بقلم: عدنان بن شقرون
السياق العام: احتقان متزايد واستعداد للثورة
في 11 يناير 1944، أصدر نخبة من الوطنيين المغاربة وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي جاءت بدعم من حزب الاستقلال ومجموعة من المفكرين، مطالبة بإنهاء الاستعمار الفرنسي وإقامة دولة مغربية مستقلة تحت قيادة السلطان محمد الخامس. شكلت هذه الخطوة تحديًا مباشرًا للسلطات الاستعمارية التي ردّت بحملة من الاعتقالات والتضييقات على السلطان، في محاولة لكبح جماح الحركة الوطنية.
أدى هذا القمع إلى تأجيج مشاعر الغضب لدى المغاربة الذين ضاقوا ذرعًا بسنوات الاستعمار والهيمنة الأجنبية. ومع تصاعد الاحتجاجات، أصبح الشارع المغربي مهيأً لانفجار ثورة شعبية تجسدت في انتفاضات 29، 30 و31 يناير 1944، التي امتدت إلى عدة مدن مغربية.
ثلاثة أيام من الغضب والقمع الدموي
بدأت الشرارة الأولى للانتفاضة في فاس، حيث خرجت مظاهرة سلمية مطالبة بالاستقلال، لكن قوات الاستعمار قمعتها بعنف مفرط، حيث أطلقت الشرطة والجيش الفرنسي الرصاص الحي على المتظاهرين، ما أدى إلى وقوع العديد من القتلى والجرحى، لتتحول المظاهرات إلى مواجهات دامية امتدت إلى مدن أخرى كالعاصمة الرباط وسلا، حيث خرجت جموع الشباب للتعبير عن رفضها القاطع لنظام الحماية.
في اليوم التالي، 30 يناير، انتقلت شرارة الاحتجاجات إلى مدن أخرى، من بينها مكناس. وردّت السلطات الاستعمارية بمزيد من القمع والاعتقالات، حيث زُجّ بعدد من القيادات الوطنية في السجون بتهمة التحريض على التمرد.
أما يوم 31 يناير، فقد شهد تصعيدًا خطيرًا في أساليب القمع، إذ فرضت القوات الاستعمارية حظر تجول مشددًا ونفذت عمليات عسكرية في الأحياء المنتفضة. وسقط خلال هذا اليوم عشرات الشهداء، فيما امتلأت السجون بالمعتقلين الذين تعرّضوا لشتى أنواع التعذيب. لكن رغم فداحة الخسائر، لم تنجح فرنسا في كسر عزيمة المغاربة، بل على العكس، عزّزت هذه الأحداث الإيمان بضرورة مواصلة الكفاح حتى تحقيق الاستقلال.
إرث الانتفاضات وتأثيرها على مسار الاستقلال
لم تكن انتفاضات يناير مجرد أحداث عابرة، بل شكّلت نقطة تحول في مسيرة التحرر الوطني، حيث عزّزت مكانة السلطان محمد الخامس كقائد وطني ملتف حوله الشعب، وأثارت اهتمام الرأي العام الدولي بالقضية المغربية، مما زاد من الضغوط على فرنسا لإعادة النظر في سياساتها الاستعمارية.
كما أن هذه الانتفاضات كانت بمثابة تمهيد لمحطات نضالية كبرى، مثل نفي السلطان عام 1953، ثم اندلاع المقاومة المسلحة، إلى أن تحقق الاستقلال رسميًا عام 1956.
إحياء الذكرى الـ81: رسالة وفاء وعبرة للأجيال الجديدة
احتفاءً بهذه الذكرى الوطنية المجيدة، نظّم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مراسم إحياء الذكرى الـ81 لانتفاضات يناير 1944، بحضور عدد من المقاومين القدامى وأسر الشهداء وشخصيات رسمية.
وفي كلمته بالمناسبة، شدّد مصطفى الكثيري، المندوب السامي، على أهمية هذه المحطة التاريخية، مبرزًا الدور البطولي الذي لعبه الوطنيون والمقاومون، إلى جانب السلطان محمد الخامس وولي العهد آنذاك، الراحل الحسن الثاني، في قيادة الشعب نحو الحرية والاستقلال.
كما تخلّلت الاحتفالية أنشطة ثقافية وتوعوية تهدف إلى تعريف الأجيال الصاعدة بهذه الصفحة المشرقة من تاريخ المغرب، وترسيخ قيم النضال والكرامة الوطنية. لأن استذكار انتفاضات يناير 1944 لا يعني فقط تخليد ذكرى الماضي، بل هو أيضًا رسالة للأجيال القادمة بضرورة الحفاظ على هذا الإرث النضالي، وصون الاستقلال الذي دفع المغاربة ثمنه غاليًا من دمائهم وأرواحهم.
حتى لا ننسى، وحتى تبقى تضحيات الأجداد نبراسًا يضيء طريق المستقبل.
في 11 يناير 1944، أصدر نخبة من الوطنيين المغاربة وثيقة المطالبة بالاستقلال، التي جاءت بدعم من حزب الاستقلال ومجموعة من المفكرين، مطالبة بإنهاء الاستعمار الفرنسي وإقامة دولة مغربية مستقلة تحت قيادة السلطان محمد الخامس. شكلت هذه الخطوة تحديًا مباشرًا للسلطات الاستعمارية التي ردّت بحملة من الاعتقالات والتضييقات على السلطان، في محاولة لكبح جماح الحركة الوطنية.
أدى هذا القمع إلى تأجيج مشاعر الغضب لدى المغاربة الذين ضاقوا ذرعًا بسنوات الاستعمار والهيمنة الأجنبية. ومع تصاعد الاحتجاجات، أصبح الشارع المغربي مهيأً لانفجار ثورة شعبية تجسدت في انتفاضات 29، 30 و31 يناير 1944، التي امتدت إلى عدة مدن مغربية.
ثلاثة أيام من الغضب والقمع الدموي
بدأت الشرارة الأولى للانتفاضة في فاس، حيث خرجت مظاهرة سلمية مطالبة بالاستقلال، لكن قوات الاستعمار قمعتها بعنف مفرط، حيث أطلقت الشرطة والجيش الفرنسي الرصاص الحي على المتظاهرين، ما أدى إلى وقوع العديد من القتلى والجرحى، لتتحول المظاهرات إلى مواجهات دامية امتدت إلى مدن أخرى كالعاصمة الرباط وسلا، حيث خرجت جموع الشباب للتعبير عن رفضها القاطع لنظام الحماية.
في اليوم التالي، 30 يناير، انتقلت شرارة الاحتجاجات إلى مدن أخرى، من بينها مكناس. وردّت السلطات الاستعمارية بمزيد من القمع والاعتقالات، حيث زُجّ بعدد من القيادات الوطنية في السجون بتهمة التحريض على التمرد.
أما يوم 31 يناير، فقد شهد تصعيدًا خطيرًا في أساليب القمع، إذ فرضت القوات الاستعمارية حظر تجول مشددًا ونفذت عمليات عسكرية في الأحياء المنتفضة. وسقط خلال هذا اليوم عشرات الشهداء، فيما امتلأت السجون بالمعتقلين الذين تعرّضوا لشتى أنواع التعذيب. لكن رغم فداحة الخسائر، لم تنجح فرنسا في كسر عزيمة المغاربة، بل على العكس، عزّزت هذه الأحداث الإيمان بضرورة مواصلة الكفاح حتى تحقيق الاستقلال.
إرث الانتفاضات وتأثيرها على مسار الاستقلال
لم تكن انتفاضات يناير مجرد أحداث عابرة، بل شكّلت نقطة تحول في مسيرة التحرر الوطني، حيث عزّزت مكانة السلطان محمد الخامس كقائد وطني ملتف حوله الشعب، وأثارت اهتمام الرأي العام الدولي بالقضية المغربية، مما زاد من الضغوط على فرنسا لإعادة النظر في سياساتها الاستعمارية.
كما أن هذه الانتفاضات كانت بمثابة تمهيد لمحطات نضالية كبرى، مثل نفي السلطان عام 1953، ثم اندلاع المقاومة المسلحة، إلى أن تحقق الاستقلال رسميًا عام 1956.
إحياء الذكرى الـ81: رسالة وفاء وعبرة للأجيال الجديدة
احتفاءً بهذه الذكرى الوطنية المجيدة، نظّم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير مراسم إحياء الذكرى الـ81 لانتفاضات يناير 1944، بحضور عدد من المقاومين القدامى وأسر الشهداء وشخصيات رسمية.
وفي كلمته بالمناسبة، شدّد مصطفى الكثيري، المندوب السامي، على أهمية هذه المحطة التاريخية، مبرزًا الدور البطولي الذي لعبه الوطنيون والمقاومون، إلى جانب السلطان محمد الخامس وولي العهد آنذاك، الراحل الحسن الثاني، في قيادة الشعب نحو الحرية والاستقلال.
كما تخلّلت الاحتفالية أنشطة ثقافية وتوعوية تهدف إلى تعريف الأجيال الصاعدة بهذه الصفحة المشرقة من تاريخ المغرب، وترسيخ قيم النضال والكرامة الوطنية. لأن استذكار انتفاضات يناير 1944 لا يعني فقط تخليد ذكرى الماضي، بل هو أيضًا رسالة للأجيال القادمة بضرورة الحفاظ على هذا الإرث النضالي، وصون الاستقلال الذي دفع المغاربة ثمنه غاليًا من دمائهم وأرواحهم.
حتى لا ننسى، وحتى تبقى تضحيات الأجداد نبراسًا يضيء طريق المستقبل.