كتاب الرأي

الحق في تملك التراث الثقافي بسلا


من المفارقات الكبرى التي تستوقف الباحث في التراث الثقافي لمدينة سلا، غناه المادي واللامادي، في مقابل ما يواجه به من لامبالاة وتهميش.
لمعالجة هذه الإشكالات، نظمت جمعية سلا المستقبل، بشراكة مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الرباط سلا القنيطرة، يوم 31 ماي 2023 بدار الصبيحي، مائدة مستديرة في
موضوع "رفع مستوى الوعي بحق تملك التراث الثقافي بسلا" تناولت فيها الإشكاليات التالية :



سلا في 01 يونيو 2023

- كيف يمكن تمليك الحق في التراث، في ظل واقع يعاني من هوة بين غنى التراث واللامبالاة؟
- ما أهمية التراث في حياة الساكنة؟ وكيف نبني رؤية جديدة في ظل التحولات الكبرى للمدينة؟
- وما نوع العلاقة التي تحكم المغربي خاصة والعربي المسلم بصفة عامة بالتراث؟
- وما هي مهام الفاعلين المحليين من أجل رد الاعتبار للموروث الثقافي السلوي؟
- وما أدوار المدرسة ومؤسسات التنشئة الاجتماعية في تملك التراث ونقله إلى الأجيال اللاحقة؟
- وبأية أليات نجعل للتراث مكانة في عقل ووجدان الناشئة؟
 
 في مداخلة تأطيرية، أدرجت رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، الأستاذة حرية التازي صادق، الحق في تملك التراث ضمن الجيل الثالث من أجيال حقوق الإنسان. مؤكدة على تنوع المكونات في الثقافة المغربية، في كل جهات التراب الوطني بما فيها سلا، داعية إلى الاهتمام بالجوانب القانونية والمؤسساتية في أفق ترسيخ هذا الحق
 
 وفي معالجته لإشكالية أهمية التراث وكيفية التعامل معه في ظل التحولات الكبرى التي شهدتها المدينة، توقف رئيس مؤسسة سلا للثقافة والفنون الأستاذ محمد لطفي المريني، عند ثلاثة مفاتيح لتملك التراث، أولها التراث باعتباره رابطا يعزز الانتماء للمشترك الاجتماعي، وثانيها التراث باعتباره ناقلا للقيم الاجتماعية من جيل إلى الذي يليه، وثالثها علاقة الساكنة بالتراث، كمرآة لمدى تملكها للتراث. فهل ساكنة سلا تمتلك مفاتيح تملك تراثها؟ من وجهة نظر رئيس مؤسسة سلا للثقافة والفنون، فإن القائمين على الشأن التراثي بالمدينة، لم يقتنعوا بعد، أن سلا بفعل تمددها وكثافتها، قد تعددت مرجعياتها
 
وفي عملية استقراء للتاريخ، يقدم الأستاذ الجامعي محمد الناصري، تشريحا لإشكالية العلاقة بالتراث في الذهنية المغربية خاصة، والعربية الإسلامية بصفة عامة. فهو يرى، بعد التنويه باكتمال الورقة التأطيرية للندوة، أن المغربي قبل الحماية، كان يتخذ المآثر التاريخية حظائر للبهائم. وأن الاستعمار، بدافع الاهتمام بالانتماء الجماعي، هو من نبه الدول المستعمرة للاعتناء بتراثها المادي. بينما يرى الأستاذ الناصري أن القيمة الحقيقية للمآثر التاريخية تكمن فيما تستشرفه من تحقيق التضامن بين الأجيال والمجموعات الإنسانية بأبعادها الحضارية. ذلك ما أدركته جمعية سلا المستقبل، حين انخرطت في برنامج منتدى المدن التراثية المؤسس لفعل بيداغوجي، يدمج البعد التراثي في التربية، عبر تأطير أندية مدرسية تراثية
 
 إن كلمة "تراث لامادي"، تحمل، في الذهنية المغربية، شحنة دلالية قوية، بالنظر لأهمية المنقول فكريا، في مقابل ما هو قائم (المعالم الأثرية). وأسباب ذلك، أن المآثر التاريخية لا تستجيب لحاجيات الساكنة التي تعاني من الخصاص، بجانب طبيعة النظام القانوني والتشريعي للمنظومة المشرفة (الحبوس) ناهيك عن غياب التمفصل ما بين التراث وبين تملكه، ما دام لا يفي بحاجة الساكنة للعيش
 
 واختتم المتدخل بتوصية:  جمع ما كتب عن سلا وتوظيفه في استخراج آليات لتملك التراث، داعيا إلى الاهتمام بالأماكن أكثر من الأشخاص
 
 في نقاش تفاعلي مع المداخلات المبرمجة في المائدة المستديرة، خصبت الرؤى، وتقاطعت حول ثابتين اثنين، أولهما تمركز حول جدلية التراث السلوى بين الغنى وسوء الاستثمار، وثانيهما انصب حول تحدبد المسؤوليات واقتراح طرق وآليات لتصحيح هذه المعادلة
 
 في هذا الإطار، ذكر المهندس المعماري منير رحموني، بأن لقاء اليوم، هو نتيجة لعمل بدأ منذ 1986. ومستعرضا التجربة الرائدة لجمعية سلا المستقبل، في تأطير أندية التراث بالمؤسسات التعليمية. تجربة انتهت بانتهاء برنامج المنتدى المتوسطي. وبدل الارتهان للحظة استشعار الخطر المحق بالموروث، طالب المتدخل بإعادة النظر في كيفية إحياء المعلمة، بعدما تفقد وظيفتها. وهذه مهمة الجماعة الترابية، باعتبارها الوسيط بين الساكنة والمتدخلين في الشأن التراثي. منبها من يتحدث عن التراث في سلا، أن يتعامل مع واقع جديد لم تعد المدينة القديمة تشغل سوى 3% من تراب الجماعة، وهي نفس النسبة من ساكنتها المليونية
 
 وتأكيدا على تحمل جماعة سلا مسؤوليتها، توقف سي محمد النجار، نائب عمدة سلا المكلف بالجانب الثقافي، عند مركزية العلاقة بين المنتخب والفاعل المدني، في تصور الجماعة لسياسة المدينة الثقافية، بما فيها المكون التراثي. وانطلاقا من مبدأ "الجماعة رافعة ثقافية لمجتمع مدني فاعل" استشهد بالشراكة الإطار الموقعة، بين الجماعة والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بسلا، والتي فتحت المؤسسات التعليمية في وجه الجمعيات المحلية والوطنية، ضمن برنامج "غ بالفن" الذي يعرف حركية مكثفة لإحياء التراث في المدارس والفضاءات التاريخية، التي اكتملت جاهزيتها في إطار إعادة تهيئة المدينة العتيقة. فضاءات توجد في وضعية فراغ تنظيمي، تقترح الجماعة لسده، تفويض تدبيرها لجمعيات عريقة في سلا
 
 فيما ألح السيد المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية في كلمته، على أهمية المدرسة، باعتبارها الفضاء الأكثر تأهيلا لنقل قيم المجتمع. مذكرا بمنصوص القانون الإطار 51-17 الذي يحث على التعلم مدى الحياة، في إطار مشروع شخصي أو مهني أو اجتماعي، مستصغرا وجود جمعيتين تهتمان بالتراث في مدينة بتاريخ وحجم سلا، من بين 120جمعية شريك للمديرية. وقد توقف عند غياب أي أثر تراثي في عمارة المؤسسات التعليمية باستثناء واحدة. ناهيك عن غياب أدوات وآليات تمليك التراث للتلميذ
 
 فيما ركز المتدخل الأخير، على عرض مجموعة من التوصيات، من أهمها:
1) تثمين تراث سلا باعتباره حقا تراثيا؛
2) انبثاق لجنة للتتبع والمراقبة والتنسيق، تأسيسا للحق في تملك تراث سلا؛
3) انطلاقا من أننا "لا نحب إلا ما نعرف" وجب تجميع تراث المدينة وتيسير الولوج إليه؛
4) توجيه الاهتمام للأجيال الناشئة، والتفاعل معها داخل وسطها الطبيعي، خاصة في الهوامش؛
5) عقد دورات تكوينية للأطر الجمعوية والتربوية، في مجال معرفة التراث والحق في تملكه
 
 وختاما، أضفى الشابان أميمة وتوفيق، من شباب جمعية سلا المستقبل، على اللقاء حضورا متميزا، نالا إعجاب الحضور، بالنظر لما أبرزاه من مهارات، في إعداد مشروع رقمي واعد،

يتعلق بشؤون المدينة، مع تغليب حصتي الموروث الثقافي وذاكرة المدينة

تغطية محمد موسي
منسق الملتقى الثقافي
 لجمعية سلا المستقبل




الجمعة 2 يونيو 2023

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic