آخر الأخبار

أظهرت الأغلبية الحكومية تجانسا في الملفات الخلافية وفي التصويت المشترك على النصوص التشريعية بالبرلمان


قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن المشهد السياسي المغربي، "بـحاجة إلى ضخ نفس جديد و حيوية أكبر"، مشددا على أنه ينبغي على الفاعل السياسي، أن يوجهَ جهوده، نحو مزيد من الإبداع وإيجاد الحلول وطرح الاقتراحات.
وأكد رئيس مركز أطلس لتحليل السياسة المؤسساتية، أن اهتمام المغاربة بالسياسة مازال في الصدارة، بيد أن سلم القضايا والأولويات اتجهَ نحو ما يشكل همومهم اليومية، ويشمل ذلك التعليم والصحة وارتفاع الأسعار.



 
حوار: أنس الشعرة
 
 كيف ترونَ تجانس الأغلبية الحكومية؟
في الحقيقة، إن لم يكن ممكنا الجزم بمدى التجانس والانسجام بين مكونات الأغلبية، إلا أن القادة الثلاث للأغلبية، يعكسون قدرا واضحا من التوافق و التضامن في مختلف المحطات، وهذا يظهر بجلاء في اللقاءات الدورية، التي تعقدها الأغلبية، من خلال التعبير عن خطاب سياسي يتضمن العديد من القواسم المشتركة ،وأتصور أن هذا عامل مهم ويساهم في تخطي مختلف جوانب التباين،  والاختلاف بين باقي مكونات وأجسام الأغلبية الحكومية، والتي تبقى جزء من الديناميات السياسية داخل الائتلافات أو الأغلبيات الحكومية.

 
ويمكن دراسة معطى التجانس والتماسك، داخل الأغلبية الحكومية من خلال تحليل جانبين أساسيين يظهران للرأي العام و المتتبعين الأول؛ يتعلق بمستوى التصويت المشترك على النصوص التشريعية، بغرفتي البرلمان، فضلا عن سلوك الأغلبية في جلسات مساءلة الحكومة، أما الجانب الثاني؛ مرتبط بمواقف الأحزاب المكونة للأغلبية في لحظات تبرز فيها بعض الملفات الخلافية.

 
وثمة إشارات متبادلة بين أطراف الأغلبية الحكومية، بشأن أهمية استمرار هذه التجربة الثلاثية وصونها، وتعزيزها في أكثر من مناسبة، وهذا أمر مهم من أجل أن يتمكن كل طرف من تبديد مخاوف الطرف الآخر، لكن بعض المواقف التي لا يمكن الجزم بأنها أحادية، تطل برأسها بين الفينة و الأخرى لتضع التجانس الظاهر تحت الاختبار.

 ما هو تقييمكم للمشهد السياسي الوطني؟
 
في تقديري أن المشهد السياسي في حاجة إلى ضخ نفس جديد و حيوية أكبر، و مبادرات تستجيب لمتطلبات المرحلة، لأن أغلب القضايا المطروحة على جدول أعمال مختلف الفاعلين في المجتمع مطبوعة بالأهمية والآنية، ولذلك أتصور أن أدوار الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني ومجموع القوى الحية، ينبغي أن تنصب على الإبداع في الحلول و الاقتراح و التفكير خارج الصندوق،  ليس تشخيص الواقع أو إعادة إنتاجه بتحدياته وفرصه. ويمكن القول إن هناك ثلاث ملامح ترسم على جبين المشهد السياسي المغربي في الوقت الراهن : 
 
• أولا : خطاب سياسي متردد أو صدامي؛
• ثانيا : فعل سياسي معزول يفتقد للقدرة على الانتشار و التأثير؛
• ثالثا : محصلة الملمحين الأول و الثاني.
ومع ذلك لا يمكن القول إن العمل السياسي بالمغرب في مأزق، لكنه يتطلب جوهرا متجددا قائما على بناء تدابير الثقة في الإطار المؤسسي والتمثيلي، وعدم التراجع عن المنجزات في تفعيل مختلف المقاصد الدستورية، لاسيما ما يتعلق بالديمقراطية التشاركية وتوليد زخم يسمح بحصول منعطفات بناءة، تنعكس بشكل إيجابي على الجهود الملموسة للدولة و تتفاعل مع تطلعات المواطنين قولا و فعلا.


بتقديركم هل النخبة السياسية مازالت مؤثرة أم نعيش أزمة نخب؟
في موضوع النخب، يجب أن ندرك أهمية القوى الحية والنخب في المجتمع. غير أنه ليست هناكَ مسلمات جاهزة وصالحة لكل زمان في المجال السياسي، لذلك لا أعتقد أن الأمر يتعلق بأزمة نخب، فالكفاءات والنخب توجد في مختلف الميادين والمجالات، حيث توجد نخب تستوفي مختلف الشروط، وتستحق مكانتها المتميزة، لكن طيف واسع منها غير مقتنع بالمساهمة في الحياة السياسية. لأسباب معينة منها: البسيط والمركب والبنيوي، ولا ينبغي أيضا مناقشة النخب من منطلق نخبوي تفضيلي فقط، بل بالأساس يجب التصدي للموضوع من وجهة نظر تَطويرية، يتعاقب فيها جيل بعد جيل، على صدارة المشهد السياسي بما يضمن الاستمرارية، ويضخ طاقة جديدة، في مختلف مناخي الحياة؛ والعمل نحو الاحتراف السياسي. رغم أن بعض النخب تدفع إلى تفضيل مصلحتها الانتخابية، على حساب الانخراط في آلية دوران النخب أو تجديدها، وفسح المجال للنخب الجديدة، كما أن ظاهرة الوراثة في المشهد السياسي، بدورها تحد من نسق تجديد النخب على المستويين المحلي والوطني. 

 
وفي الحقيقة هناكَ جزئية أساسية في الموضوع، لابد من الإشارة إليها، وهي أن هناك طيف من هذه النخب، تتصور  أنها أفضل ما أنتجَ المجتمع، لكن مع تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحَ مجال النخبة متحولاً، فإلى متى ستظل النخبة في قاعة الانتظار؟ أو كما يسميها البعض في برجها العاجي! وبعيدة أيضا عن الانخراط في الجيل الجديد من التواصل. 

 
 ومن الطبيعي  أن تكون بعض المحطات إعلانا عن موت جيل وميلاد جيل آخر، وهذا ينبغي أن يتجلى في أن لكل زمن نساؤه ورجاله، لكن ينبغي الجزم في أن النخبة غير محددة ملامحها، ومكوناتها متعددة وبالتالي؛ ينبغي القبول بكامل الحقائق الموجودة حول هذا الموضوع. لطالما أنها لا تتعارض مع القانون. بالإضافة إلى عدم  وجود محدد معاييري "للتنخيب"، فيما يخص من هي النخبة، ومتى تنتهي مدة صلاحيتها. بالطبع؛ فإن هذا الموضوع مترامي الأطراف، لذلك أعتقد أن جزء أساسيا من النقاش هو يأخذ بعده الاجتماعي، على مستوى الساحة السياسية.

 
هل المؤسسات التشريعية تقوم بدورها أم أنها تواجه تحديات وإكراهات؟
البرلمان مؤسسة متعددة الوظائف، ولطالما كانَ البرلمان في الممارسة الديمقراطية يلعب دورًا حيويا باعتباره ممثلا لإرادة الأمة التي يتم التعبير عنها بواسطة الانتخابات ومن المفروض، أن يقوم بأدوار أساسية محددة في مختلف دساتير العالم، بما في ذلك مراقبة العمل الحكومي، عبر  المسألة والتشريع وتقييم السياسات العمومية، فضلا عن الواجهة المتعلقة بالدبلوماسية البرلمانية، وطبعا هذه الصلاحيات المهمة في العمل البرلماني تجسد المهمة التي يمكن أن يقدمها البرلمان، كمساهمة يقدمها في توطيد الديمقراطية والتعبير عن انشغالات المواطنين والاستجابة لمتطلبات الديمقراطية التشاركية، وتعزيز مشاركة المواطنين فضلا عن الخيارات التي يمكن للبرلمان استخدامها للتعامل بشكل أفضل مع المواطنين، للوفاء بالتزاماته التمثيلية. هل يستجيب البرلمان من حيث الأسلوب والخطاب والصورة العامة لتوقعات المواطنين في المغرب؟ هذا سؤال متروك للمواطنين، ليقدموا الإجابة بخصوصه، لكن نتصور أن البرلمان لا يمكن أن يقوم بدوره كاملا ويمارس صلاحياته الدستورية، بشكل عملي في ظل الأعطاب القديمة- الجديدة، سواء تلكَ المتعلقة بالتوازن بين البرلمان والحكومة، أو بما يتعلق بالتشريع، وندرة المقترحات التشريعية بالنسبة للبرلمان. في المقابل هناكَ حضور كبير للحكومة على مستوى التشريع. كذلك هناك ما يرتبط بالصورة النمطية حولَ البرلمان، وبالجلسات الأسبوعية، وبظاهرة الغياب البرلماني، بالإضافة إلى معطيات متعلقة بالتواصل البرلماني وانخراط البرلمان في الطفرة التواصلية، وهذا لا يعني أن البرلمان اليوم لا يقوم بأدواره، -هذا حكم قيمة-، بل هناك برلمانيين يعملونَ بشكل جاهد، ويمارسونَ أدوارهم في مختلف الأنشطة واللجان والجلسات، لكن ينبغي الاعتراف بأنهم قلّة، فعادة ما يكون لدى البرلمانيين أفكار واضحة عن المنتظر  منهم من طرف الناخبين، ففي المقام يتعلق الأمر بالوفاء بالوعود خلال الحملة الانتخابية، وهي مهمة صعبة مع توالي الأيام نظرا لكثرة الوعود من جهة، ومحدودية الفرص من جهة أخرى، مما يؤثر في قناة الاتصال بين الناخب والبرلماني، ويؤثر  أيضا على مصداقية الفعل السياسي. 

 
البرلمان أيضا مطالب بإصلاح وتطوير منظوره للعديد منَ القضايا ذات الأولوية، وإبلاغ وشرح برامج السلطة التنفيذية، خاصة عندما نتحدث عن الأغلبية الحكومية، ولكن "الشعبوية" حاضرة في البرلمان، وبالخصوص عندما تغيب عن البرلماني الصورة المكتملة للفعل البرلماني، لكي ينقلها بالصورة الأوضح للمواطنين، لهذا نتابع النقاشات البرلمانية، التي تنصب حول قضايا محلية تهم الصحة والشغل والنقل والبنية التحتية، في حين أنها قضايا يمكن مباشرتها مع المجالس الترابية، وبالتالي؛ يمكن القول إن البرلماني عليه أن يكون مرآة للمجتمع، وأن يستوعب احتياجات المرحلة، وجلالة الملك محمد السادس، في افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الثالثة، من الولاية الحادية عشرة، أكد على دور البرلمان في نقل القيم والدفاع عن المصالح العليا للوطن، وطبعا هذا دور أساسي ينبغي مباشرته بفعالية من طرف مختلف الفرقاء، أغلبية ومعارضة وأيضا غير المنتسبين كذلك.

 
كيف تجدون الدينامية السياسية ببلادنا؟ وما هو دور الإعلام في ذلك؟
في الواقع السياسة مازالت مثيرة للاهتمام في المغرب، حتى بالنسبة للفئة التي تكتفي بالمتابعة فقط، لكن رغم الملاحظات التي جرى تقديمها يمكن القول إن الدينامية السياسية في المغرب مستقرة، بالفعل هناك أولوية للمواطنين مرتبطة أساسا بالقدرة الشرائية والتعليم والصحة، وتأثيرات التضخم وغيرها، طبعا لا توجد مؤشرات تسمح بدراسة الديناميات السياسية، على مستوى التفضيلات السياسية للمواطنين اليوم، ولكن يمكن متابعة ردود أفعالهم حول بعض القرارات والتطورات الاجتماعية – مع استحضار نوع من التنسيب في التحليل_ على مستوى الأغلبية يظهر هناك نوع من التجانس رغمَ بعض الملاحظات، بخصوص بعض المواعيد المؤسسية لبعض الأحزاب والتي يمكن أن تكون مهمة لقراءة الدينامية السياسية، أما بالنسبة للمعارضة فهي ليست متكاملة، وتعمل بسياسة المراحل.

 
 وعلى مستوى دور الإعلام، أعتقد أنه يمكن تسجيل نوع من الحركية الملموسة، في النقاش السياسي في الآونة الأخيرة، وأعتبر أن وسائل الإعلام البديل قامت بدور، هام في كمحرك للعملية التواصلية  حول بعض السياسات وتحليل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم مقترحات لتنشيط جملة من الآليات السياسية، وكما هو اليوم أصبحَ الإعلام ضروريا، فهو يلعب دور أساسي في تعزيز الثقافة السياسة للمجتمعات، فالغرض منه إعلام الناس بالشؤون العمومية وبما يجري، ويتأثر المجتمع بالإعلام بطرق مختلفة، ولذلك لا ينبغي التركيز على الجانب المظلم فيه، كونه قاطرة للسياسة على المستوى الدولي ويمهد الطريق النجاح للكثير من السياسيين. لكن في بعض الأحيان، يهمل الأخبار الهامة على المستويين السياسي والاجتماعي، وهذا ينطبق على بعض منها، ولذا أعتقد أن المغرب السياسي المستقبلي ينبع بطبيعة الحال، من دور الإعلام وأهمية النقاش العمومي.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الجمعة 5 يناير 2024

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic