هي أخواتها

اليوم العالمي للمرأة وصراع المطرقة والسندان


يصادف يوم المرأة العالمي تاريخ الثامن من شهر مارس، وهو عطلة وطنيّة في العديد من البلدان، ويقام تكريماً لإنجازات المرأة، وتعزيزاً لحقوقها، وقد اعتُمد هذا اليوم من قِبل الأمم المتّحدة منذ عام 1975م، حيث ظهر في مطلع القرن العشرين في كلّ من أمريكا الشمالية وأوروبا، ومنذ ذلك الوقت أصبح يوم المرأة تاريخاً عالمياً خاصّاً بالنساء في جميع بلدان العالم.



وعُقد أول يوم وطني للمرأة في عام 1909م من قِبل أحد الأحزاب الأمريكيّة، وذلك في حملة من أجل منح النساء حقّ التّصويت، ثمّ انتشر في جميع أنحاء الولايات المتّحدة الأمريكية، وفي عام 1910م وافق المؤتمر الدولي بتشجيع من ناشطة ألمانية على جعله عطلة رسمية في الولايات المتّحدة، وفي تاريخ 19 مارس من عام 1911م عُقد أول يوم عالمي للمرأة في النمسا، والدنمارك، وألمانيا، وسويسرا، وقد حضر ما يزيد عن مليون شخص مسيرات بمناسبة هذا اليوم، وفي السنوات التي تلت ذلك تمّ الاحتفال بيوم المرأة العالمي في العديد من البلدان الأخرى وفي تواريخ مختلفة، ثمّ في عام 1921م تغيّر تاريخه رسمياً للثامن من شهر مارس.

 
ويعدّ يوم المرأة العالمي مناسبة يُحتفل فيها بالتقدّم نحو ضمان حقّ المرأة في المساواة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تمكينها، والاعتراف بإنجازاتها، ولهذا تهتمّ المنظّمات العالمية مثل اليونسكو في تعزيز جميع المجالات التي من شأنها تحقيق المساواة بين الجنسين، وإلى جانب ذلك أُصدر ميثاق الأمم المتّحدة في عام 1945م، وهو أول اتّفاق دولي يؤكّد على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ومنذ ذلك الوقت ساهمت الأمم المتّحدة بوضع الاستراتيجيات، والمعايير، والأهداف المتّفق عليها دولياً من أجل النهوض بوضع المرأة في جميع أنحاء العالم.


كما تُقام مجموعة من الفعاليات احتفاءً بيوم المرأة العالمي في كلّ عام، فتُعقد المؤتمرات والندوات التي تتخلّلها موائد الطعام بحضور نُخبة من النساء من القيادات السياسية والمجتمعية، بالإضافة إلى عددٍ من النساء البارزات في مجال التعليم والتجارة وغيرها، ويتمّ التطرّق في هذه الفعاليات إلى القضايا التي تتعلّق بالمرأة؛ كأهمية منحها الحقّ في التعليم والعمل، وفعالية دورها وتأثيرها في المجتمع.


وتعد احتفالية هذه السنة 2024 باليوم العالمي للمرأة،  احتفالية مغايرة عن احتفالية السنة الماضية، وذلك احتفاء بالمدونة الجديدة، على غرار السنة الماضية التي عرفت مجموعة من مواجهات الشارع للدفاع عن المدونة عن طريق مسيرة الدار البيضاء والرباط ، وانتقات اليوم، من مظاهرات الشارع إلى مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تمتلث في خروج حزب العدالة والتنمية وأمينه العام، عبد الإله ابن كيران، المكثفة والمتركزة حول موضوع تعديلات مدونة الأسرة، والتي تطورت إلى “مهاجمة” المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومسؤولين بأحزاب سياسية لديها طرح مخالف لتصور “حزب الإسلاميين” عكستها المذكرات المقدمة للهيئة المكلفة بمراجعة المدونة.


ولم يدخر حزب “البيجيدي” جهدا في مهاجمة “الصف الحداثي” بخصوص تعديلات المدونة، حتى أن زعيمه دعا المغاربة إلى “مسيرة مليونية”، رغم أن هيكلة هيئة مراجعة المدونة تضمن التوازن داخلها واستمعت لكل الأطراف، وهذا ما أقره مصطفى الرميد، وزير العدل الأسبق.


وتطرح “مبالغة” حزب العدالة والتنمية في التركيز على نقاش مدونة الأسرة تساؤلات حول ما إن كان الأمر مرتبطا بـ”تخوفات مشروعة” بخصوص تعديلات تمس الأسرة المغربية، أم أن الأمر مرتبط بتوظيف سياسي للموضوع من طرف حزب فقد كثيرا من رصيده السياسي خلال انتخابات الثامن من شتنبر، التي هوَت به إلى الرتبة الثامنة في ترتيب القوى السياسية المغربية، بعد أن كان في الصدارة.


وكتبت بعض الجرئد الإلكترونية جيدة الاطلاع، أن شعرة معاوية بين عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ونبيل بنعبد الله، الأمين لحزب التقدم والاشتراكية، باتت مهددة بالانقطاع بعد الهجوم العنيف الذي شنه الأول على الثاني في المهرجان الذي نظمه حزبه حول إصلاح مدونة الأسرة يوم الأحد الأخير.


ووفق المعطيات ذاتها، فإن بنعبد الله أسر لمقربين منه بأنه “لن يتصل ببنكيران حول الموضوع، ولن يدخل معه في نقاش احتراما له”، مؤكدين أن زعيم حزب “الكتاب” “غاضب بشدة من هجوم صديقه”.


واكتفى حزب التقدم والاشتراكية بالرد على الأمين العام لحزب العدالة على لسان رئيس فريقه بمجلس النواب رشيد حموني.


واستبعد مصدران من فريق التقدم والاشتراكية والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب أن تؤثر “تصريحات بنكيران على تنسيق أحزاب المعارضة بالغرفة الأولى من البرلمان”، إلا أن هذه التصريحات “لا تضمن أي شيء، خصوصا وأنهما أقرا بأن الخلاف سيكون على أشده بينهما في المرحلة المقبلة”، وذلك على خلفية مدونة الأسرة الجاري الاشتغال عليها.


ولم يستسغ كثير من قادة حزب التقدم والاشتراكية الهجوم “غير المبرر” من بنكيران على أمينهم العام، وربطه بموقفه من إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، المعروف بخلافه الكبير معه.


وأوردت بعض المصادر المطلعة، أن موقف بنكيران “لم يتزحزح قيد أنملة من لشكر”، إذ وصفه في لقاء حضره رئيس فريق حزب “الوردة” بمجلس النواب بـ”الغدار”، وأكد لبنعبد الله أكثر من مرة أنه “لن يضع يده في يد لشكر حتى لو انطبقت السماء مع الأرض”.


ويبدو أن العداء المستحكم بين بنكيران ولشكر ستكون له “تأثيرات واضحة” على مستقبل التنسيق بين أحزاب المعارضة في مجلس النواب، خصوصا وأن هذا الأمر كان أساسيا في التأثير على أداء المعارضة خلال النصف الأول من الولاية التشريعية الجارية، وأن الأغلبية الحكومية ستكون “أكبر مستفيد” من الصراعات القائمة بين “البيجيدي” من جهة و”الاتحاد” و”التقدم والاشتراكية” من جهة ثانية على خلفية مدونة الأسرة.


وخرج رشيد الحموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية بالبرلمان، قائلا “هي ليست الأولى من نوعها، ولكنها الأخطر على مجتمعنا المغربي وتجربتنا الديموقراطية الناشئة”، واعتبر الحموني أن تصريحات عبد الإله بنكيران، الذي تَحَمَّلَ يومًا ما مسؤولية رئاسة الحكومة المغربية بما كان يُفترَضُ أن يجعل منه رجل دولة، هي تصريحاتٌ مُحرِّضَةٌ على الفتنة والانقسام المجتمعي، وتنطوي على تهديدٍ صريح ب”الانتفاض” ضد أيِّ إصلاحٍ تحديثي لمدونة الأسرة”.


وأوضح، أنه “ليسَ معقولاً ولا منطقيا أن يُـوحي الرجلُ بأن الحل لظاهرة مغادرة الفتيات للدراسة هو تزويجهن دون سن 18 ! كما ليس من العقل إيهامُ الناس بأن من يدعو إلى تجريم تزويج الطفلات قسراً هو ضد الإسلام والقرآن الكريم!”.


وأشار الحموني أن تصريحات بنكيران، “وصلت مَدَاها حينما تجرَّأ على إدراج نعت “القَتَلَة” في حق المدافعين عن إمكانية الإيقاف الطبي للحمل عندما يشكل هذا الأخير خطرا على حياة الأم أو على صحتها وفي حالات الحمل الناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم وحالات التشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يُصاب بها الجنين مع الإبقاء على تجريم الإجهاض غير الشرعي. مع العلم أن هذا الموقف كان خلاصةً موضوعية وحكيمة تمخضت عن استشارات واسعة جدا، في سنة 2015، وكان قد رَفَعَ هذه الخلاصة السادةُ المصطفى الرميد وزير العدل والحريات آنذاك والسيد أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والسيد إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان آنذاك، إلى النظر السامي لجلالة الملك”.


و اعتبر حزب العدالة والتنمية، “أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قام بتمرير التوصيات والمقترحات المتعلقة بمدونة الأسرة، والمصادقة عليها، بشكل لا يراعي التعددية، ولا يتقيد بقواعد الديمقراطية والشفافية الذي يفترض أن تؤطر عمل مؤسسة دستورية وطنية".


وقال حزب العدالة والتنمية، في مذكرته الجوابية على مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان المتعلقة بمدونة الأسرة، إن المنهجية التي اعتمدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان في إعداد مذكرته بشأن مراجعة مدونة الأسرة، “تجاهل من خلالها كونه مؤسسة تعددية ومستقلة، يفترض فيها أن تسهر على حماية حقوق الإنسان ومن ضمنها حقوق أعضائها”.


وأوضح حزب المصباح، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قدم مذكرته إلى الهيئة المكلفة بتعديل المدونة، “في نفس اليوم الذي تم فيه عرض المذكرة على الجمعية العامة للمجلس”، وهو ما يطرح حسب مذكرة الحزب، “سؤال مدى احترام المجلس لحق أعضاء الجمعية العمومية في الاطلاع المسبق والوافي عليها، وحقهم في مناقشتها مناقشة حقيقية، وفي تعديلها قبل المصادقة عليها”.


والجدير بالذكر أن الناشط الحقوقي،  أحمد عصيب لا زال لحد الساعة يدافع في تصريحاته المتتالية عبر لتيك توك، والفايس بوك، بخصوص مراجعة وتعديل مدونة الأسرة.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 7 مارس 2024

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic