كتاب الرأي

تراكم الأموال و تفاقم الأزمات؟!!!


1 - الحماية الاجتماعية:
. إن الكلمة مهما قلت حروفها فهي عالم مليئ بالضجيج
و لكل قارئ عالم من التفاعلات و الانفعالات و الآراء و وجهات نظر تبتدئ و لا تنتهي...
. ففي إطار التضامن و الحماية الاجتماعية لابد من الضمان قانونيا- في إطار دولة الحق و القانون - لكل من له عمل أو ليس له عمل دخلا يخوله عيشا كريما، ذلك أنه من واجب الدولة الاجتماعية - في مجالات توزيع الثروة بالقسطاس - منح الفقير ( أكان أجيرا أو عاطلا أو معاقا ) تعويضا (حقا و ليس صدقة ) بهدف توحيد الحد الأدنى للعيش الكريم لضعاف المواطنين و انتشالهم من بؤرة الفقر و الجهل و المرض و الهشاسة...



فبين الجحود و الاعتراف لماذا يتحول البعض من ثقافة الاعتراف الملائكية أخلاقا لمجهود الآخر و تقليده رضائيا إلى الخذلان الشيطاني ثم السطو الحيواني الافتراسي بانجذاب لا يقاوم نحو إشباع متعة نهم الوحوش الضواري...؟!!!

إن الاعتماد على النفس يشترط سلامتها و سلامة محيطها البيئي و السياسي و توازنها الفكري و الإيديولوجي و سهولة انذماجها عبر قنوات سوسيو ثقافية و مهنية... ( لازم على الدولة توفيرها للجميع دون انتقاء أو فئوية )

2 - تراكم الأموال:
. فهل صحيح أنه من غرائب الدنيا و عجائبها أن هناك مسلمة خفية تفيذ بأن اكتناز القناطر المقنطرة من الذهب يتم بقوة الأشياء و طبيعتها فقط لعبدة المال و تحكمهم في الأسواق بتراكم ملايير الدولارات بل بميئات الملايير و أكثر. و بأن أغلب هؤلاء أو جلهم قد ميزتهم الطبيعة عن غيرهم بسيمات الجهل و الغباء و الكسل و استغلال جهود الآخرين بجفاف المشاعر و البخل و الجشع... 

.  فإلى أي حد نعتبر أن هذه مسلمة صحيحة لا محيد عنها في أي تحليل سوسيو / اقتصادي للآفات الاجتماعية و ظواهر اتساع أحزمة الفقر و الهشاشة في مقابل الاغتناء السريع و الفاحش لأقلية معدودة ( في الأنظم الليبيرالية المتوحشة القائمة على نظام السوق و الريع و الاحتكار و المبادرات الخاصة و تحرير الأسعار و التهرب الضريبي و التهريب و تجذر الفساد و تغوله ) و بناء عليه تمكنت هذه الأقلية من امتلاك وسائل التمويه و الإعلام و العنف و السيطرة و إتقانها لأساليب الرشوة و الارتشاء و شراء الذمم و الإمساك بمقاليد الحكم و السياسة و تشجيع التفاهة و التافهين...؟!!!

3 - منابع الجريمة و أسبابها:
يبدو أن أسباب الجريمة في المغرب لها في معظمها علاقة نسبية بالظروف الاجتماعية و الاقتصادية المزرية المتفشية خصوصا في أحزمة الفقر و الهشاشة و الأوساط المهمشة خصوصا من طرف المراهقين و الشباب الذين يرزحون تحت نير البطالة المزمنة و الفقر  المدقع و الأمية و الهدر المدرسي و التهميش و غياب مؤسسات التنشيط السوسيوثقافي و التوجيه التربوي، مع صعوبة تنزيل قوانين الرعاية الاجتماعية الشاملة و المنشودة لضمان الحد الأدنى للعيش الكريم لفائدة الفئات الدنيا في المجتمع التي لم تنل حظها من فرص التعليم و الشغل و الترقي الاجتماعي،... 
                      
و تصنف هذه الجرائم في المغرب بكون نسب كبيرة منها تعود إلى النصب و الاحتيال  و الاتجار في الممنوعات أو النشل و السرقة الموصوفة و الاغتصاب و اعتراض طريق المواطنين لسلب أموالهم أو أشيائهم الثمينة بالعنف و التهديد بالسلاح الأبيض و استعماله.               
    
فهذه الجرائم التي يتم اقترافها - غالبا من طرف هؤلاء المراهقين و الشباب او أصحاب السوابق في حلة العود - إما تحت تأثير المخدرات أو تحت ضغط اليأس و الحاجة الملحة أو هما معا،... إنما يعود مصدرها الأساس إلى غياب حلول سياسية و اقتصادية واقعية للمشاكل الاجتماعية التي تتخبط فيها الطبقات الدنيا للمجتمع المغربي علما بأن هذه العوامل ليست بالضرورة وحدها الدافع للإجرام فهناك طبعا نسب لايستهان بها من الجرائم المرتكبة في بعض البيئات من  الطبقة الوسطى أو الغنية بعوامل مختلفة تتعلق بالانتقام أو الفساد أو تصفية الحسابات، ... 

.  لذلك فإن  المقاربة الأمنية لمعاجة الجريمة و إن كانت ضرورية، فإنها مهما بلغت من نجاعة تظل غير كافية لتجفيف الجريمة من منابعها  الأصلية الكامنة في غياب تنزيل قوانين الرعاية الاجتماعية الشاملة و المنشودة و إجبارية تطبيقها و تعميمها و معالجة الفوارق الطبقية و المجالية بالقطع مع  التهرب الضريبي و اقتصاد الريع و تحرير الأسعار دون تسقيغها و الاحتكارات غير المشروعة و الاقتصاد غير المهيكل. و ذلك بملء الفراغ التشريعي لكثير من الممارسات المنفلتة للرقابة و العقاب و كذا العمل على تنزيل القوانين الإجرائية للقوانين الدستورية العامة، بما من شأنه خلق دينامية تحقيق ننو اقتصادي و تنمية بشرية مستدامة، واقعية، حقيقية و ملموسة...             
                                
فاختصارا و ليس ختاما، فإنه من المؤكد في ظل هذه الأوضاع الاجتماعية الكارثية ( المتأزمة و المتفاقمة )، فإن مهمة الأمن الوطني و مكونات المجتمع المدني و المقاربات الخيرية إنما تزداد صعوبة و تعقيدا ليس إلا في مجتمع أصبح  - مع تجذر الفساد و استحالة الإصلاح - مهددا يوما بعد يوم بصدمة الانهيار و السكتتة القلبية...

و في الختام أهديكم بالمناسبة شعرا تحت عنوان:
 << صياد و تنين >>

في آخر الصيد آضاف صيدا مذهشا
صيدا لم ير مثله في البر أو البحر
ودع البحر فرحا بأروع صيد
 إلى أهلهه واضعا عنه ثقل الزمن
مستبشرا  بوافر الزاد و الإيراد
 ذهب حالما إلى أوتاد القرية
دعاهم إلى تسوق الصيد بالمزاد
فهلموا إلى كوخه متجمعين
وجدوا السلة: فراغا الا من تنين
أتى التنين الأسماك و جهود الصياد

بقلم: علي تونسي 

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 7 أكتوبر 2024

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic