دخلٌ يتعاظم لكنه لا يكفي
تجلت القوة الضريبية كدعامة أساسية لزيادة المداخيل، إذ سجلت الضرائب ارتفاعًا بنسبة 25.3%، لتصل إلى 32.3 مليار درهم، وكان هذا النمو مدفوعًا بزيادة الضرائب المباشرة بنسبة 57.3% والضرائب غير المباشرة بنسبة 17.2%. ومع ذلك، لم تكن الصورة مشرقة بالكامل، فقد تراجعت المداخيل غير الضريبية بنسبة 27.5%، متأثرة بانخفاض مداخيل الاحتكارات والتحويلات المالية إلى الميزانية العامة. بدا الأمر وكأن الخزينة تجني المال بجهد كبير، لكن بعض أبواب الإيرادات ظلت مغلقة في وجهها.
بينما كانت الإيرادات تحاول اللحاق بركب التوقعات، انفلتت النفقات بسرعة أكبر، لتصل إلى 55.4 مليار درهم، بزيادة هائلة بلغت 50.1%. لم يكن ذلك مجرد رقم، بل كان انعكاسًا لحاجات متزايدة: نفقات التسيير ارتفعت بنسبة 80.9%، ورواتب الموظفين زادت بـ10.4%، فيما بلغت نفقات التجهيز 12.1 مليار درهم
في زحمة الأرقام، ظهرت مفارقة صارخة: الخزينة أنفقت ما يقارب 199.2% أكثر على استرجاع الضريبة على القيمة المضافة مقارنة بالسنة الماضية، وكأنها كانت تُرجع ما جمعته للتو، ما جعل الفائض المالي الذي حققته في بداية العام يتحول إلى سراب.
مع تنامي الحاجة إلى التمويل، لم تجد الخزينة مفرًا من السوق الداخلية، فاقترضت 30.4 مليار درهم، بعدما كان اقتراضها العام الماضي لا يتجاوز 13.9 مليار درهم. أما على الصعيد الخارجي، فقد تراجعت تدفقاته إلى -4.2 مليار درهم، في وقت زادت فيه التزامات الدين، إذ بلغ سداد أصل الدين الخارجي 5 مليارات درهم، مقارنة بـ3.2 مليار درهم العام الماضي.
ومع ذلك، وسط هذه الأرقام القاتمة، استطاعت ودائع الخزينة أن ترتفع إلى 122.1 مليار درهم، وإن كان ذلك لم ينعكس إيجابيًا على سيولة بنك المغرب، التي تراجعت إلى 4.3 مليار درهم بعد أن كانت 7.5 مليار درهم بداية السنة. كأن الخزينة كانت تكدّس المال في حساباتها، بينما كانت العجلة الاقتصادية تحتاج إلى ضخ أكبر للسيولة.
ما بين انتعاش المداخيل وتزايد النفقات، وجدت الخزينة نفسها في موقف لا تُحسد عليه، حيث بلغ العجز المالي 3.9 مليار درهم، بعدما كانت قد حققت فائضًا قدره 2.3 مليار درهم في الفترة نفسها من العام الماضي. وكأنها شخصٌ كان ينعم بوفرة مالية، ثم وجد نفسه فجأة أمام التزامات تجاوزت قدرته على الوفاء بها.
مع هذا الوضع، لا تبدو الخيارات أمام الخزينة كثيرة: إما اللجوء إلى مزيد من الاقتراض الداخلي، أو محاولة ضبط الإنفاق، أو البحث عن حلول مبتكرة لتعزيز المداخيل. لكن، في كل الأحوال، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن المالي دون الإضرار بالاستثمار أو القدرة الشرائية للمواطنين. فهل تنجح الخزينة في استعادة توازنها، أم ستظل أسيرة دوامة العجز؟
تجلت القوة الضريبية كدعامة أساسية لزيادة المداخيل، إذ سجلت الضرائب ارتفاعًا بنسبة 25.3%، لتصل إلى 32.3 مليار درهم، وكان هذا النمو مدفوعًا بزيادة الضرائب المباشرة بنسبة 57.3% والضرائب غير المباشرة بنسبة 17.2%. ومع ذلك، لم تكن الصورة مشرقة بالكامل، فقد تراجعت المداخيل غير الضريبية بنسبة 27.5%، متأثرة بانخفاض مداخيل الاحتكارات والتحويلات المالية إلى الميزانية العامة. بدا الأمر وكأن الخزينة تجني المال بجهد كبير، لكن بعض أبواب الإيرادات ظلت مغلقة في وجهها.
بينما كانت الإيرادات تحاول اللحاق بركب التوقعات، انفلتت النفقات بسرعة أكبر، لتصل إلى 55.4 مليار درهم، بزيادة هائلة بلغت 50.1%. لم يكن ذلك مجرد رقم، بل كان انعكاسًا لحاجات متزايدة: نفقات التسيير ارتفعت بنسبة 80.9%، ورواتب الموظفين زادت بـ10.4%، فيما بلغت نفقات التجهيز 12.1 مليار درهم
في زحمة الأرقام، ظهرت مفارقة صارخة: الخزينة أنفقت ما يقارب 199.2% أكثر على استرجاع الضريبة على القيمة المضافة مقارنة بالسنة الماضية، وكأنها كانت تُرجع ما جمعته للتو، ما جعل الفائض المالي الذي حققته في بداية العام يتحول إلى سراب.
مع تنامي الحاجة إلى التمويل، لم تجد الخزينة مفرًا من السوق الداخلية، فاقترضت 30.4 مليار درهم، بعدما كان اقتراضها العام الماضي لا يتجاوز 13.9 مليار درهم. أما على الصعيد الخارجي، فقد تراجعت تدفقاته إلى -4.2 مليار درهم، في وقت زادت فيه التزامات الدين، إذ بلغ سداد أصل الدين الخارجي 5 مليارات درهم، مقارنة بـ3.2 مليار درهم العام الماضي.
ومع ذلك، وسط هذه الأرقام القاتمة، استطاعت ودائع الخزينة أن ترتفع إلى 122.1 مليار درهم، وإن كان ذلك لم ينعكس إيجابيًا على سيولة بنك المغرب، التي تراجعت إلى 4.3 مليار درهم بعد أن كانت 7.5 مليار درهم بداية السنة. كأن الخزينة كانت تكدّس المال في حساباتها، بينما كانت العجلة الاقتصادية تحتاج إلى ضخ أكبر للسيولة.
ما بين انتعاش المداخيل وتزايد النفقات، وجدت الخزينة نفسها في موقف لا تُحسد عليه، حيث بلغ العجز المالي 3.9 مليار درهم، بعدما كانت قد حققت فائضًا قدره 2.3 مليار درهم في الفترة نفسها من العام الماضي. وكأنها شخصٌ كان ينعم بوفرة مالية، ثم وجد نفسه فجأة أمام التزامات تجاوزت قدرته على الوفاء بها.
مع هذا الوضع، لا تبدو الخيارات أمام الخزينة كثيرة: إما اللجوء إلى مزيد من الاقتراض الداخلي، أو محاولة ضبط الإنفاق، أو البحث عن حلول مبتكرة لتعزيز المداخيل. لكن، في كل الأحوال، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن المالي دون الإضرار بالاستثمار أو القدرة الشرائية للمواطنين. فهل تنجح الخزينة في استعادة توازنها، أم ستظل أسيرة دوامة العجز؟