حياتنا

بطاقة الإعاقة" في المغرب.. آمال مفقودة وانتقادات واسعة


أثار إصدار المرسوم رقم 2.22.1075، الذي يحدد شروط منح بطاقة الشخص في وضعية إعاقة، جدلًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والجمعوية بالمغرب. فرغم اعتباره خطوة رمزية نحو تعزيز حقوق هذه الفئة، إلا أن العديد من الجمعيات الناشطة في مجال الإعاقة الذهنية وجهت انتقادات لاذعة للمرسوم، معتبرة أنه لا يقدم تحسينات فعلية لأوضاع المستفيدين، فضلًا عن غموض الامتيازات المرتبطة بالبطاقة، وغياب التمويل الكافي للمراكز المتخصصة، ما قد يجعلها مجرد وثيقة إدارية بلا أثر ملموس.



بطاقة بلا امتيازات ملموسة
أبرز الانتقادات الموجهة لهذه البطاقة تتمثل في عدم تضمنها امتيازات عملية لحامليها، مثل الأولوية في الرعاية الطبية، الإعفاء من تكاليف العلاج، أو تسهيل الحصول على الأجهزة والمعدات الضرورية كالأطراف الاصطناعية، الكراسي المتحركة، والسماعات الطبية. كما لا تضمن البطاقة القبول التلقائي في المراكز المتخصصة أو الفصول المدمجة أو قاعات الموارد للتأهيل والدعم.

إلى جانب ذلك، يشتكي الاتحاد الوطني للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية من غياب تعويض مالي للأسر التي تتحمل تكاليف باهظة لرعاية أطفالها أو أقاربها في وضعية إعاقة. ورغم المطالب المتكررة لتوفير دعم مباشر، فإن المرسوم لم يتضمن أي إجراءات بهذا الخصوص، مما يجعل العبء المالي يقع بالكامل على عاتق الأسر، دون أي مساعدة حكومية فعلية.

أحد أبرز الجوانب المثيرة للجدل في المرسوم هو آليات تقييم الإعاقة ومنح البطاقة. فقد نص المرسوم على أن التقييم سيتم من قبل لجان جهوية، إلا أنه لم يحدد المعايير الدقيقة التي سيتم اعتمادها في تصنيف الإعاقات وتحديد مستويات الدعم. كما لم يتضمن أي تفاصيل حول كيفية الطعن في القرارات الصادرة عن هذه اللجان، ما يثير مخاوف من غياب الإنصاف والموضوعية في عملية التقييم.

هذا الغموض دفع أربع تنظيمات عاملة في مجال الإعاقة، من بينها المرصد المغربي للتربية الدامجة والاتحاد المغربي للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية، إلى مراسلة وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة بنيحيي، للمطالبة بتنظيم ورشة علمية عاجلة لمناقشة الأدوات المعيارية للإعاقة، وإدخال تحسينات على المرسوم لضمان تقييم عادل وشفاف.

إلى جانب غموض المعايير وغياب الامتيازات، تواجه الجمعيات الناشطة في مجال الإعاقة تحديًا كبيرًا يتمثل في التماطل في صرف الدعم المالي المخصص لها. ووفقًا لمنير ميسور، رئيس الجامعة الوطنية للعاملات والعاملين الاجتماعيين، فإن 120 جمعية فقط تلقت الدعم إلى حدود الآن، مما تسبب في تداعيات اجتماعية خطيرة على العاملين في هذا المجال، حيث فقد بعضهم مساكنهم بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار، بل إن بعضهم تعرض للطلاق نتيجة التأخير في صرف رواتبهم الهزيلة أساسًا.

وأكد ميسور أن الجمعيات سبق أن حذرت الوزارة من أن غياب "سلة خدمات" مرافقة للبطاقة سيجعلها بلا جدوى، مشيرًا إلى أن الوزيرة كانت قد وعدت بعدم إصدار البطاقة دون توفير امتيازات واضحة، إلا أن الواقع أثبت العكس.

من جهتها، شددت نادية عطية، رئيسة الاتحاد المغربي للجمعيات العاملة في مجال الإعاقة الذهنية، على ضرورة ضبط معايير تقييم الإعاقة بطريقة أكثر شفافية، وإشراك خبراء وأخصائيين وأولياء الأمور في عملية التقييم، بدل الاعتماد فقط على رأي طبيب واحد. كما حذرت من الخلط بين الإعاقات الجسدية والذهنية، مؤكدة أن الأشخاص الذين يعانون من إعاقات ذهنية يواجهون صعوبات أكبر من ذوي الإعاقات الجسدية، مما يستدعي تخصيص معايير خاصة لكل فئة.

وأعربت عطية عن خيبة أملها في الصيغة الحالية للبطاقة، مشددة على أن المجتمع المدني ناضل لأكثر من 30 عامًا من أجل إخراج هذه البطاقة، لكنه يجدها اليوم فارغة من أي خدمات حقيقية. وأكدت على ضرورة توفير امتيازات عملية، مثل الأولوية في الرعاية الصحية، تسهيلات في التنقل، والحق في السكن، لضمان إدماج فعلي للأشخاص في وضعية إعاقة داخل المجتمع.

رغم أن إصدار بطاقة الإعاقة كان يُفترض أن يشكل خطوة مهمة نحو تحسين أوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة، إلا أن غموض الامتيازات، وغياب معايير تقييم واضحة، وتأخر صرف الدعم للجمعيات الناشطة في المجال، كلها عوامل تجعل البطاقة مجرد إجراء إداري لا ينعكس إيجابيًا على حياة المستفيدين. ويبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو إعادة النظر في المرسوم وإدخال تعديلات جوهرية تضمن تحقيق الهدف الأساسي من هذه البطاقة، وهو تحسين ظروف عيش الأشخاص في وضعية إعاقة وتعزيز إدماجهم في المجتمع.

كلمات مفتاحية بطاقة الإعاقة، الامتيازات، التقييم، الإعاقة الذهنية، الجمعيات، الدعم المالي، الإدماج الاجتماعي، المراكز المتخصصة، وزارة التضامن، حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، التقييم العادل، تمويل الجمعيات، سلة الخدمات، الرعاية الطبية، التعويض المالي، المجتمع المدني، الشفافية، الطعن في القرارات، ذوو الاحتياجات الخاصة.

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الخميس 20 فبراير 2025

              















تحميل مجلة لويكاند


عناوين البوابات الإلكترونية الناطقة بالعربية المغربية





Buy cheap website traffic