بقلم: عادل بن حمزة
وبالمناسبة دعا “الجهات المعنية إدارية وعسكرية وأمنية بالصرامة في القيام بواجباتها وفي تنفيذ القرارات التي تصدر دون تردد ولا محاباة”. بهذا الخطاب يكون الرئيس الموريتاني قد حسم موقف بلاده من وضعية المنطقة العازلة، ففي الوقت الذي كانت الدعاية الجزائرية تصور التدخلات الأمنية للطائرات المسيرة المغربية في المنطقة على أنها اعتداء على التجارة والتجار في المنطقة ومنه موريتانيين، جاء رد ولد الغزواني واضحا لا يقبل الشك ، وبذلك فإن نواكشوط تبدي تفهمها لممارسة المغرب لسيادته على أراضيها بقرار سياسي بالغ الأهمية ينهي طابع الغموض الذي كان النظام الجزائري ومن ورائه جبهة البوليساريو يحاولان الاستثمار فيه ، إذ شرع المغرب وفق تقارير إعلامية في توسيع الجذار الأمني .
شرقا في “تويزكي” باتجاه الجزائرية ، وتحديدا من مواقع “الأبعاج” و”طارف بوهندة” و”كرارة العربي” الموجودة شرق الجدار .
لفهم طبيعة المناطق العازلة وأهميتها ، يجدر بنا التذكير أن إحداثها يتم بقرار من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتعتبر من بين وسائلها لدعم عمليات السلام وإيجاد حلول للنزاعات ذات الطبيعة الحدودية ، حيث أن المناطق العازلة تفصل بين جيوش دولتين متنازعتين وعادة ما تكون منطقة خالية من أية مظاهر عسكرية ومن السكان أو ذات كثافة سكانية ضعيفة ، وقد طبقت الأمم المتحدة هذا الاختيار في عدد من النزاعات الدولية مثل النزاع بين الكوريتين وبين العراق والكويت وفي قبرص أيضا .
بخصوص الوضع في الصحراء المغربية ، فقد شكل إحداث منطقة عازلة شرق الجدار الأمني للقوات المسلحة الملكية ، واحدا من مشمولات إتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991، وهي منطقة تشغل حوالي 20% من المساحة الإجمالية للصحراء وتوجد في مجملها بين المغرب وموريتانيا .
منذ سنوات عرفت هذه المنطقة خروقات من قبل جبهة البوليساريو ، سواء في منطقة تيفاريتي أو بئر لحلو أو في منطقة الكركرات والكويرة ، الجبهة حاولت على مدى سنوات توظيف حضورها في المنطقة العازلة بشكل دعائي ، بل إنها والإعلام الذي يدور في فلكها، تعتبرها «مناطق محررة» ، بل بلغ الأمر حد تشييد بعض البنايات وإستقدام الوفود الأجنبية لحضور مناسبات يتم تنظيمها في المنطقة ، ولعل ما صعد من التوتر بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة السابق السيد بان كي مون ، هو قبول هذا الأخير حضور أحد الأنشطة الدعائية لجبهة البوليساريو بمنطقة بئر لحلو ، وهو ما وضع كي مون في موقف حرج لأن مهامه كأمين عام للأمم المتحدة ، تفرض عليه التقيد بالإطار القانوني للمناطق العازلة ، لا أن يساهم في خرقها .
خلال السنوات القليلة الماضية تواترت معلومات وأخبار مؤكدة وموثقة سواء من طرف بعثة الأمم المتحدة للصحراء أو من طرف المغرب عن إنتشار مسلحين تابعين لمليشيات البوليساريو قرب المعبر الحدودي الكركرات وهذا ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير قدمه لمجلس الأمن الدولي خلال أزمة معبر الكركرات وهو المعبر الحدودي الذي يربط بين المغرب وموريتانيا ، وقد تم قبل سنوات نشر صور لقادة من الجبهة مع تجهيزات عسكرية خفيفة على ساحل المحيط الأطلسي ، كل هذه المعطيات تؤكد أن جبهة البوليساريو كانت تراهن بشكل كبير على الجانب الدعائي في تحركاتها في المنطقة العازلة ، لأن مهمة قطع الإمدادات وعزل تلك القوات في منطقة الكركرات كانت دائما عملية بسيطة من الناحية العسكرية بالنسبة للقوات المسلحة الملكية وهو ما قامت به فرق الهندسة التابعة لها في ساعات قليلة عندما تقرر ذلك ، لكن الأمر إذا كان لا يشكل تحديا عسكريا أو أمنيا ، فإنه يشكل تحديا سياسيا وإعلاميا ، لذلك واجهه المغرب بحزم وذكاء ، خاصة أن البوليساريو ومن ورائها الجزائر هددت أكثر من مرة بفكرة نقل مخيمات تيندوف إلى المنطقة العازلة التي تعتبرها وتقدمها بشكل دعائي للعالم على أنها أراضي محررة لكنها لم تستطع تنفيذ ذلك أبدا .
من جهة ، لأن الجبهة والجزائر يستعملان مخيمات المحتجزين في تيندوف للدعاية وللاتجار في المساعدات الإنسانية ، ومن جهة أخرى لأن المنطقة عمليا ليست سوى منطقة تدخل ضمن السيادة المغربية وقد تركها الجيش المغربي خالية حتى يتمكن من ملاحقة مليشيات البوليساريو دون الحاجة إلى التوغل في الأراضي الموريتانية أو الجزائرية وذلك وفقا لاتفاقية وقف إطلاق النار والأمر الثالث هو أن النظام الجزائري يرفض أن يتخلى عن سيطرته المباشرة على المخيمات وعلى قيادة البوليساريو نفسها لأنه من شأن توسع هامشية استقلاليتها أن يحدث تغييرا في منظورها للنزاع المفتعل ويحررها من وضعية الرهينة التي يتم توظيفها لتصفية الحسابات مع المغرب بدل إيجاد حل حقيقي ودائم .
لكن مع ذلك لم يكن مستبعدا أن تكون الجبهة تخطط لتحويل جزء من «المنطقة العازلة» إلى «منطقة آمنة» عبر السعي لإستصدار قرار لمجلس الأمن وذلك بهدف حماية المدنيين ومراقبة حقوق الإنسان وحقهم في التوصل بجزء من ثروات المنطقة ، وذلك في إنتظار الحل السياسي الذي يبدو أعقد من أي فترة سابقة ، بسبب عدمية الموقف الجزائري ، فبعد تعيين المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة الخاص بالصحراء المغربية ، الدبلوماسي المخضرم ستيفان ديمستورا، عاد النظام الحاكم في الجزائر ، ليضع العراقيل أمامه حتى قبل أن يبدأ مهامه ، فقد طالبت الجزائر بانسحاب الجيش المغربي من منطقة «الكركرات» بوصفها منطقة عازلة حسب الرواية الجزائرية.. ، وهي ذات المنطقة التي حولتها مليشيات البوليساريو إلى منطقة للاستعراض والدعاية بعد قطع الطريق الدولي الذي يربط أوربا بإفريقيا ، وهو ما عرض جزءا من التجارة العالمية لمخاطر حقيقية استدعت تدخل تقني للقوات المسلحة الملكية المغربية لإعادة الوضع إلى طبيعته دون تغيير في قواعد الاشتباك ، ودون مساس باتفاقية التسوية التي تمتد إلى تسعينيات القرن الماضي .
هنا تبرز أهمية موقف الرئيس الموريتاني من ممارسة المغرب لسيادته الفعلية على المنطقة العازلة أمام محدودية دور قوات الأمم المتحدة ، خاصة أن أزمة الكركرات الأخيرة تسببت في أزمة فيما يتعلق بتموين الأسواق الموريتانية ودول غرب إفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات المغربية والأوربية ، ذلك أن أي تحرك مسلح لجبهة البوليساريو لا يمكن أن يتم في المنطقة العازلة ضدا على إرادة نواكشوط وهو ما حسمه خطاب ولد الغزواني يوم 27 دجنبر 2022 ، لذلك نشهد اليوم تقدما كبيرا في العلاقات المغربية الموريتانية ، وهو ما أضحى يزعج حكام المرادية في الجزائر .
المصدر : alalam.ma
شرقا في “تويزكي” باتجاه الجزائرية ، وتحديدا من مواقع “الأبعاج” و”طارف بوهندة” و”كرارة العربي” الموجودة شرق الجدار .
لفهم طبيعة المناطق العازلة وأهميتها ، يجدر بنا التذكير أن إحداثها يتم بقرار من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة وتعتبر من بين وسائلها لدعم عمليات السلام وإيجاد حلول للنزاعات ذات الطبيعة الحدودية ، حيث أن المناطق العازلة تفصل بين جيوش دولتين متنازعتين وعادة ما تكون منطقة خالية من أية مظاهر عسكرية ومن السكان أو ذات كثافة سكانية ضعيفة ، وقد طبقت الأمم المتحدة هذا الاختيار في عدد من النزاعات الدولية مثل النزاع بين الكوريتين وبين العراق والكويت وفي قبرص أيضا .
بخصوص الوضع في الصحراء المغربية ، فقد شكل إحداث منطقة عازلة شرق الجدار الأمني للقوات المسلحة الملكية ، واحدا من مشمولات إتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991، وهي منطقة تشغل حوالي 20% من المساحة الإجمالية للصحراء وتوجد في مجملها بين المغرب وموريتانيا .
منذ سنوات عرفت هذه المنطقة خروقات من قبل جبهة البوليساريو ، سواء في منطقة تيفاريتي أو بئر لحلو أو في منطقة الكركرات والكويرة ، الجبهة حاولت على مدى سنوات توظيف حضورها في المنطقة العازلة بشكل دعائي ، بل إنها والإعلام الذي يدور في فلكها، تعتبرها «مناطق محررة» ، بل بلغ الأمر حد تشييد بعض البنايات وإستقدام الوفود الأجنبية لحضور مناسبات يتم تنظيمها في المنطقة ، ولعل ما صعد من التوتر بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة السابق السيد بان كي مون ، هو قبول هذا الأخير حضور أحد الأنشطة الدعائية لجبهة البوليساريو بمنطقة بئر لحلو ، وهو ما وضع كي مون في موقف حرج لأن مهامه كأمين عام للأمم المتحدة ، تفرض عليه التقيد بالإطار القانوني للمناطق العازلة ، لا أن يساهم في خرقها .
خلال السنوات القليلة الماضية تواترت معلومات وأخبار مؤكدة وموثقة سواء من طرف بعثة الأمم المتحدة للصحراء أو من طرف المغرب عن إنتشار مسلحين تابعين لمليشيات البوليساريو قرب المعبر الحدودي الكركرات وهذا ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة في تقرير قدمه لمجلس الأمن الدولي خلال أزمة معبر الكركرات وهو المعبر الحدودي الذي يربط بين المغرب وموريتانيا ، وقد تم قبل سنوات نشر صور لقادة من الجبهة مع تجهيزات عسكرية خفيفة على ساحل المحيط الأطلسي ، كل هذه المعطيات تؤكد أن جبهة البوليساريو كانت تراهن بشكل كبير على الجانب الدعائي في تحركاتها في المنطقة العازلة ، لأن مهمة قطع الإمدادات وعزل تلك القوات في منطقة الكركرات كانت دائما عملية بسيطة من الناحية العسكرية بالنسبة للقوات المسلحة الملكية وهو ما قامت به فرق الهندسة التابعة لها في ساعات قليلة عندما تقرر ذلك ، لكن الأمر إذا كان لا يشكل تحديا عسكريا أو أمنيا ، فإنه يشكل تحديا سياسيا وإعلاميا ، لذلك واجهه المغرب بحزم وذكاء ، خاصة أن البوليساريو ومن ورائها الجزائر هددت أكثر من مرة بفكرة نقل مخيمات تيندوف إلى المنطقة العازلة التي تعتبرها وتقدمها بشكل دعائي للعالم على أنها أراضي محررة لكنها لم تستطع تنفيذ ذلك أبدا .
من جهة ، لأن الجبهة والجزائر يستعملان مخيمات المحتجزين في تيندوف للدعاية وللاتجار في المساعدات الإنسانية ، ومن جهة أخرى لأن المنطقة عمليا ليست سوى منطقة تدخل ضمن السيادة المغربية وقد تركها الجيش المغربي خالية حتى يتمكن من ملاحقة مليشيات البوليساريو دون الحاجة إلى التوغل في الأراضي الموريتانية أو الجزائرية وذلك وفقا لاتفاقية وقف إطلاق النار والأمر الثالث هو أن النظام الجزائري يرفض أن يتخلى عن سيطرته المباشرة على المخيمات وعلى قيادة البوليساريو نفسها لأنه من شأن توسع هامشية استقلاليتها أن يحدث تغييرا في منظورها للنزاع المفتعل ويحررها من وضعية الرهينة التي يتم توظيفها لتصفية الحسابات مع المغرب بدل إيجاد حل حقيقي ودائم .
لكن مع ذلك لم يكن مستبعدا أن تكون الجبهة تخطط لتحويل جزء من «المنطقة العازلة» إلى «منطقة آمنة» عبر السعي لإستصدار قرار لمجلس الأمن وذلك بهدف حماية المدنيين ومراقبة حقوق الإنسان وحقهم في التوصل بجزء من ثروات المنطقة ، وذلك في إنتظار الحل السياسي الذي يبدو أعقد من أي فترة سابقة ، بسبب عدمية الموقف الجزائري ، فبعد تعيين المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة الخاص بالصحراء المغربية ، الدبلوماسي المخضرم ستيفان ديمستورا، عاد النظام الحاكم في الجزائر ، ليضع العراقيل أمامه حتى قبل أن يبدأ مهامه ، فقد طالبت الجزائر بانسحاب الجيش المغربي من منطقة «الكركرات» بوصفها منطقة عازلة حسب الرواية الجزائرية.. ، وهي ذات المنطقة التي حولتها مليشيات البوليساريو إلى منطقة للاستعراض والدعاية بعد قطع الطريق الدولي الذي يربط أوربا بإفريقيا ، وهو ما عرض جزءا من التجارة العالمية لمخاطر حقيقية استدعت تدخل تقني للقوات المسلحة الملكية المغربية لإعادة الوضع إلى طبيعته دون تغيير في قواعد الاشتباك ، ودون مساس باتفاقية التسوية التي تمتد إلى تسعينيات القرن الماضي .
هنا تبرز أهمية موقف الرئيس الموريتاني من ممارسة المغرب لسيادته الفعلية على المنطقة العازلة أمام محدودية دور قوات الأمم المتحدة ، خاصة أن أزمة الكركرات الأخيرة تسببت في أزمة فيما يتعلق بتموين الأسواق الموريتانية ودول غرب إفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات المغربية والأوربية ، ذلك أن أي تحرك مسلح لجبهة البوليساريو لا يمكن أن يتم في المنطقة العازلة ضدا على إرادة نواكشوط وهو ما حسمه خطاب ولد الغزواني يوم 27 دجنبر 2022 ، لذلك نشهد اليوم تقدما كبيرا في العلاقات المغربية الموريتانية ، وهو ما أضحى يزعج حكام المرادية في الجزائر .
المصدر : alalam.ma