا تشجع الباحثين والدارسين وربطت الشركات علاقات تعاقدية مع الجامعات والكليات والمعاهد في شتى المجالات العلمية والمعرفة صناعيا وتجاريا وزراعيا وفي ميدان التكنولوجيا حتى انفجرت الثورة التقنية في ميدان الاتصال والتواصل وتحول المجتمع إلى مجتمعات المعرفة والتواصل والإقناع التقني كما فجرها هايدغر ونظر لها ماكس فيبر بنظرية الأخلاق وعلاقتها بالإنسان .للتطوير المردود والجدية والمصداقية في الاقتصاد والإنتاج .وبالرغم.من أنه جسدها في سلوك البروتستانت .كما فجرها تايلور في الإنتاج والعمل المتسلسل .وتحول إلى الرقمنة و الرقمية والتحول نحو الفضاء بكشوفات علمية واستعمال العقل واكتشاف مركبات في غزو الفضاء وزرع الأقمار الاصطناعية .والتكنولوجيا وتحول العالم اليوم إلى قرية صغيرة بسبب التكنولوجيا الدقيقة المجالية واستحوذت شركات كبرى على التواصل والاتصال السمعي السلكي واللاسلكي .مثل شركة كوكل وشركة الواتس اب و شركات أخرى عاملة في هذا الميدان .
أما العقلانية العربية الإسلامية والتي استطاع المفكر الفيلسوف العابد الجابري محاورتها من خلال الثقافة العربية والموروث الثقافي .حيث منهجها إلى ثلاثة مستويات عملاتية وهي تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي تم نقد العقل العربي .وخاصة العقل السياسي..
أما المفكر عبد الله العروي في تناوله لمفهوم العقل في الثقافة العربية الإسلامية حيث طرح إشكالات كبرى .حول استعمال.العقل في البنية الإسلامية العقدية . وحيث إن الخطاب العقلي في الثقافة العربية الإسلامية كان خطابا مناضلا جند نفسه للدفاع عن العقيدة الإسلامية من النواميس الفكرية التي ادخلتها العناصر الإسلامية الغير العربية والتي تحمل ترسبات دهنية استطاع العقل العربي من مواجهتها ومحاورتها .
ولهذا فإن العقل في الثقافة العربية الإسلامية برز استعمال دوره في الشرق عند استعمال بيت الحكمة. التي جادلت في كل شيء .كان هذا في العصر العباسي الأول. والثاني والثالث للهجرة .
ولهذا ظهرت جماعة إخوان الصفا .كجماعة فلسفية زواجت بين العقيدة الإسلامية واستعمال العقل اي الفلسفة .ولهذا كتبوا خمسون مقالا فلسفيا .بواسطة هذه النصوص الفلسفية يدافعون عن العقيدة الإسلامية..
أما الخطاب المعتزلي .نسبة إلى (فرقة المعتزلة ) .وقالوا أن العقل مستقل لا بالتجريح أو التقبيح .
ولهذا ساد نقاش كبير في القرن الثالث الهجري ، التاسع الميلادي .أما النقاش المهم كان في المغرب الإسلامي والأندلس .في زمن الموحدين حيث أن الفيلسوف ابن رشد أو الحفيد كما يسمى حيت أكد أن "التعليق واجب بمقتضى شريعة الإسلام والفلسفة هي أحب الدين والفلسفة حقيقة والدين كذلك حقيقة " كما أن ابن رشد اعتماده على الدليل العقلي واعتماده على العقل وقوله بالتأويل ومن العدل أن يأتي الرجل بالحجج والبرهان والحسن ما حسنه العقل والقبيح ما صححه العقل .واعتبر ابن رشد الفلسفة هي وسيلة لمعرفة الحقيقة .وقد اشتهر بنظرية "وحدة العقل ".
أما الفيلسوف ابن طفيل في رسالة حي بن يقظان حيث اعتبر الفلسفة والدين لهم علاقة ولهذا استطاع في تفلسف ان يوفق بينهما وعدم وجود تعارض بينهما للوصول إلى الحقيقة. واعتبر احكام العقل لاتكف عن التساؤل .عن صحة ذلك الإيمان أو الحقيقة بالشيء .
إذن ساد الفكر العقلاني في الغرب الإسلامي .وساد الاجتهاد والنقاش والحوار في شتى العلوم العقلية أو النقلية وارتفع علم الفروع نتيجة الاجتهاد وأصبح الغرب الإسلامي متفوقا من حيث علم الفروع .ناهيك على تطور وانتعاش علم أصول الدين .
واستمر هذا النقاش إلى غاية القرن الخامس عشر والسادس عشر .في العالم العربي الإسلامي في شرقه وغربه .لكن توقف النقاش والجدال عندما دخلت عناصر غير عربية حكمت العالم الإسلامي والعربي.وخاصة الإمبراطورية العثمانية. وتحول الفكر العربي يحاول أن يناهض" العتامنة " .وتوقف الاجتهاد إلى بداية القرن العشرين مع مفكرين.جدد طرحوا سؤالا إشكاليا "لماذا تأخرنا نحن وتقدم غيرنا " من هؤلاء شكيب أرسلان محمد عبده و علال الفاسي و عبد الرحمن الكواكبي وقاسم أمين و ابن باديس وطه حسين .وهو ماسمي بالسلفية الجديدة أو المتجددة للرد على الغرب . لأن استعمال العقل والاجتهاد في هذا الجزء من الحضارة الغربية لم يتوقف ..وإنني سوف اختم هذا المقال بما قاله ادوارد سعيد الأمريكي الجنسية الفلسطيني الأصل. في" نظرية الاستشراق ".
اي المواجهة والتحدي مع الغرب أن نقد الاستشراق هو نقد الاستعمار..حيث أن إدوارد سعيد تأثر كثيرا بعلال الفاسي وخاصة في التمثلات الغربية حول الهوية والانسية .إلى آخره..
حيث بدأ العقل في المعرفة العربية يحاور العقل في المعرفة ذات النزعة الغربية وهو ما تمثل في صراع الحضارات .والثقافات .
لكن الثقافة الآسيوية الصينية والهندية دخلت على خط ناظم علمي ومعرفي انطلاقا من التحولات التي عرفتها المجتمعات الآسيوية يابانية وصينية.
انتهى .
أما اللوكوس وهو منهج يهدف إلى خلق التفكير الصحيح .يقول هايدغر إثباته بالرجوع إلى جذوره دون أصولها الإغريقية واليونانية . وتعني المنطق والعقل الكامن والمقصود وراءها .
أن العقلانية العلمية ليست منفصلة على الواقع التجريبي .ولهذا فإن العقلانية لا تستقيم الا بالحوار بين العقل والتجربة .
ولهذا فإن التجربة بدون قوانين واضحة ومنسجمة لايمكن أن تشكل موضوع تفكير علمي والمجتمع يكون نهوضي ..
ولهذا فإن العقلانية للغرب المسيحي أو نزعة التفوق والاستعلاء والكبرياء للإنسان الأوروبي جاءت نتيجة استعمال العقل ولهذا خرج الإنسان الأوروبي من جغرافيته يبحث عن مجالات واسعة في بقية العالم بمسميات مختلفة ، قامت الحضارة التي لها جذور إغريقية يونانية رومانية وبيزنطية والتي مرت من خلالها المجتمعات الأوروبية بثلاثة مراحل حسب محددات الفيلسوف الفرنسي بشلار 1884و1962م بحيث استعملت أوروبا التفكير العلمي أي العقلانية .وهي مرحلة الفترة القديمة تم الوسيطية والنهضة الأوروبية. تم القرنين 16 و17 وبداية الثامن عشر .والمرحلة الثالثة منذ نهاية القرن الثامن عشر إلى سنة 1905 م تاريخ اكتشاف نظرية النسبية لأينشتاين تسمى مرحلة العقل العلمي الجديد التي بدلت كل المفاهيم وأصبحت آلية ..الذي اعتبرت الكل غير ثابت واحدات تحولات كبيرة في المجال التفكير العلمي وسماها الفيلسوف بشلار بالحالة الملموسة .وتحولت العقلانية العلمية من نهج فلسفي يؤكد على استخدام العقل والأدلة والتجربة والأساليب العلمية كوسيلة أساسية لفهم العالم واتخاذ القرارات في شأنه كما أنها تؤكد على التفكير النقدي و المنطق والمراقبة المنهجية .
أن التحول الذي وقع في المجتمع الأوروبي كان تحولات نسقية منسجمة مع التطور الذي عرفته المجتمعات الأوروبية انطلاقا من عصر النهضة تم حركة الإصلاح الديني تم الاستكشافات الجغرافية تم الكشوفات العلمية والاختراعات التقنية. وحسب بشلار فإن إدراك العقل وميزته التنويرية جعلت العقل يدخل مرحلة الجدلية وهي النقاش والتجربة وغربلة الثقافة وخضوع كل القضايا والمواضيع المفكر فيها إلى التجربة وفي بداية القرن العشرين ظهرت استعمال العقل مع التجربة الفيزيائية .وبعد ذلك ظهور مرحلة التفكير الميكانيكي. ووجود المادة والإشعاع والضوء والجسيمات .والذرة .ولهذا تمت غربة الثقافة الأوروبية سواء أصولها الإغريقية أو الكنسية العقدية .وتحول النقد إلى إنتاج المعرفة. ولهذا وقع إقلاع معرفي في التعامل مع العقل وتحول إلى نظرية سميت بالعقلانية الغربية التي تناولت كل شيء .سواء في تكوينها .أو بنيتها . أو في استعمال الابستمولوجيا النقدية.
ولهذا فأن العقلانية الغربية أوقعت قطيعة ابستمولوجية لتجاوز العوائق القائمة من العلم وليست من الفلسفة .أدت إلى انفصال العلم عن الكنيسة .
وقد بدأ التفكير الأوروبي يبحث في بنية العقل وتطوره القابل للتشكيل باستمرار .بموجب مايعرف النظرة التراكمية في العلم التي مفادها أن العلم يتطور وفق مسار مفاده تراكم وتكدس المعلومات والتي تؤدي إلى التحول أو التغيير والتأثير على العقل السياسي في اتخاذ القرارات .
غير أن البحث لم يتوقف واستمر في كل المجالات العلمية والمعرفة وقد استطاع العقل الأوروبي البحت في بنية اللغة المستعملة والصورة والتصور وقد استعمل الفيلسوف جون كلود شتراوس الأنثروبولوجيا والتاريخ في فهم الثقافة وفي فهم الأنساق اللغوية وأنماط اللغة .وتحليل بنيات المجتمع .حيث أكد أن عملية العقل متل التصنيف أو الصنافات .أن العقل يقوم في مجال اللغة هي ذات العملية التي يقوم بها العقل أيضا في مجال تعامله مع عناصر الطبيعة والمجتمع على حد قول ستراوس .لأن اللغة نسق اجتماعي مركب .
أما استعمال العقل لدى الفيلسوف جون دريدا الذي تجاوز البنيوية التقليدية واستعمل البنية التفكيكية أي دراسة اللغة من الخارج والمجتمع أي المؤتمرات. الخارجية .إذن أن سيرورة استعمال العقل والعقلانية لم تتوقف في الغرب الأوروبي، بل استمرت في الزمان العلمي المعرفي.
أما الفيلسوف نعوم تشومسكي فقد تجاوز بدوره البنيوية التفكيكية إلى دراسة اللغة عند الطفل اعتمادا على النحو التوليدي الذي استفاد منه عند العرب وخاصة عبد الرحمن بن خلدون لأن اللغة تولد بالفطرة و بتلقائية بعيدا عن المؤثرات الخارجية التي يعتبرها ثانوية.ولا تأثير للعناصر الخارجية آية دور في ذلك .المجتمع الأسرة والمدرسة. لأن الطفل بالنسبة لتشومسكي مهيئا بالفطرة لكي يتكلم وينطق باللغة المتداولة .وهذه فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.الذي ساد فيها نقاشات لاستعمال العقلانية والعقل والمنطق في كل شيء وهو مظهر مظاهر احتواء الثقافة .و خلخلتها .وتجاوز النواميس الفكر الأسطوري أو السحري أو الغيبي وأصبح المجتمع يؤمن بالعلم والمعرفة والذي طور من خلالها المختبرات العلمية في أحواض الجامعات والكليات ا والدراسات العلمية ابتداء من القرن 18م كما أن جميع المفكرين و الفلاسفة والمنظرين كانوا باحثين يدرسون في تلك المعاهد والجامعات. وهو مظهر الثورات الطلابية في الستينات من القرن الماضي .الذي أسقط كثير من النظريات التقليدية وركب المعرفة والعلم التجديدي باستعمال العقل ونظرية العقلانية .وتحول العلم إلى رأسمال رمزي واللامادي تتهافت عليه الشركات الكبرى والتجمعات الراسمالية وبدا تشجع الباحثين والدارسين وربطت الشركات علاقات تعاقدية مع الجامعات والكليات والمعاهد في شتى المجالات العلمية والمعرفة صناعيا وتجاريا وزراعيا وفي ميدان التكنولوجيا حتى انفجرت الثورة التقنية في ميدان الاتصال والتواصل وتحول المجتمع إلى مجتمعات المعرفة والتواصل والإقناع التقني كما فجرها هايدغر ونظر لها ماكس فيبر بنظرية الأخلاق وعلاقتها بالإنسان .للتطوير المردود والجدية والمصداقية في الاقتصاد والإنتاج .وبالرغم.من أنه جسدها في سلوك البروتستانت .كما فجرها تايلور في الإنتاج والعمل المتسلسل .وتحول إلى الرقمنة و الرقمية والتحول نحو الفضاء بكشوفات علمية واستعمال العقل واكتشاف مركبات في غزو الفضاء وزرع الأقمار الاصطناعية .والتكنولوجيا وتحول العالم اليوم إلى قرية صغيرة بسبب التكنولوجيا الدقيقة المجالية واستحوذت شركات كبرى على التواصل والاتصال السمعي السلكي واللاسلكي .مثل شركة كوكل وشركة الواتس اب و شركات أخرى عاملة في هذا الميدان .
أما العقلانية العربية الإسلامية والتي استطاع المفكر الفيلسوف العابد الجابري محاورتها من خلال الثقافة العربية والموروث الثقافي .حيث منهجها إلى ثلاثة مستويات عملاتية وهي تكوين العقل العربي وبنية العقل العربي تم نقد العقل العربي .وخاصة العقل السياسي..
أما المفكر عبد الله العروي في تناوله لمفهوم العقل في الثقافة العربية الإسلامية حيث طرح إشكالات كبرى .حول استعمال.العقل في البنية الإسلامية العقدية . وحيث إن الخطاب العقلي في الثقافة العربية الإسلامية كان خطابا مناضلا جند نفسه للدفاع عن العقيدة الإسلامية من النواميس الفكرية التي ادخلتها العناصر الإسلامية الغير العربية والتي تحمل ترسبات دهنية استطاع العقل العربي من مواجهتها ومحاورتها .
ولهذا فإن العقل في الثقافة العربية الإسلامية برز استعمال دوره في الشرق عند استعمال بيت الحكمة. التي جادلت في كل شيء .كان هذا في العصر العباسي الأول. والثاني والثالث للهجرة .
ولهذا ظهرت جماعة إخوان الصفا .كجماعة فلسفية زواجت بين العقيدة الإسلامية واستعمال العقل اي الفلسفة .ولهذا كتبوا خمسون مقالا فلسفيا .بواسطة هذه النصوص الفلسفية يدافعون عن العقيدة الإسلامية..
أما الخطاب المعتزلي .نسبة إلى (فرقة المعتزلة ) .وقالوا أن العقل مستقل لا بالتجريح أو التقبيح .
ولهذا ساد نقاش كبير في القرن الثالث الهجري ، التاسع الميلادي .أما النقاش المهم كان في المغرب الإسلامي والأندلس .في زمن الموحدين حيث أن الفيلسوف ابن رشد أو الحفيد كما يسمى حيت أكد أن "التعليق واجب بمقتضى شريعة الإسلام والفلسفة هي أحب الدين والفلسفة حقيقة والدين كذلك حقيقة " كما أن ابن رشد اعتماده على الدليل العقلي واعتماده على العقل وقوله بالتأويل ومن العدل أن يأتي الرجل بالحجج والبرهان والحسن ما حسنه العقل والقبيح ما صححه العقل .واعتبر ابن رشد الفلسفة هي وسيلة لمعرفة الحقيقة .وقد اشتهر بنظرية "وحدة العقل ".
أما الفيلسوف ابن طفيل في رسالة حي بن يقظان حيث اعتبر الفلسفة والدين لهم علاقة ولهذا استطاع في تفلسف ان يوفق بينهما وعدم وجود تعارض بينهما للوصول إلى الحقيقة. واعتبر احكام العقل لاتكف عن التساؤل .عن صحة ذلك الإيمان أو الحقيقة بالشيء .
إذن ساد الفكر العقلاني في الغرب الإسلامي .وساد الاجتهاد والنقاش والحوار في شتى العلوم العقلية أو النقلية وارتفع علم الفروع نتيجة الاجتهاد وأصبح الغرب الإسلامي متفوقا من حيث علم الفروع .ناهيك على تطور وانتعاش علم أصول الدين .
واستمر هذا النقاش إلى غاية القرن الخامس عشر والسادس عشر .في العالم العربي الإسلامي في شرقه وغربه .لكن توقف النقاش والجدال عندما دخلت عناصر غير عربية حكمت العالم الإسلامي والعربي.وخاصة الإمبراطورية العثمانية. وتحول الفكر العربي يحاول أن يناهض" العتامنة " .وتوقف الاجتهاد إلى بداية القرن العشرين مع مفكرين.جدد طرحوا سؤالا إشكاليا "لماذا تأخرنا نحن وتقدم غيرنا " من هؤلاء شكيب أرسلان محمد عبده و علال الفاسي و عبد الرحمن الكواكبي وقاسم أمين و ابن باديس وطه حسين .وهو ماسمي بالسلفية الجديدة أو المتجددة للرد على الغرب . لأن استعمال العقل والاجتهاد في هذا الجزء من الحضارة الغربية لم يتوقف ..وإنني سوف اختم هذا المقال بما قاله ادوارد سعيد الأمريكي الجنسية الفلسطيني الأصل. في" نظرية الاستشراق ".
اي المواجهة والتحدي مع الغرب أن نقد الاستشراق هو نقد الاستعمار..حيث أن إدوارد سعيد تأثر كثيرا بعلال الفاسي وخاصة في التمثلات الغربية حول الهوية والانسية .إلى آخره..
حيث بدأ العقل في المعرفة العربية يحاور العقل في المعرفة ذات النزعة الغربية وهو ما تمثل في صراع الحضارات .والثقافات .
لكن الثقافة الآسيوية الصينية والهندية دخلت على خط ناظم علمي ومعرفي انطلاقا من التحولات التي عرفتها المجتمعات الآسيوية يابانية وصينية.
انتهى .