كتاب الرأي

الشباب بين إكراهات موجة” الموضة ” وتحديات الواقع التنموي ؟


إن الحديث عن هذه الإشكالية الحساسة والبالغة الأهمية في المجتمعات التواقة إلى التقدم والازدهار والتطور وتحقيق الإقلاع التنموي .



بقلم : الدكتورالمصطفى بلعوني: باحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية

أن معالجة هذه الظاهرة لابد من الإلمام بها من عدة مستويات  وجوانب متعددة حتى يتسنى إخراجها من الخطابات الاستهلاكية،والتي تعتبرها “موضة ” يتحدث عليها الفاعل السياسي في كل لحظة وحين حتى يعطي” لخطابه ” المصداقية والقابلة للقياس الذي يؤسس على معايير ومعطيات موضوعية . أو أنه له خطاب حداثي يبنى من الواقع المعاش  وهذا في واقع الحال ظاهري فقط، لأن مشكلة الشباب أو اشكالية الشباب يجب أن تناقش في إطار شمولي بدءا بالتعليم الذي يعتبر القضية الأولى الملتصقة بالشباب خاصة ارتباط التعليم بسوق الشغل . حتى لا يكون التعليم في واد و اشكالية الشباب في واد اخر أو في   سياقات أخرى منها  التعليم النافع للشباب لكي يكون  خارج.كل مواصفات العطالة  التقنية أو المباشرة.أي مندمج في المحيط السوسيو – اقتصادي .

وفي السياق ذاته لا أريد أن أدخل في مفاهيم أكاديمية حول مفهوم الشباب لأنه حسب علم الاجتماع فإن الشباب فئة عمرية  من الطفولة إلى سن النضج .وهنالك من يعتبره منخرط في المجتمع بمعيار الشغل أو الزواج .أو أنها تعتبر فئة وسيطية يمر منها الشخص من الطفولة إلى سن الرشد .

وإذا كان الدستور في 2011 رسخ الجيل الجديد لحقوق الإنسان في إطار الخيار الديمقراطي باعتباره ثروة وطنية حقيقية وعنصرا فاعلا في التنمية ، ولهذا على الجهات المهتمة بتأهيل تجويد المنظومة التشريعية الوطنية واستكمال تنزيل الدستور وتفعليه،أن القراءة الأولية لنسبة الشباب بالمغرب و هرمه السكاني تصل إلى. 41 في المائة حسب الإحصاء الأخير  كما أن جميع الدراسات التي أنجزت تؤكد على أن نسبة البطالة تصل إلى 13. 60،في المائة من مجموع السكان النشيطين .وهي نسبة عالية جدا..

وفي هذا الصدد هل للاستراتيجية الوطنية المندمجة للشباب 2015 الى 2030  التي رفعت شعار شبيبة مواطنة مبادرة  سعيدة ومنفتحة هل حققت أهدافها؟ هل استطاعت أن تعالج الإشكالات الموضعة  ؟ هل قامت الحكومة بإعداد نمط متفرد ؟ يشكل دعامة لدفع الشباب للاندماج  أي نمط اقتصادي تتبعه الدولة في إطار برنامج تنموي متكامل وشمولي وله عدة أبعاد ونسخ للتنمية لبناء اقتصاد وطني   يتجه إلى تفعيل الاستثمار في المجال الترابي من الجماعة إلى الإقليم إلى الجهة ومتنوع لربطه بمحيطه السوسيو… اقتصادي .حسب تعدد الجهات بتعدد مصادر الثورة وتنوعها وكل جهة تنفرد بنسخة للتنمية  .وتربط بالبحث العلمي  في الجامعات .وتحويل الجامعات والكليات ذات الاستقطاب المفتوح .إلى خلايا واوراش للعمل الميداني حسب البحوث وربطها بالمزرعة أو  الحقل تم المعمل للغزل والنسيج تم المصنع الكيماويات والبتروكيماويات .فسوف يرتبط التعليم أو التعلم بالشغل .ولهذا على الحكومة أن يكون لها بيان واضح لهذه الرسالة التنموية أو البرنامج التنموي بعيدا عن” الموضة ” أو المزايدات السياسوية .أو الصراع  بين الأحزاب السياسية . 

ولهذا فإنه لا توجد خطة صالحة لكل البلدان بل كل بلد يضع خطته انطلاقا من  الإمكانيات التي تتوفر عليها البلاد . ولهذا ليس هناك برنامج انمائي واحد  فالهدف هو نقل المجتمع من وضع التخلف والركود الاقتصادي إلى وضع متقدم في إطار استراتيجية وطنية لخلق إمكانيات بديلة للتنمية مضبوطة في الزمان وتحقيق الأهداف المسطرة لهذه الاستراتيجية في  أقل وقت ممكن وبأقل ٩جهد مبذول ونتائج إيجابية ومميزة .

ولهذا اذا كانت الاستراتيجية الوطنية وضعت الخطوات السبع كما تسميها فإنها يجب احترامها .ومن بينها :

إعلان مشروع برنامج قابل للقياس والتنفيذ. وفق مكتب الدراسات والأبحاث العلمية يكون معتمدا أو فضاء بحثيا مركزا للعلوم الاجتماعية والإنسانية ويتوفر على مختبرات علمية في فضاء جامعي .وتحديد أهداف العمل .

وإذا كانت الحكومة سنت جائزة المغرب للشباب قصد التحفيز والابتكار والخلق يجب صناعة الشباب .أو صناعة الإنسان قيل البنيات التحتية من طرق وموانئ ..إلى آخره. لأنه إذا أنجزت البنيات التحتية بدون انسان ناضج أو مؤطر  فإنه لا تجد من يقوم بالصيانة .والترميم الميكانيكي. لأن الشباب قادر على العطاء .وقد أثبت التجارب النموذجية عالميا فان تسطير التناوب الإداري والمهني والوظيفي في المسؤوليات أعطى نتائج هائلة على مستوى التفاعل والدينامية وإصلاح الأوضاع وخلق فرص كبرى للشغل ، تم أعطى حيوية للمرفق الإداري .عكس ذلك إذا كان المسؤول جاتما في المنصب أكثر عشر سنوات أو عشرون سنة ينتج البيروقراطية والجمود وعدم الفعالية .

ولهذا فإن السؤال الإشكالي أي شباب لأي مغرب  نريد ..؟؟ هل الشباب بمقياس الفئة العمرية  ؟؟ ام الشباب الناضج الواعي المؤطر سياسيا .ومهتم بقضايا الوطن والمواطن .!! .

يتبادر إلى الدهن في الوهلة الأولى أن التنشئة الاجتماعية تلعب فيها المدرسة والخطاب المدرسي التربوي دورا بارزا ومؤثرا في  صناعة الأجيال ولهذا فإن أي استراتيجية وطنية للنهوض بالشباب يجب أن تكون نسقية تامة مع الخطاب المدرسي والذي يجب أن يكون شلالا متدفقا من الصفات الوطنية .لغرس المبادئ والثوابت والقيم الوطنية في الناشئة  .ليكون الطفل ملتصق بوطنه مرتبط  بقضاياه الوطنية المصيرية .وهذا لا يتاتى إلا في إطار برنامج

ومنهاج “كاري كلوم ” مدرسي يبنى على “كلفا ” محددة في الزمان المدرسي  يتم فيه التحيز للأطروحات الوطنية وللتاريخ الوطني المليء الأمجاد والمفاخر والجغرافيا التي تصون هذا التراث وهذا الإرث .الزاخر يجب أن يكون دعامة لتقوية الوحدة الوطنية تم قوة راشحة للتغذية النفسية والتربوية للشباب التلميدي

في المراحل الإعدادية والثانوية  .وتكون منغرسة كمواقف ذهنية للجماهير الطلابية في الجامعات .هذا من ناحية التكوين المدرسي والأكاديمي والجامعي التي تلعب في المدرسة المغربية دورا بارزا

باعتبارها قنطرة لإيصال أيديولوجية الدولة .وقيمها وعناصرها من أصولها الاجتماعية والثقافية  المستدامة وهذا هو التفرد الذي يجب أن يتميز به الشباب قبل أن يصل عنصرا حيويا في المجتمع وفي الحياة العامة .

أن الشباب المقصود هنا الشباب المؤطر سياسيا والذي يمكن أن يشكل نخبة التناوب والتداول على السلطة وعلى التسيير الخدماتي لمفاصل الدولة .سواء مشكل من نخب سياسية أو اقتصادية ..أو من جبهة مثقفة حاملة الهم الأدبي أو الفني من المؤرخين أو من المبدعين .ولهذا يجب على.الدولة في مراحل التعليم العالي أن توجه الطلاب إلى شعب ملتصقة بالاستراتيجية الوطنية لدعم الشباب في آفاق ممتدة تصل إلى 2030 أو 2050 إلى أبعد تقدير

ملتصقة مع جميع مناحي الحياة العامة. أو التقلبات المجتمعية في ظل الهجمة العولمة .وزحف التقنية والتكنولوجيا ودخول العالم إلى الرقمية والرقمنة .وانخراط الشباب التمدرس إلى هذه الاتجاهات العلمية وهذه المسالك العلمية دون التفريط الروائز الوطنية مثل التاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية والدراسات الإسلامية لكي يتسنى الذهاب بخط مواز في تكوين الشباب .مما يكون مؤهلا للاقتصاد الوطني .

وإذا كان الدستور يبيح تأطير المواطنين فإن الإشكالية اليوم تكمن في دور الأحزاب السياسية .وما أعدت لذلك من أجل إعداد الشباب سياسيا .

أن العمل  الحزبي عامة يعرف نوعا من الجمود وليس له استراتيجية محددة أو خطة مضبوطة في الزمان ولهذا فإن المشهد السياسي للبلاد.تنقصه المبادرات في هذا الشأن. ولهذا فإن الخطابات السياسية لمختلف الأحزاب هي خطابات عامة ولا تستطيع أن تفرز خطاب المعارضة السياسية مع خطاب الأحزاب المشكلة للحكومة .هنا يتضح غياب رؤية واضحة   لمعالجة معضلة الشباب الطامح.للعمل السياسي او أن الأحزاب في خطابها تستدعيه لكي ينخرط في العمل السياسي وهنا تكمن المفارقة المتمثلة لخلود بعض المؤسسات ولا نجد تغييرا في هياكلها .

تم غياب مدارس أو أكاديمية للتكوين السياسي .أو دورات تكوينية،للشباب لكي يتسنى  له الانخراط في العملية السياسية مؤطرا مكونا يعرف ماذا يريد وأين يتجه .

يجب  على الأحزاب السياسية أن تتنصل من خطاب” التسويف” أو “خطاب الحزب دونكم فخذوه ” والشخص جاثم على المسؤولية. إذن لابد من ثورة صامتة داخل الأحزاب لخلخلة بنياتها المتقادمة  التقليدانية .من أجل أن يتبوأ الشباب المقدمات .ويقود المشعل إذاجعلنا منه  شبابا ناضج مؤطر رأس رمح الأحزاب السياسية. 

Sara Elboufi
سارة البوفي كاتبة وصحفية بالمؤسسة الإعلامية الرسالة مقدمة البرنامج الإخباري "صدى الصحف" لجريدة إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاثنين 27 يناير 2025

              















تحميل مجلة لويكاند

Iframe Responsive Isolée





Buy cheap website traffic