في 16 أكتوبر 1975، أعلن جلالة الملك الحسن الثاني عن تنظيم هذه المسيرة الفريدة، التي تُعد سابقة تاريخية في التحرر من الاستعمار. وقد أظهرت المسيرة سلميةً غير مسبوقة، حيث تمكن الشعب المغربي من استعادة جزء من أراضيه السليبة، مُؤكدًا بذلك استكمال استقلاله الوطني وتحقيق وحدته الترابية. وقد تعززت الشرعية التاريخية لهذا المطالب من خلال رأي محكمة العدل الدولية في لاهاي، الذي اعتبر روابط البيعة التي كانت تجمع بين سلاطين المغرب وسكان الصحراء تأكيدًا على مغربية الأقاليم الجنوبية.
إن ما يميز المسيرة الخضراء هو التحرك الشعبي الكبير الذي اجتمع فيه المغاربة من كل الفئات والشرائح، ليعبروا عن تشبثهم بترابهم الوطني. فقد انطلقت هذه المسيرة في السادس من نونبر 1975، لتشكل نموذجًا يحتذى في نبذ العنف والتشبع بقيم السلام، ولتُظهر تلاحم الشعب مع العرش في سبيل تحقيق الوحدة.
بفضل هذه المسيرة، بدأ المغرب في تعبئة حقيقية للنهوض بالأقاليم الجنوبية، حيث تم إطلاق مشاريع تنموية واسعة لتحسين مستوى العيش ومحو آثار الاستعمار. لقد كانت هذه الجهود بمثابة حجر الأساس لتطوير الأقاليم الجنوبية، مما ساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق.
اليوم، تبرز الدينامية الإيجابية التي تعرفها قضية الصحراء المغربية، حيث يواصل المغرب استعادة حقوقه التاريخية، ويحظى بدعم متزايد من دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا. إن مبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب تحتل مكانة بارزة كأساس للتوصل إلى حل نهائي للنزاع، وتعزز دور المغرب كفاعل رئيسي في إفريقيا.
في خطابه السامي للبرلمان، أكد جلالة الملك على أهمية دعم الدول لمبادرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الصحراء، مشيرًا إلى أن هذه المبادرات تعزز مكانة الأقاليم الجنوبية كمحور للتواصل بين المغرب وعمقه الإفريقي.
تمثل المسيرة الخضراء لحظة تاريخية محورية تذكر المغاربة بأن الوحدة الوطنية والترابية هي ثمرة جهود مشتركة، ملكًا وشعبًا. إنها قصة نضال تلهم الأجيال المستقبلية لتحقيق المزيد من الإنجازات، وتعزيز مكانة المغرب كدولة رائدة بين الأمم. إن إحياء هذه الذكرى يعكس الفخر والاعتزاز بالمكتسبات التي تحققت، ويؤكد التزام الجميع بمواصلة الجهود نحو تعزيز الوحدة الوطنية والتنمية المستدامة.