صحتنا

كيف تؤثر المياه الملوثة على انتشار الكوليرا وحمى التيفوئيد عالميًا؟


تعدّ الأمراض المنقولة عبر المياه الملوثة أحد أكبر التحديات الصحية التي تواجه العالم، حيث تساهم هذه الأمراض في رفع معدلات الوفيات، خاصة في الدول النامية التي تفتقر إلى بنية تحتية صحية قوية وأنظمة فعالة لمعالجة المياه. المياه غير المعالجة قد تحمل العديد من الكائنات الدقيقة الممرضة، مثل البكتيريا والطفيليات والفيروسات، التي تسبّب أمراضًا خطيرة منها الكوليرا، التيفوئيد، والجيارديا.



تتفاقم هذه الأمراض في المناطق التي تعاني من نقص في موارد المياه الصالحة للشرب وانخفاض الوعي الصحي، مما يتطلب جهودًا متكاملة للتوعية وتحسين وسائل الوقاية.

مع التغيرات المناخية المتزايدة، تشهد الكرة الأرضية ارتفاعًا في درجات الحرارة، ما يهيّئ الظروف لنمو مزيد من الكائنات الدقيقة الضارة وتكاثر الطحالب السامة. ووفقًا لبحوث أجرتها مراكز أمريكية معنية بالصحة البيئية، مثل مركز السيطرة على الأمراض (CDC) وبرنامج أبحاث التغير المناخي، فإن ارتفاع درجات الحرارة يعزز نمو البكتيريا التي تتسبب في الأمراض المعوية ويزيد من انتشار الطفيليات. تتأثر مصادر المياه المفتوحة، مثل البحيرات والأنهار، بشكل أكبر بهذه التغيرات، مما يجعلها بيئة مثالية لتكاثر الطفيليات مثل "نيجليريا فاوليري" التي تسبب التهاب السحايا الأميبي، وهو مرض نادر وشديد الخطورة.

تشمل التدابير الوقائية لمنع انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه تحسين البنية التحتية للصرف الصحي وتوفير أنظمة متطورة لمعالجة المياه. وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن تحسين خدمات الصرف الصحي وتوسيع برامج الوصول إلى المياه النظيفة يمكن أن يخفض من نسبة الوفيات الناتجة عن الأمراض المرتبطة بالمياه بنسبة كبيرة. فعلى سبيل المثال، شهدت بعض الدول تقدمًا ملموسًا في الحد من انتشار الكوليرا عبر تحسين أنظمة المياه وزيادة الوعي العام بضرورة تجنب مصادر المياه غير الآمنة، إلا أن تحقيق ذلك يحتاج إلى تمويل كبير وتعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية.

إضافة إلى الأمراض المنتشرة مثل الكوليرا والتيفوئيد، هناك أمراض مهددة للحياة تسببها الطفيليات مثل الجيارديا، التي تعرف بحمى القندس، إذ تتسبب في أعراض مزعجة مثل الإسهال والغثيان نتيجة شرب مياه ملوثة بالكائنات المجهرية. في ظل تزايد معدلات السفر والهجرة، تتفاقم احتمالية انتقال هذه الأمراض بين البلدان، مما يعزز الحاجة إلى تطوير أنظمة أكثر كفاءة لرصد الأمراض ومكافحتها عبر الحدود.

وفيما يتعلق بمرض "دودة غينيا"، وهو أحد الأمراض الطفيلية التي تنتقل عبر المياه الراكدة، هناك إنجازات كبيرة في محاولات القضاء عليه نهائيًا بفضل جهود مشتركة بين المنظمات الصحية العالمية ودول إفريقية متضررة مثل تشاد ومالي. تشمل الوقاية من هذا المرض البسيطة، مثل تصفية المياه قبل الشرب، أساليب منخفضة التكاليف لكنها شديدة الفعالية، وقد أثبتت نجاحها في خفض أعداد المصابين.

أما عن المرض الخطير المعروف بالتهاب اللفافة الناخر أو "مرض آكل اللحم"، فهو مثال آخر على الأمراض التي يمكن أن تنتقل عبر المياه، وخاصة عندما تتعرض الجروح المفتوحة لمياه ملوثة بالبكتيريا التي تهاجم أنسجة الجسم. من أجل الحماية من هذا المرض، يُنصح الأشخاص بتجنب التعرض لمصادر المياه الطبيعية إذا كان لديهم جروح مفتوحة، خاصة في البحيرات والمحيطات، حيث تنتشر بعض أنواع البكتيريا المسببة لهذا المرض.

ختامًا، تظل الحلول الوقائية، مثل تحسين أنظمة الصرف الصحي، والتعليم حول النظافة الشخصية، وتوفير لقاحات ضد بعض الأمراض مثل التيفوئيد، هي الخطوات الأساسية التي تحتاجها المجتمعات للحد من انتشار الأمراض المنقولة عبر المياه

 

الأمراض المنقولة بالمياه، التغيرات المناخية، البكتيريا والطفيليات، البنية التحتية، الكوليرا، حمى التيفوئيد، التهاب السحايا، الوقاية من الأمراض


Aicha Bouskine
عائشة بوسكين صحافية خريجة المعهد العالي للإعلام والاتصال، باحثة في العلوم السياسية وصانعة محتوى في إعرف المزيد حول هذا الكاتب



الاربعاء 13 نونبر 2024

              














تحميل مجلة لويكاند






Buy cheap website traffic