محمد بشكار
ومن غَيْرُنا يُتْقن لعبة الحِساب بأصابع مدسوسة في جيوب فارغة ، تُرَاها شِدَّة الحاجة ما يجعلنا نَدُور كالفأر في حَلَقةِ الصِّفْر دون نتيجة ، وليْتَ هذه الهواية تتقفَّى أخْبار الأحْياء ولا تُغيِّبُ العقل في الجِهة التي تُعطِّل التفكير خارج الواقع ، لقد تعقَّدتِ العمليَّةُ الحسابيَّةُ للأسف واختلَّتْ معها الأنْفُس بشتَّى أنواع العُقد ، ألَمْ تر كيف أصبحت كل المُعادلات لا تجدُ حُلولاً عندنا إلا في الأحداث الغيْبِيَّة ، نَحْسِبُ كم دورةً بقيت للأرض بعد أن انْتَقص العُلماء أقل من ثانية من أربع وعشرين ساعة ، وماذا يهم المواطن أن تتوقَّف نواة هذا الكوكب عن الدوران ، وهو الذي سيشتاق عما قريب لرؤية نواة البيضة أو محِّها الأصفر بعد أن تجاوز ثمنها درهما ونصف ، وما عاد ثمَّة مع اتِّساع رُقْعة البروليتاريا ، فَرْقٌ بين الشُّيوعي الأول والأخير ، ألمْ ترَ كيف ضاع بِغَلاء البيْضة أبسط عشاءٍ كان في مُتناول جيْب الفقير !
والأدْهى أنَّ ثمَّة من يتجاوز الحَدَث الكُوسْمولوجي العظيم لِشُروق الشمس من المغرب ، بالسُّؤال هل سيفْقد الإنسان زمنئذٍ الظل أمْ ستكون كل الأجسام شفافة قابلةً لِتسرُّب الضوء ، وما عليْنا في انتظار الآزفة إلا أن نَقْعُد مَحْسُورين ، نَعُدُّ ما ظَهَر من علامات السَّاعة وما بَطَن من أشْرَاطِها الصُّغْرى والكُبْرى ، ونُعدِّدُ معها ما شَذَّ عن الطَّبيعة من أنواع الفِتَن، نَحْسِبُ السلالم الرِّيشْترية للزلازل وما خَمَد من البراكين أو نَشَط .
وعِوض أنْ نتَّهم الطبيعة نَعْزو صناعتها للبشر ، يجب أنْ نعْترِف أنَّنا مع العَقْلية السَّائِدة التي خرَّبَها الدَّجَل ، لم نَعُدْ نَشْعُر بوجودنا تحت الغلاف الجوي للأرض، غَدَوْنا أشبه بكائنات خُرافية لا تخْضَع حتى لمنْطق الطَّيْر ، فقط نُحلِّق على الإيقاع العَشْوائي لِحساباتٍ تسْتغِلُّ تَعطُّش الناس للأمل ، وبَدَلَ أنْ تُضمِّد الأنْفُس المشروخة تُرْهِبُها بتوقُّعات كارثية في المستقبل ، ولقد أصْبحت هذه الآفة رائجة بكثْرةِ العرَّافين والمُتاجرين في الدين والطبِّ العليل ، جعلوا العُقول السَّاذَجة تُفكِّر خارج زمانها في محيطٍ يَعُجُّ بالأبالسة ربما في القعر السحيق لبيرمودا ، وهي سياسةٌ توظِّفها الحُكومة لإلْهاء الشَّعْب واسْتِحْماره بالجُرُعات القويَّة للخُرافة ، مَنْ يستطيع بعدئذٍ أن يُفكِّر خارج بطنه ويرفع الرأس أعْلى من العلَّافة !
نَحْنُ بهذا التفْكير المُنْحَطِّ الذي يُخيِّم بكل عصور الظلام ، هُم ياجوج وماجوج، نحن بهذه المنْظُومة التي خرَّبت الفِطْرة الأصيلة للأرواح وسيَّدتْ بجُسور التِّقْنية الفساد ، هُم المسيخ الدَّجَّال، نحن جُنْد تلك المعركة أو الملحمة المُرتقبة في آخر الزمان والتي اسمها "هر مجْدون" ، فماذا ننتظر أكثر من هؤلاء القوم أن يخرج ويَنْسِلُ مِن باطن الأرض أو ينزل على الأطباق من السماء ، نحن من سَلَّم طواعيةً أدْمغتنا الطرية كالتي يبيعها الجزَّار كل صباح ، لفيديوهات تُسبِّبُ محتوياتها التَّجْهيلية غيبوبة قُصْوى في الوعي ، نحن من صَنَع باسْتِكانتِنا للإرادة المسلوبة غَلاء الأسْعار ، وأجدُ كل العُذْر لزائر القبور الذي يَسْتهويه تفقُّد الأسماء والأعمار على شواهد الموتى .
ولعلَّه يتُوق إلى أن يَسْتبدل مكانا بآخر في مرْقدٍ تحت الأرض ، أليس ذلك أفضل من انتظار مجاعةٍ تَسْتحِثَّ مجيئها سريعاً الزيادة اليومية في أسْعار المواد الغذائية ، أليس ذلك أفضل من الإستمرار مع طُغاةٍ يجتهدون في تبْخيس كل شيء ، ينظرون لِعَوَز الشَّعْب مُقهْقهين من أعلى المنابر في لا مبالاة ، لا يهُمُّهم أن تتضاءل مع اشْتداد محْنة الغلاء الدراهم المعدودات المُجَمَّدة مُنذ عقود ، لتغدو مع تضخُّم وحْش الأسعار أصغر بكثير من لقمة العيش ، وكأنهم ينتظرون أنْ تَلِي السَّكْتة الاقتصادية للبلد سكتةٌ قلبية لِكُلِّ شرائح المُجتمع ، ولا يَسعُنا ونحن نجِدُ العُذْر لزائر القبور، إلا أنْ نجد مثله للطُّغاة ، فَهُم ربما يسْعون إلى أن يخْلو لهم الجوُّ ويُناضلون من أجْل تغيير المناخ ، وما ذلك إلا لأنَّ قلوبهم الخضراء والمُرْهَفة كأوراق الشجر ، ترفرف حُنوّاً على الوطن ، وتجدُ أنَّه ليس من العدل أنْ يسع الجميع ، ومِنْ أين لهُ هذه السِّعة في الخاطر وقد أثْقَلَتْ مناكبَهُ كثْرةُ البشر !
افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 9 فبراير 2023.
والأدْهى أنَّ ثمَّة من يتجاوز الحَدَث الكُوسْمولوجي العظيم لِشُروق الشمس من المغرب ، بالسُّؤال هل سيفْقد الإنسان زمنئذٍ الظل أمْ ستكون كل الأجسام شفافة قابلةً لِتسرُّب الضوء ، وما عليْنا في انتظار الآزفة إلا أن نَقْعُد مَحْسُورين ، نَعُدُّ ما ظَهَر من علامات السَّاعة وما بَطَن من أشْرَاطِها الصُّغْرى والكُبْرى ، ونُعدِّدُ معها ما شَذَّ عن الطَّبيعة من أنواع الفِتَن، نَحْسِبُ السلالم الرِّيشْترية للزلازل وما خَمَد من البراكين أو نَشَط .
وعِوض أنْ نتَّهم الطبيعة نَعْزو صناعتها للبشر ، يجب أنْ نعْترِف أنَّنا مع العَقْلية السَّائِدة التي خرَّبَها الدَّجَل ، لم نَعُدْ نَشْعُر بوجودنا تحت الغلاف الجوي للأرض، غَدَوْنا أشبه بكائنات خُرافية لا تخْضَع حتى لمنْطق الطَّيْر ، فقط نُحلِّق على الإيقاع العَشْوائي لِحساباتٍ تسْتغِلُّ تَعطُّش الناس للأمل ، وبَدَلَ أنْ تُضمِّد الأنْفُس المشروخة تُرْهِبُها بتوقُّعات كارثية في المستقبل ، ولقد أصْبحت هذه الآفة رائجة بكثْرةِ العرَّافين والمُتاجرين في الدين والطبِّ العليل ، جعلوا العُقول السَّاذَجة تُفكِّر خارج زمانها في محيطٍ يَعُجُّ بالأبالسة ربما في القعر السحيق لبيرمودا ، وهي سياسةٌ توظِّفها الحُكومة لإلْهاء الشَّعْب واسْتِحْماره بالجُرُعات القويَّة للخُرافة ، مَنْ يستطيع بعدئذٍ أن يُفكِّر خارج بطنه ويرفع الرأس أعْلى من العلَّافة !
نَحْنُ بهذا التفْكير المُنْحَطِّ الذي يُخيِّم بكل عصور الظلام ، هُم ياجوج وماجوج، نحن بهذه المنْظُومة التي خرَّبت الفِطْرة الأصيلة للأرواح وسيَّدتْ بجُسور التِّقْنية الفساد ، هُم المسيخ الدَّجَّال، نحن جُنْد تلك المعركة أو الملحمة المُرتقبة في آخر الزمان والتي اسمها "هر مجْدون" ، فماذا ننتظر أكثر من هؤلاء القوم أن يخرج ويَنْسِلُ مِن باطن الأرض أو ينزل على الأطباق من السماء ، نحن من سَلَّم طواعيةً أدْمغتنا الطرية كالتي يبيعها الجزَّار كل صباح ، لفيديوهات تُسبِّبُ محتوياتها التَّجْهيلية غيبوبة قُصْوى في الوعي ، نحن من صَنَع باسْتِكانتِنا للإرادة المسلوبة غَلاء الأسْعار ، وأجدُ كل العُذْر لزائر القبور الذي يَسْتهويه تفقُّد الأسماء والأعمار على شواهد الموتى .
ولعلَّه يتُوق إلى أن يَسْتبدل مكانا بآخر في مرْقدٍ تحت الأرض ، أليس ذلك أفضل من انتظار مجاعةٍ تَسْتحِثَّ مجيئها سريعاً الزيادة اليومية في أسْعار المواد الغذائية ، أليس ذلك أفضل من الإستمرار مع طُغاةٍ يجتهدون في تبْخيس كل شيء ، ينظرون لِعَوَز الشَّعْب مُقهْقهين من أعلى المنابر في لا مبالاة ، لا يهُمُّهم أن تتضاءل مع اشْتداد محْنة الغلاء الدراهم المعدودات المُجَمَّدة مُنذ عقود ، لتغدو مع تضخُّم وحْش الأسعار أصغر بكثير من لقمة العيش ، وكأنهم ينتظرون أنْ تَلِي السَّكْتة الاقتصادية للبلد سكتةٌ قلبية لِكُلِّ شرائح المُجتمع ، ولا يَسعُنا ونحن نجِدُ العُذْر لزائر القبور، إلا أنْ نجد مثله للطُّغاة ، فَهُم ربما يسْعون إلى أن يخْلو لهم الجوُّ ويُناضلون من أجْل تغيير المناخ ، وما ذلك إلا لأنَّ قلوبهم الخضراء والمُرْهَفة كأوراق الشجر ، ترفرف حُنوّاً على الوطن ، وتجدُ أنَّه ليس من العدل أنْ يسع الجميع ، ومِنْ أين لهُ هذه السِّعة في الخاطر وقد أثْقَلَتْ مناكبَهُ كثْرةُ البشر !
افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 9 فبراير 2023.