كتاب الرأي

بين العقلي و النفسي ...... أية مسافة مرضية؟


في ألغالب الأعم لا يفرق الناس بين الاظطراب العقلي و الاظطراب النفسي و يعتبرونهما مرضا واحدا و لا يفرقون بين طب الأمراض العقلية ( psychiatrie ) و الطب النفسي ( psychopathologie ) ، و يرفضون أصلا احتمال المرض و الدواء .



علي تونسي

فغالبا ما نفاجأ برفض أحدهم العنيف أحيانا عند نصحه بزيارة الطبيب النفسي أكثر من رفضه زيارة جراح الأسنان مثلا ، و يعتبر الأمر سبة و صفة بالحمق و مسا شنيعا بشخصه و حريته، بينما في ااواقع هناك فرق واضح بين أعراض و سلوكات المرض العقلي ( التي تتطلب تدخل  الآخرين أو القوة العمومية أحيانا كثيرة لإخضاع المريض العقلي للتطبيب ) ، و أخرى متعلقة بالمرض النفسي و التي تجعل المريض نسبيا يتقبل فكرة زيارة الطبيب النفسي بإرادته الحرة بعد اقتناعه بضرورة هذه الزيارة و التي لا تختلف عن باقي الزيارات العادية لعلاج بعض الوعكات الصحية المختلفة .


 يبدو من خلال الملاحظة لحالات متعددة و متنوعة عبر أمكنة و أزمنة مختلفة أن هناك فرق جلي في الأعراض و السلوكات المرضية بين المريض عقليا  و المريض نفسيا .

 1 -  أعراض و سلوكات المرض العقلي:

من بين الأعراض و السلوكات المرضية الأكثر ترددا و التي تميز المرض العقلي نذكر ما يلي:
- فقدان القدرة على التركيز و التمييز
- الانطواء و العزلة و الإبتعاد خوفا أو قلقا من الآخرين
- التعاطي بشراهه دون وعي في حالة الإدمان على التدخين
- عدم الاعتناء بالنظافة و الأكل المنتظم
- التعرض لهلاويس سمعية و بصرية أي سماع أصوات و رؤية صور لا وجود لها في الواقع إلا في ذهنه المشوش و التي  بناء عليها تصدر عنه ردود فعل تتفاوت في حدتها و خطورتها على نفسه أو على الآخرين ( أقرب الناس إليه )  من يقاسمونه سقفا واحدا أو من يتابعون حالته خارج البيت للإعتناء به  أو من يتواجدون بحكم الصدفة بالقرب منه.
- الرفض الباث لفكرة التطبيب و العلاج
- فقدان الأثر بسبب التشرد القهري و اللاواعي و الجلوس و النوم في أي مكان و الأكل من المزابل و القاذورات في حالات مرضية متقدمة ناتجة عن تأخر العلاج.
.  مما يستدعي تدخل الآخرين، الأهل خصوصا أو القوة العمومية قبل فوات الأوان لإجبار المريض على ولوج مستشفى الأمراض العقلية و إخضاعه دون خيار منه للتطبيب و للعلاج.


- 2 - أعراض و سلوكات المرض النفسي:

على الرغم من التشابه الخاطئ في ثقافة المجتمع بين المرض العقلي و المرض النفسي إلا أن هناك ملاحظة عامة بأن أعراض و سلوكات المرض النفسي أقل حدة عن غيرها في حالة المرض العقلي. و من بينها و الأكثر ترددا في حالة الإظطرابات النفسية نسوق الأمثلة التالية:
- الاضطراب في المشاعر و العواطف 
- عدم الاستقرار على أسلوب أو موقف واحد
- الشك المرضي و التوجس خيفة من الأشياء والآخرين بدون منطق أو سبب واضح..
- الشك القهري كالعودة مرات إلى المنزل للتأكد من إغلاق الباب بالمفتاح أو إطفاء المصباح أو سد باب النافذة،....
- توقف قدرة  المريض على التحليل المستمر و العميق لحالات الاضطراب التي يعانيها على المستويين العاطفي و الحسي.
- عدم الثقة في النفس و الميول إلى الانطواء أو العزلة و الإتسام بضعف أو عدم القدرة على الاندماج  بسبب الشعور بمركب نقص و عقد نفسية يعانيها المريض باستمرار دون وعي بها و التي  تكونت  و تراكمت في أعماقه خلال مرحلة الطفولة اللاواعية بسبب أخطاء تربوية أو ظروف اختلالات اجتماعية و تناقضات قيمية في وسط التنشئة. أو بسب تكاثف ظروف الإحباط و الكبث بحجم يفوق قدرة التحمل الطبيعية عند الفرد... أو كل هذه الأسباب و الظروف مجتمعة في آن واحد... و التي تتطلب عددا من حصص التحليل السيكولوجي السريري يقوم بها الطبيب النفسي المختص .


- الإدمان  و التعاطي بشراهة ملحوظة للتدخين أو المخدرات و الكحول للتنفيس عن الاضطرابات السلوكية السابق ذكرها.
- تكرار بعض الحركات أو العادات اللا إرادية  ( tics ) .
.  هذه بعض الأعراض و السلوكات المرضية النفسية و التي لا يفقد معها المريض النفسي القدرة على التركيز و التمييز و النظافة على خلاف المريض العقلي . 
.  من هنا آذن يمكن للمريض النفسي، عند اقتناعه بحالته و تحرره من أوهام الثقافة الاجتماعية المتوارثة و العار الملتصق ظلما و جهلا ببعض الأمراض، أن يقدم بإرادته الحرة و اختياره المحض على زيارة الطبيب النفسي باعتبارها كباقي الزيارات العادية لعلاج بعض التوعكات الصحية .


.                                      

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 22 مارس 2023

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic