لقد آن الأوان لكل الإسرائيليين أن يتسائلوا هل هم على استعداد للعيش
في بلد يعيش على الدم. لا تقولوا أنه ليس هناك اختيار آخر، بالطبع هناك اختيارات لكن علينا أن نتسائل بإلحاح هل علينا أن نستمر في العيش هكذا. هل نحن كإسرائيليين على استعداد للعيش في البلد الوحيد في العالم الذي أسس وجوده على الدم؟ فالرؤية المسيطرة حالياً بإسرائيل هي العيش باستمرار من مذبجة لأخرى، من حرب لأخرى، من محاولة إبادة لأخرى مع توقفات متقطعة.
ليست هناك أي رؤية أخرى على الطاولة. فالمسؤولون الأكثر تفاؤلاً بإسرائيل يقترحون فترات تصعيد أقل قدر الإمكان، بينما يتبنى اليمين باستمرار واقعاً دموياً : الحرب، المذابح، الخرق المستمر للقانون الدولي.بمعنى تبني دولة ذات انفصام ترتكب نفس المآسي باستمرار في الزمن.
هل سيستمر الفلسطينيون كضحايا مذابح و يظل المواطنون الإسرائيليون في إغماض أعينهم؟ من الصعب أن نصدق ذلك. سيأتي اليوم الذي سيفتح فيه أغلب الإسرائيليين عيونهم و يعترفوا أن دولتهم تعيش على الدم و أنه يستحيل على هذا البلد العيش دون إراقة دماء.
فإذا كنا على يقين أن هذا البلد بإمكانه الإستمرار في الوجود للأبد فإننا
مقتنعين أن هناك عقيدة تكرس أنه بدون قِربان الدم لن يكون هناك وجود لإسرائيل. فكل ثلاث سنوات مذبحة في غزة و أخرى بلبنان كل أربع سنوات. و بين الإثنين هناك الضفة الغربية و أهداف أخرى على فترات. لا وجود لأي بلد في العالم يتبنى هكذا نموذج. فلا يمكن للدم أن يكون وقود البلد تماماً كما لا يمكن لأحد أن يتصور قيادته لسيارة و قودها الدم. و قد حققت الحرب في غزة منعطفاً تصعيدياً، فهل سنستمر هكذا؟
مقتنعين أن هناك عقيدة تكرس أنه بدون قِربان الدم لن يكون هناك وجود لإسرائيل. فكل ثلاث سنوات مذبحة في غزة و أخرى بلبنان كل أربع سنوات. و بين الإثنين هناك الضفة الغربية و أهداف أخرى على فترات. لا وجود لأي بلد في العالم يتبنى هكذا نموذج. فلا يمكن للدم أن يكون وقود البلد تماماً كما لا يمكن لأحد أن يتصور قيادته لسيارة و قودها الدم. و قد حققت الحرب في غزة منعطفاً تصعيدياً، فهل سنستمر هكذا؟
وتلعب وسائل الإعلام دوراً خبيثاً في محاولة إقناعنا بضرورة الحرب و تُصَوِر الفلسطينيين كشياطين و تنزع عنهم إنسانيتهم، في حملات موحدة بئيسة لمعلقين يريدون تكريس فكرة ضرورة العيش باستمرار في الدم. كلهم يروجون لفكرة واحدة و يرددون جماعة : "سنقص العشب بغزة كل سنتين، سنقوم بتصفية جيل بعد جيل، سنسجن عشرات الآلاف، سوف نغتال و نطرد و نستولي على مزيد من الأراضي..".
لقد سبق وتم اغتيال الشعب الفلسطيني، و مع ذلك عدنا لذبح غزة حتى أنه لم يتبقَ فيها شيء، ونتوجه حالياً للضفة الغربية حيث سيراق الكثير من الدماء وتكون المذبحة بالدم و بالأعطاب النفسية. فالمعتقلون و الأيتام و الأرامل و المفزوعون و المشردون لن يعودوا أبداً كما كانوا، بينما لاقى عشرات الآلاف من القتلى مصيرهم المأساوي. سيتطلب الأمر سنوات
طويلة و عدة أجيال لتضمد غزة جراحها، هذا إن استطاعت ذلك. فالأمر يتعلق بجريمة إبادة جماعية حتى ولو كانت لا تستجيب للقاعدة التعريفية للإبادة في القانون الدولي. ولا يمكن لبلد أن يعيش بلا نهاية على عقيدة مماثلة و بالتأكيد لن يستطيع العيش إذا كان ينوي الإستمرار في تطبيق هكذا عقيدة.
و إذا فرضنا أن المجتمع الدولي استمر في الترخيص لذلك، فالسؤال الذي يفرض نفسه هو هل نحن كإسرائيليين على استعداد لقبول ذلك؟ كم من الوقت سنؤمن وجودنا و هذا الوجود مبني على الدم؟ متى سنتسائل هل هناك بديل لبلد دموي؟ من المؤكد أن لا وجود لبلد مثل هذا.
إن إسرائيل لم تجرب قط طريقة أخرى. فهي كانت ولا زالت مبرمجة كدولة تعيش على الدم، وازدادت الأمور أكثر بعد 7 أكتوبر 2023 لتأخذ الأمور منحى آخر و تتكرس عقيدة دولة الدم. فهل عندما سنستفيق سنبحث عن بدائل
و هي متوفرة ولا ننتظر سوى تجريبها؟ للأسف في الظرفية الحالية لا يمكن حتى اقتراح حلول بديلة.
(*)جيديون ليفي، صحفي إسرائيلي
يومية هاآريتز
14 ستنبر 2024